ومن المعلوم بالضرورة أن إدراك صُنّاع القرار العرب والأفارقة لأهمية الدفع بعجلة التعاون الاقتصادي فيما بين دولهم رهنٌ في المقام الأول بتوافر الإرادة السياسية, وهذا في واقع الحال أمرٌ شبه ثابت. ولكن هناك من يشدِّد في المقابل على أن المسألة لا تتعلق بتلك الإرادة فحسب؛ إذ أن هناك – بحسب أولئك – حاجة حقيقية لتوافر تصورات افتراضية جادة لدى صناع القرار لما يمكن أن يُسفِر عنه أي شكل من أشكال التعاون بين الطرفين من عوائد وما يمكن أن يواجهه من معوقات, ودرجة التأثير المتوقع لتلك المعوقات. وذلك في حقيقة الأمر هو ما يجب أن يكون محل اهتمام المتخصصين والجهات والمنظمات ذات العلاقة؛ إذ من المهم أن يسعى كل أولئك لرسم الملامح الافتراضية لمدخلات ومخرجات أي نموذج تعاوني ممكن بين الطرفين.
أقرت اتفاقية الاتحاد الإفريقي لمنع ومكافحة الفساد في عام 2002، ودخلت حيز التنفيذ عام 2003.
عدد المواد
تقع اتفاقية الاتحاد الإفريقي في 28 مادة شاملة التعريفات والأهداف.
التعريفات المتضمنة
عرفت اتفاقية الاتحاد الإفريقي لمكافحة الفساد بأنه «الأعمال والممارسات، بما فيها الجرائم ذات الصلة، التي تحرمها الاتفاقية».
عرفت اتفاقية الاتحاد الإفريقي الموظف العمومي بأنه أي موظف أو موظف دولة أو الوكالات التابعة لها، بما في ذلك من يقع عليه الاختيار أو من يتم تعيينه أو انتخابه للقيام بأنشطة باسم الدولة أو لخدمتها على أي مستوى من مستويات التسلسل الهرمي للسلطة.
ربطت اتفاقية الاتحاد الإفريقي العائدات بلفظ «الفساد»، أين عائدات الفساد فوسعت عائدات الفساد لتشمل الأصول المادية وغير المادية، المتداولة والثابتة، الملموسة وغير الملموسة، وأية وثائق قانونية تثبت ملكية عائدات فساد.
انفردت اتفاقية الاتحاد الإفريقي بتضمين التعريفات مفهوم القطاع الخاص، باعتباره قطاع الاقتصاد الوطني الخاضع للملكية الخاصة، وتحكم عملية تخصيص الموارد الإنتاجية فيه قوى السوق.
خلت اتفاقية الاتحاد الإفريقي من شكل تقسيم الفصول، واكتفت بأن تعالج كل مادة موضوعـًا مختلفـًا، مثل المادة 5 حول اعتماد إجراءات تشريعية خاصة بالإطار المؤسسي لمكافحة الفساد، والإبلاغ عن الفساد، والرقابة المالية، والمادة 6 المعتنية بغسل عائدات الفساد، والمادة 7 المعنية بمكافحة الفساد، والجرائم ذات الصلة في الخدمة العامة، والمادة 8 الخاصة بالكسب غير المشروع، والمادة 9 حول سبل الحصول على المعلومات، والمادة 10 حول تمويل الأحزاب السياسية، والمادة 11 حول القطاع الخاص والمادة 12 حول المجتمع المدني ووسائل الإعلام… إلى المادة 20.
تميزت اتفاقية الاتحاد الإفريقي في تغطيتها القضايا لعل من بينها قضية تمويل الأحزاب السياسية حيث تحدثت عن التدقيق في أصول الأموال التي يتم بها تمويل الأحزاب السياسية واتباع مبدأ الشفافية في الإعلان عن مصادر تمويلها.
