عقيل: النساء هن الأكثر عرضة للتأثر بالتغيرات المناخية
كتب عادل احمد
في الثامن من مارس من كل عام يحتفل العالم باليوم العالمي للمرأة، والتي مازالت تبحث عن حقوقها في المساواة وعدم التمييز واللاعنف والكرامة الإنسانية، ويشكل هذا اليوم فرصة للفت أنظار العالم إلى قضية المرأة، حيث يحتفل في هذا اليوم بإنجازات المرأة في كل المجالات اعترافاً بحقوقها الإنسانية والمدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وموضوع احتفالية هذا العام هو “المساواة المبنية على النوع الاجتماعي اليوم من أجل غدٍ مستدام”، حيث يعتبر تعزيز المساواة المبنية على النوع الاجتماعي في ظل أزمة المناخ والحد من أخطار الكوارث أحد أكبر التحديات العالمية التي نواجهها في القرن الحادي والعشرين.
وتؤكد مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان أن النساء أكثر عرضة لتأثيرات تغير المناخ من الرجال، فهن يشكلن غالبية فقراء العالم وهن أكثر اعتمادًا على الموارد الطبيعية التي يهددها تغير المناخ بشكل خاص. ولذا يعد الاستمرار في دراسة الفرص — والعوائق أيضًا— لتمكين النساء والفتيات من إيصال أصواتهن ومشاركتهن في صنع القرارات الخاصة بجميع المسائل المتعلقة بالتغير المناخي والاستدامة أمرًا أساسيًا إذا أردنا تحقيق التنمية المستدامة وترسيخ المساواة المبنية على النوع الاجتماعي، حيث إنه لا يمكننا الإنعام بمستقبل مستدام أو متساو دون تحقيق المساواة المبنية على النوع الاجتماعي.
أما في مجال أجندة الأمن والسلام للنساء، تسلط مؤسسة ماعت الضوء أيضاً في هذه المناسبة على قرار مجلس الأمن رقم 1325 الذي إعترف بآثار الحروب والنزاعات المسلحة الداخلية على المرأة وعلى دورها في بناء السلام، والذي تعزز بقرارات لاحقة منها القرار 1820 الذي إعترف بأن العنف الجنسي في حالات النزاع هي قضية أمنية تتطلب رداً أمنياً إضافة إلى باقي القرارات 1888، 1889، 1960 ، 2250 وتسجل المؤسسة هنا ضعف ترجمة دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لإلتزاماتها بموجب هذه الأجندة من خلال صياغة الخطط الوطنية الخاصة بالقرار .
فالنساء تتحمل وطأة الحروب والنزاعات المسلحة أكثر من غيرها من الفئات، والمنطقة العربية ليست استثناءً فقد واجهت النساء عقبات لا حصر لها في أوقات الصراع، وفي أوقات السلم على حد سواء، وبرغم الخطوات الإيجابية التي اتخذتها بعض الدول العربية لتمكين المرأة وحمايتها من خلال تعزيز البنية التشريعية لهذه الدول وضمان تنفيذ هذه التشريعات في الممارسة العملية والقرارات التنفيذية التي ساوت المرأة بالرجل في شتى المجالات بما في ذلك في المجالس النيابية وتخصيص حصص وزارية محددة للنساء في بعض الحكومات العربية، وهو ما عزز مفهوم الأمن الإنساني الذي يرتبط بالتئام جميع فئات المجتمع كوحدة واحدة. وهو ما يفض إلى بناء سلام مجتمعي مستدام يعزز من تحقيق الهدف رقم 16 من أهداف التنمية المستدامة. بيد إنه مع ذلك لا تزال تعترض المرأة في المنطقة العربية عقبات هيكلية تؤخر من إدماجها في صناعة القرار باعتبارها نظير للرجل وغير ناقصة الأهلية.
