عقيل: يجب العمل على إصدار صك دولي يٌنظم حركة استيراد الطائرات المسيرة ويمنع وصولها للجماعات المتطرفة
شريف عبد الحميد: أكثر من ثلاثة آلاف مدني هم ضحايا استخدام الحوثيين للطائرات المسيرة
كتب عادل احمد
أصدرت مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان، دراسة جديدة بعنوان “انتهاكات بلا رادع؛ تداعيات استخدام الحوثيين للطائرات المسيرة علي المدنيين في اليمن ودول الجوار” والتي تسلط الضوء على اقتناء جماعة الحوثيين للطائرات المسيرة واستخدامها في انتهاك الحق في الحياة لاسيما ضد المدنيين وفي تهديد دول الجوار، كما لفتت الدراسة الانتباه إلى تقنية هذه الطائرات وطريقة العمل، بجانب ترسانة الحوثيين من هذه الطائرات وصناعتها محليًا، بالإضافة إلى تهريب بعض الدول لمكونات هذه الطائرات إلى الحوثيين بما يخالف قرارات مجلس الأمن الدولي، وآثار هجمات هذا السلاح الخطير علي المدنيين، والأسباب الكامنة وراء تصعيد الحوثيين ضد دول الجوار خاصة السعودية والإمارات وتهديدً الأخيرة بالتوسع في استخدام الطائرات المسيرة ضدها خلال الفترة القادمة.
وأشارت الدراسة إلى ارتفاع وتيرة اقتناء الجماعات المتمردة والجماعات المسلحة والجماعات الفاعلة خارج الدولة للطائرات المُسيرة أو ما تعرف بالطائرات بدون طيار، ويعزو ذلك إلى خفض تكلفتها حيث تقدر تكلفة بعض الطائرات منها بنحو ثلاثة آلاف دولار بجانب سهولة الحصول عليها فهي متاحة تجاريًا ويمكن لأي شخص شراء مكوناتها عبر منصات التسويق الالكتروني. كما تُحد هذه الطائرات من المخاطرة والتضحية بالعنصر البشري، إذ لا تحتاج لطاقم على متن الطائرة لتنفيذ العملية.
وأوضحت الدراسة أن الحوثيين توسعوا في الحصول على تكنولوجيا هذه الطائرات، خلال الفترة الأخيرة رغم الحظر المفروض على تصدير الأسلحة للحوثيين بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2216 وذلك من خلال تهريب مكوناتها عبر بعض دول الجوار، وذلك وفقا لفريق الخبراء التابع لمجلس الأمن. ويتعارض تصدير تكنولوجيا الطائرات المسيرة بشكل عام مع قرار مجلس الأمن رقم ” 1540″ القاضي بحظر إيصال تكنولوجيا الطائرات المسلحة إلى الجماعات الإرهابية. وهو الحظر الذي تضمنته أيضا مذكرة برلين التي وضعها المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب، والتي تضمنت العمل على منع وصول الطائرات بدون طيار إلي الجماعات المسلحة باعتبار ذلك تهديد للجيوش الوطنية.
وكشفت الدراسة على أن مليشيا الحوثي نفذت أكثر من 260 هجومًا إرهابيًا (قد يتشكل الهجوم الواحد من أكثر من 20 طائرة مُسيرة) على أهداف مدنية وعسكرية باستخدام الطائرات المُسيرة بدون طيار في الفترة من 2019 وحتى نهاية يناير 2022 أكثر من 35% من هذه الهجمات وُجهت نحو أهدافًا وأعيانًا مدنية، سواء في اليمن أو في المملكة العربية السعودية أو دولة الإمارات العربية المتحدة، وشهد عام 2021 أكبر عدد من الهجمات بواقع 122 هجوم، فيما شهد عام 2019 ثاني أكبر عدد من الهجمات بواقع 119 عملية بطائرة بدون طيار، 62 عملية أصابت أهدافًا مدنية، فيما يُعد عام 2020 أقل الأعوام التي شهدت هجمات بطائرات مُسيرة حيث لم ترصد مؤسسة ماعت سوي 11 هجومًا بطائرات مُسيرة وقد يرجع ذلك إلي إنه العام الذي شهد بداية جائحة كورونا، ولاحظ التقرير إن ثماني عمليات إرهابية قام بها الحوثيين في عام 2022 من بينهم ثلاثة هجمات وُجهت نحو أهدافًا مدنية ومنشآت حيوية في دولة الإمارات العربية المتحدة. ووفقا للتحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن فإن 851 طائرة مٌسيرة أسقطت على المملكة العربية السعودية فقط منذ انطلاق عاصفة الحزم في مارس 2015 وحتى نهاية عام 2021، وراح ضحية هذه الهجمات 59 مدنيًا.
وفي هذا الإطار؛ قال الحقوقي الدولي ورئيس مؤسسة ماعت أيمن عقيل أن استخدام مليشيا الحوثي لهذه الطائرات الموجهة عن بُعد لها آثار سلبية متعددة على حقوق الإنسان الأساسية بما في ذلك الحق الاسمي من حقوق الإنسان وهو الحق في الحياة وهو الحق المكفول بموجب كافة المواثيق والاتفاقيات الدولية بما في ذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية. وأضاف عقيل أن هجمات الطائرات المسيرة بدون طيار ضد المدنيين أو الفئات المشمولة بالحماية بموجب القانون الدولي الإنساني ترقى إلى عمليات القتل خارج نطاق القضاء.
وطالب عقيل بضرورة الامتثال لقرارات مجلس الأمن وخاصة القرار ” 1540″ القاضي بحظر إيصال تكنولوجيا الطائرات المسلحة إلى الجماعات الإرهابية. وكذلك العمل على إصدار صك دولي يٌنظم حركة استيراد الطائرات بدون طيار ويمنع وصولها للجماعات المتطرفة. مع ضرورة أن تعيد الولايات المتحدة تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية وشمول الأفراد والشركات المتورطة في تصنيع الطائرات المسيرة بالعقوبات.
من جانبه قال شريف عبد الحميد مدير وحدة الأبحاث والدراسات بمؤسسة ماعت أن عدد الضحايا المدنيين جراء استخدام الحوثيين للطائرات المسيرة يقدر بنحو ثلاثة آلاف مدني يتوزعون ما بين قتيل وجريح أغلبهم في اليمن ناهيك عن تضرر الأعيان والمنشآت المدنية مثل المنازل والمستشفيات والمدارس، الأمر الذي يتعارض مع اتفاقيات جنيف الأربعة لاسيما المادة الثالثة المشتركة بين اتفاقيات جنيف والتي تكفل الحماية للمدنيين والأفراد غير المشاركين في الأعمال القتالية في النزاعات المسلحة غير الدولية. وأضاف عبد الحميد أن هجمات الحوثيين باستخدام الطائرات المسيرة سواء داخل اليمن أو الهجمات ضد دول الجوار مثل المملكة العربية السعودية ومؤخرًا التصعيد ضد دولة الإمارات تتعارض مع أحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.
ويري عبد الحميد إن تزويد الدول للمليشيات والجماعات المسلحة بالطائرات المسيرة يٌفاقم من الأوضاع البائسة للمدنيين في مناطق النزاع المسلح، وإن الإطار القانوني لحقوق الإنسان في حاجة ماسة لصك دولي يمنع وصول مكونات الطائرات المسيرة إلى الجهات الفاعلة من غير الدول والجماعات المسلحة.