بالإضافة إلى الإشارة إلى دور المجتمع المدني والإعلام، خاصة في التشاور معه حول كيفية مكافحة الفساد، وتيسير حصول وسائل الإعلام على المعلومات الخاصة بقضايا الفساد. وقد تفردت اتفاقية الاتحاد الإفريقي عن الاتفاقية الأممية اللاحقة لها في النص صراحة في المادة 9 على الحق في الحصول على المعلومات لمساعدة في مكافحة جرائم الفساد، وإقرار تدابير تشريعية لإعطاء الفعالية لهذا الحق. كما ربطت اتفاقية الاتحاد الإفريقي بينها وببين الاتفاقيات الأخرى في المادة 21 في شكل تقديم ما نصت عليه الاتفاقية في مكافحة الفساد على ما دونها من اتفاقيات ثنائية بشكل ملزم.
آلية متابعة تنفيذ الاتفاقية
تتخذ آلية متابعة الاتحاد الإفريقي، وفقـًا للمادة 22 ذات الاقتراب في تابعة تنفيذ اتفاقيات حقوق الإنسان من حيث انتخاب عدد محدد من خبراء الدول الإفريقية المستقلين من قبل المجلس التنفيذي للاتفاقية، على أن يتمتعوا بأعلى مستويات الشفافية والنزاهة، ويعملون بتجرد ويعبرون عن ذواتهم لمدة سنتين وفق تمثيل جغرافي ونوعي متوازن وتتركز مهام فريق الاستشاريين في جمع البيانات والمعلومات عن قضايا الفساد وتحليلها وتقديم النصح للحكومات بشأن كيفية معالجتها. كما يقوم الفريق الاستشاري باعتماد مدونات سلوك للموظفين العموميين.
يقوم الفريق الاستشاري بإمداد المجلس التنفيذي بتقارير سنوية حول التقدم الذي تحرزه كل دول طرف في الامتثال للاتفاقية. نطاق التطبيق
تعكس التعريفات الواردة في الاتفاقية نطاق التطبيق. وفقـًا للمادة 4 من اتفاقية الاتحاد الإفريقي. يشمل نطاق التطبيق الأشخاص حيث يتم التركيز على سلوكيات الموظف العمومي بشكل رئيسي من جانبي الطلب والعرض في معاملاته مع الأطراف الأخرى من أفراد وشركات، وكذلك الكسب غير المشروع، وإخفاء واستخدام العائدات المتحصل عليها.
ثالثـــًا: الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد*
لقد تركت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد أثرًا إيجابيًا على بقية التجمعات الإقليمية؛ فاتخذ الوطن العربي خطوة مماثلة تبني الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد لسنة ٢٠١٠، وهي اتفاقيـة ذات أهميـة خاصـة لمـا تمثله من تقدم نحو الاتجاه الصحيـح فـي مواجهـة ظاهـرة الفسـاد التي باتت تأخذ أشكالًا مختلفة وأوضاعًا متفاوتة، وبخاصة الفساد المؤسسي الذي يعدُّ الأخطر أثرًا ويصيب مؤسسات الدول بالدمار والتخلف، وذلك عندما يتكامل الفساد الإداري مع الفساد المالي،
وفي ظل غياب الرقابة أو ضعفها، فضلًا عن التأثيرات الكارثية على التنمية والاستقرار والرفاه الاجتماعي؛ مما يؤدي إلى تعميم مظاهر الفساد وتوطينه في القيم المجتمعية. وهنا يأتي دور الاتفاقية العربية لتعمل كحائط صد في مواجهة الفساد المستشري لأجل تصويب عملية متراكمة من الممارسات الفاسدة؛ مما سيرتد في آخر المطاف إيجابًا على التنمية البشرية والاجتماعية والنهوض بحقوق الإنسان، والاستقرار السياسي.