ومن بين هذه العقبات على سبيل المثال لا الحصر؛ الصورة النمطية عن حقوق المرأة؛ والتي ترى في المعاهدات الدولية مثل اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة مخالفة للأعراف والتقاليد الدينية، بجانب النزاعات المسلحة التي تنتشر في عدد من الدول العربية والتي تهمش النساء وتجعلهن هدفا لطيف واسع من الانتهاكات والممارسات العنيفة وهي ممارسات يعززها سيادة الإفلات من العقاب وعدم المحاسبة على الجرائم مثل العنف الجنسي والاعتداءات البدنية والعنف القائم على أساس النوع الاجتماعي، ويبقى هدف النساء في هذه المناطق ليس حصولهن على حقوقهن المشروعة، لكن كيفية تجنب الإيذاء والوصم والتشهير، وهو ما يجعلها في موقف دفاعي دائم. وحتى على صعيد المجتمع الدولي لم يكن يُنظر للمرأة على كونها شريكًا في منع النزاع وفي إبرام مفاوضات السلام وغيرها من اتفاقيات الهدنة ووقف إطلاق النار.
وبهذه المناسبة قال الخبير الحقوقي الدولي ورئيس مؤسسة ماعت بأن المرأة العربية نالت في السنوات الأخيرة قدرًا وفيرًا من المشاركة في حكومات الدول العربية، وهو ما يمثل خطوة إيجابية، ففي كل من الإمارات وموريتانيا تستحوذ المرأة على تسع حقائب وزارية، وفي مصر تستحوذ المرأة على ثماني حقائب وزارية وهي أعلي نسبة في تاريخ مصر، إلا أنه في المقابل تغيب المرأة عن التشكيل الوزاري في كلا من السعودية واليمن. كما تستحوذ المرأة العربية على عدد من مقاعد البرلمانات ففي الإمارات تستحوذ المرأة على 50% من مقاعد السلطة التشريعية، وفي العراق تمثل النساء في البرلمان بنسبة 29.4% من أعضاء البرلمان، وفي مصر تشكل النساء ما نسبته 27.4% من مقاعد البرلمان.
وأضاف عقيل بأنه على الرغم من كل الإنجازات التي شهدتها مسيرة المرأة، لا تزال الإحصاءات والبيانات تحدث بأن النساء هن الأكثر عرضة للعنف والتمييز واللامساواة، كما أنهم أكثر عرضة لتأثيرات تغير المناخ من الرجال، فهن يشكلن غالبية فقراء العالم وهن أكثر اعتمادًا على الموارد الطبيعية التي يهددها تغير المناخ بشكل خاص، والأقل نصيبا من التنمية والمشاركة في الحياة العامة، وأنهن الأكثر تأثرا بالحروب والنزاعات المسلحة، وأن حقوقهن السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية هي الأكثر انتهاكا، مما ينبئ بأن الطريق أمام استيفاء المرأة لحقوقها الإنسانية لا يزال طويلا، غير أنه ليس مستحيلا.
وفي الأخير تشيد مؤسسة ماعت بالجهود المبذولة والمبادرات التي أطلقتها كل من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والتي تركز على القضاء على جميع أشكال العنف ضد النساء والفتيات، والتي تدفع بها إلى دائرة الضوء وتضعها في طليعة الجهود الرامية إلى تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة.
إرساء لقيمة المرأة واعترافاً بحقوقها الإنسانية، إلا أن الفترة الأخيرة شهدت نقص تمويل المنظمات النسائية أو البرامج التي تستهدف تمكين النساء أو المساواة بين الجنسين، وما زاد الطين بلي هو تغير أولويات المانحين لاسيما بعد جائحة كورونا، الأمر الذي يشكل تحدي لمواصلة الطريق من أجل تمكين المرأة في المنطقة العربية. وتؤكد المؤسسة التزامها الجاد تجاه قضايا المرأة وتعزيز حقوقها الإنسانية، ونحيي كل نساء العالم اللائي يعملن ويجهدن من أجل أسرهن ومجتمعهن دون كلل أو ملل غير عابئات بحلكة الظروف وصعوبة المقادير.