الجهود التي سبقت الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد
تعتبر الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد لسنة 2010 من الاتفاقيات العربية الحديثة في مجال مكافحة الفساد على مستوى العالم العربي، ولقد جاءت الاتفاقية متأخرة بعض الشيء مقارنة بالتقدم الهائل الذي شهدته المناطق الأخرى؛ حيث نجد أن التجمعات الإقليمية والقارية الأخرى قد حققت تقدمًا ملحوظًا في مجال التقنين لمكافحة الفساد من سنين خلت؛ حيث تبنت منظمة الدول الأمريكية اتفاقية البلدان الأمريكية لمكافحة الفساد عام 1996، ثم بعد ذلك القارة الأوروبية حيث اتفاقية مكافحة الفساد بين موظفي الجماعات الأوروبية أو موظفي الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، التي اعتمدها مجلس الاتحاد الأوروبي في 26 مايو1997. واتفاقية مكافحة رشو الموظفين العموميين الأجانب في المعاملات التجارية الدولية، التي اعتمدتها منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي في 21 نوفمبر1997، واتفاقية القانون الجنائي بشأن الفساد، التي اعتمدتها اللجنة الوزارية لمجلس أوروبا في 27 يناير 1999، واتفاقية القانون المدني بشأن الفساد، التي اعتمدتها اللجنة الوزارية لمجلس أوروبا في 4 نوفمبر 1999، واتفاقية الاتحاد الإفريقي لمنع الفساد ومحاربته، التي اعتمدها رؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي في 12 يوليو 2003. وجاءت الاتفاقية العربية على إثر هذه الجهود الدولية والإقليمية.
البناء الهيكلي والقانوني للاتفاقية
الاتفاقيات العربية لمكافحة الفساد لسنة 2010
وضعت الاتفاقية العربية مجموعة متباينة من الالتزامات على عاتق الدول الأطراف فيها، كصياغة أنظمة تجرّم أفعالًا معينة، كالرشوة، واستغلال النفوذ، وغسل الأموال، والإثراء غير المشروع، وغسل عائدات الفساد، ونحو ذلك، كما تهدف لعدة أمور أخرى، منها: تعزيز التدابير الرامية إلى الوقاية من الفساد ومكافحته وكشفه بكل أشكاله، وسائر الجرائم المتصلة به وملاحقة مرتكبيها،
وتعزيز النزاهة والشفافية والمساءلة، وتعزيز التعاون العربي في ذلك، وتشجيع الأفراد ومؤسسات المجتمع المدني على المشاركة الفعّالة لمنع ومكافحة الفساد، ومن الأهداف سالفة الذكر هذه تتضح أهمية الاتفاقية العربية، والتي نجاحها يقوم ويرتكز في النهاية على التعاون الدولي الفعّال في هذا الخصوص، حيث إن التعاون في مجال مكافحة الفساد، هو لب هذه الاتفاقية وجوهرها، وهو عنوانها الأساسي، وبدونه لن يتم تحقيق أهدافها؛ لأن الفساد في عالم اليوم يتحرك بين الحدود الدولية تمامًا كما ينشط في داخل الدول، لأجل ذلك جاءت أغلب مواد هذه الاتفاقية ملزِمة بالتعاون، ومبيّنة أهميته في مكافحة الفساد.
وقد حررت هذه الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد باللغة العربية على اعتبارها اللغة الرسمية الوحيدة لجامعة الدول العربية – وهو أمر نادر الحدوث أن يجد المرء تجمعًا إقليميًا يتحدث لغة واحدة كما هو الحال لدى جامعة الدول العربية – وقد حررت الاتفاقية بمدينة القاهرة في جمهورية مصر العربية في 15/1/1432هـ، الموافق 21/12/2010م من أصل واحد، وبلغة واحدة هي العربية، أودعت بالأمانة العامة لجامعة الدول العربية.
ولقد جاءت الاتفاقية العربية علي إثر اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2003، وقد مثلت الأخيرة النِّبْرَاسَ واِتَّخَذَتهُ الدول العربية قُدْوَةً وَمثالًا والذي بموجبه اهتدت وهي تضع إطارًا قانونيًا موحدًا للدول الأطراف لمكافحة الفساد، وفق نظامها الداخلي وذلك حتى تتمكن هذه الدول من إنشاء هيئات وطنية لمكافحة الفساد في كل دولة، والاستفادة من الخبرات المتبادلة في هذا المجال. وتطبيقًا لذلك فقد أقرت الدول العربية الاتفاقية العربية، استجابةً منها، وتفهّمًا لمخاطر الفساد.
تظهر الديباجة رغبة الدول العربية الموقعة لتبني هذه الاتفاقية واقتناعًا منها بأن الفساد ظاهرة إجرامية متعددة الأشكال ذات آثار سلبية على القيم الأخلاقية والحياة السياسية والنواحي الاقتصادية والاجتماعية. وتظهر الديباجة الرغبة في تفعيل الجهود العربية والدولية الرامية إلى مكافحة الفساد والتصدي له بما في ذلك تسليم المجرمين وتقديم المساعدة القانونية المتبادلة، وكذلك استرداد الممتلكات، باعتبار الفساد ظاهرة عابرة للحدود الوطنية. وتتميز ديباجة هذه الاتفاقية بأنها قصيرة حيث تتكون من خمس فقرات فقط، بينما تتكون ديباجة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2003 من خمس عشرة فقرة حسب صياغة النص الأصلي للاتفاقية.
وبينت ديباجة الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد اقتناع الدول العربية بأن الفساد ظاهرة إجرامية متعددة الأشكال، سلبية الآثار وقد أظهرت الدول الرغبة في مكافحة الفساد والتصدي له، وأكدت ذلك بقولها: “والتزاما منها بالمبادئ الدينية السامية والأخلاقية النابعة من الأديان السماوية ومنها الشريعة الإسلامية الغراء وبأهداف ومبادئ ميثاق جامعة الدول العربية وميثاق الأمم المتحدة والاتفاقيات والمعاهدات العربية والإقليمية والدولية في مجال التعاون القانوني والقضائي والأمني للوقاية ومكافحة الجريمة ذات الصلة بالفساد، والتي تكون الدول العربية طرفًا فيها ومنها اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد”.
محتوى الاتفاقية العربية وتقسيماتها
تتكون الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد لسنة 2010، من خمس وثلاثين مادة شاملة، بعكس النهج الذي اتبعته اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2003 من حيث تقسيم الاتفاقية إلى فصول تتناول مختلف المواضيع، فإن الاتفاقية العربية أوردت المواد الخمس والثلاثين جملة واحدة دون تقسيمها إلى فصول تحمل رؤوس تلك المواضيع، بيد أن ترتيب المواد من حيث تناول الموضوعات جاء على نسق الاتفاقية الأم وأعني بذلك اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2003، مع ملاحظة أن الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد أوردت خمس وثلاثين مادة، وهي أقل من نصف مواد اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والتي تتكون من إحدى وسبعين مادة، مُقسمة إلى ثمانية فصول، تسبقها ديباجة شاملة.
جاء في مقدمة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد أن تحقيق ثروة شخصية بصورة غير مـشروعة يمكن أن يلحق ضررًا بالغًا بالمؤسسات الديمقراطية وبالاقتصاد ويقوِض سيادة القانون.
وتدخل اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد تحت مظلة هيئة الأمم المتحدة، وقـد تبنتهـا الجمعيـة العامة في أكتوبر عام 2003 ووقعت وصادقت عليها 119 دولة حتى 18 يونيو عـام 2008 مـن بينها 14 دولة عربية، وقد تناولت الاتفاقية خطورة ما يطرحه الفساد من مـشاكل ومخـاطر علـى استقرار المجتمعات وأمنها مما يُقوِض من مؤسسات الديمقراطية والقيم الأخلاقية والعدالة ويعـرض التنمية وسيادة القانون للخطر، بالإضافة إلى تشجيع الفساد على استفحال أشكال أخرى من الجـرائم من أهمها الجريمة المنظمة وجرائم غسل الأموال.
كما قامت الأمم المتحدة بموجب قرار الجمعية العامة رقم (25) في الـدورة الخامـسة والخمـسين باعتماد اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة في 15 نوفمبر 2005م.
وقد مثلت المعاهدة الأفريقية لمنع ومحاربة الفساد التي تتبع الاتحاد الأفريقي ودخلت حيـز التنفيـذ في 5 أغسطس 2006م إطارا إقليميًا هاماً لمكافحة الفساد على مستوى القارة الأفريقية يـربط بـين الفساد وانتهاك حقوق الإنسان في كافة صورها. ويضاف إلى الجهود الدولية السابقة قيام منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي OECD بتبني اتفاقيـة مكافحة رشوة المسئولين الأجانب في معاملات الأعمال الدولية، وقد تم التوقيع على الاتفاقية من قبل الدول الأعضاء في المنظمة في 17 مارس 1997 ،وانضمت إليها عدد من الدول غير الأعضاء في المنظمة مثل الأرجنتين والبرازيل وتشيلي واستونيا و سلوفينيا وجنوب أفريقيا. كما جاء مشروع الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد نتاجًا للتوصيات التي صدرت عن مجلـس وزراء العدل العرب في ختام أعمال دورته العادية أل 21 في ديسمبر 2005م، حيث دعا المجلس الـدول العربية إلى التوقيع والتصديق عليها، وأعطى الدول ما بين ثلاثة إلى ستة أشهر لإبـداء تعليقاتهـا ومقترحاتها عليها، وجدير بالذكر أن مجلس وزراء العدل العرب سوف يعتمد مشروع الاتفاقية فـي شهر نوفمبر 2008م، وسيعتمدها مجلس وزراء الداخلية العرب في شهر ينـاير 2009 ،علـى أن تدخل حيز التنفيذ بدءًا من شهر فبراير 2009م.
لقد تضمنت اتفاقيات مكافحة الفساد، وبالأخص اتفاقية الأمم المتحـدة لمكافحـة الفـساد، المعاهـدة الأفريقية لمنع ومحاربة الفساد ومشروع الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد معـايير وقائيـة وأخـرى عقابية وكذلك آليات للتعاون الدولي، ولكنها تختلـف مـن حيـث تفاصـيل النـصوص ونطـاق تطبيقها الجغرافي، وقد قامت مصر بالتوقيع على اتفاقية الأمم المتحـدة لمكافحـة الفـساد بتـاريخ 9 ديسمبر 2003.
تهدف الاتفاقيات المشار إليها إلى:-
ترويج و تدعيم التدابير الرامية إلى منع ومكافحة الفساد بصورة أكفأ.
ترويج وتيسير ودعم التعاون الدولي والمساعدة القضائية في مجال منع ومكافحة الفساد بما فـي ذلك في مجال استرداد الموجودات.
تعزيز المساءلة والنزاهة والإدارة السليمة للشئون العمومية والممتلكات العمومية.
النص على صون السيادة بعدم التدخل في الشئون الداخليـة للـدول وحظـر أن تقـوم دولـة بممارسة الولاية القضائية في إقليم دولة أخرى، وهو ما حرصت عليه اتفاقية الأمـم المتحـدة والاتفاقية العربية.
تضمنت الاتفاقيات نوعين من النصوص، نصوص وقائية وأخرى عقابية.
فيما يتعلق بالنصوص الوقائية فقد جاءت مفصلة في اتفاقية الأمم المتحدة عنها في اتفاقيـة الاتحـاد الأفريقي ومشروع الاتفاقية العربية وتعالج هذه النصوص المساْئل الآتية:
السياسات وممارسات محاربة الفساد.
جهاز أو أجهزة مكافحة الفساد.
مبادئ القطاع العام وإجراءاته.
ماليات القطاع العام.
النفاذ للمعلومات والتقارير العامة.
الوعي والتعليم العام.
مبادئ القطاع الخاص بما في ذلك نظم المحاسبة والمراجعة الحسابية.
أما فيما يتعلق بالنصوص العقابية، فقد دعت الاتفاقيات الـثلاث الحكومـات الوطنيـة إلـى تبنـى التشريعات اللازمة وغير ذلك من الإجراءات لتجريم الأفعال التي تشكل جرائم الفـساد، واختلفـت الاتفاقيات الثلاثة في القوة الإلزامية للنصوص المتصلة بالأفعال المجرمة وذلك على النحو التالي:
بالإضافة إلى ما تقدم، فقد تضمنت الاتفاقيات نصوص تجرم أفعال وثيقة الصلة بالفساد أو مرتبطـة به مثل: غسل عوائد الفساد، إخفاء أو استمرار الاحتفاظ بعوائد الفساد، مساعدة أو تشجيع الفساد.
تطرقت نصوص الاتفاقيات الثلاثة لأوجه التعاون الدولي المتطلبة لمكافحة الفساد ومن ضمنها:
وسائل تسليم المجرمين وحالاته.
المساعدات القانونية المتبادلة في مجالات التحقيق والاتهام والإجراءات القانونية.
التعاون في مجال إنفاذ القانون بما في ذلك وسائل إجراء التحقيقات المشتركة بـين الـدول الأطراف وأساليب التحقيق الخاصة.
تضمنت اتفاقية الأمم المتحدة والمعاهدة الأفريقية نصوصًا خاصة بعدد من المسائل مثل:
استعادة الأصول.
المعاونة الفنية (اتفاقية الأمم المتحدة).
آليات تنفيذ الاتفاقية.
وضع ضوابط لعمل القطاع الخاص.
تسمح الاتفاقيات الثلاث باتخاذ إجراءات مثل تجميد وحجز ومصادرة الأصول التي تم تحصيلها عن طريق الأفعال المجرمة المنصوص عليها، كما أتاحت اتفاقية الأمم المتحدة والاتفاقية العربية التعويض عن الأضرار الناجمة من جراء فعل من أفعال الفساد.
وضعت اتفاقية الأمم المتحدة والاتفاقية العربية تنظيمًا متكاملاً بصدد تعقب الأصول الناجمة عن أفعال الفساد وتجميدها ومصادرتها، بل وأشارتا إلى أن إعادة الأصول إلى أصحابها الـشرعيين هو من المبادئ الرئيسية لهاتين الاتفاقيتين وستلتزم الدول الأطـراف بتـوفير أوسـع لمعـايير المساعدة فيما بينها في هذا الشأن.
حرصت اتفاقية الأمم المتحدة والاتفاقية العربية على إفراد نـص لحمايـة الـشهود والمبلغـين وضحايا جرائم الفساد ولم يرد باتفاقية الاتحاد الأفريقي مثل هذه الحماية.
حظرت الاتفاقيات الثلاثة على أية دولة طرف فيها الامتناع عن تقديم المساعدة القانونية المتبادلة تنفيذا لأحكام الاتفاقية بحجة السرية المصرفية.
فيما يتعلق بإبداء التحفظات، فقد أجازت معاهدة الاتحاد الإفريقـي أثنـاء توقيـع أو تـصديق أو الموافقة على الاتفاقية إبداء تحفظات بشأن نصوص معينة بالاتفاقية علـى ألا تكـون تلـك التحفظات متعلقة بأهداف الاتفاقية، بينما اقتصرت التحفظات في اتفاقية الأمم المتحدة على بـاب تسوية المنازعات، فيما حظرت الاتفاقية العربية أن تبدي أي تحفظ ينطوي على مخالفة نصوص الاتفاقية أو الخروج على أهدافها.
وعموماً يمكن تلخيص أوجه التشابه والاختلاف فيما بين تلك الاتفاقيات على النحو التالي :
أوجه التشابه والاختلاف في اتفاقية الأمم المتحدة والاتفاقية العربية لمكافحة الفساد
بمقارنة اتفاقية الأمم المتحدة والاتفاقية العربية لمكافحة الفساد يتضح أن الأولى اشتملت بالإضافة إلى الديباجة على (71) مادة وزعت على (8) فصول أما الثانية فقد تضمنت (35) مادة بجانب الديباجة ، إلا أن يلاحظ أن تلك المواد الخمس والثلاثين لم تخرج في مجملها عن المواد الواحد والسبعين إلا أن مواد الاتفاقية العربية قد جمعت اكثر من مادة من اتفاقية الأمم المتحدة (60 مادة على نحو مباشر ، وعدد (6) مواد على نحو غير مباشر) على النحو التالي :-
تقع اتفاقية الأمم المتحدة في (71) مادة شاملة التعريفات والأهداف في حين تقع اتفاقية الاتحاد الأفريقي في (28) مادة شاملة التعريفات والأهداف . وتبدو أوجه التشابه والاختلاف في الاتي :-
التعريفات المتضمنة في الاتفاقيتين
يلاحظ فى اتفاقية الاتحاد الإفريقي لمكافحة الفساد أنها عرفت الفساد بأنه ” الأعمال والممارسات ، بما فيها الجرائم ذات الصلة التي تحرمها الاتفاقية ، في حين ان اتفاقية الأمم المتحدة لم تعرف الفساد .
اشتركت الاتفاقيتان في تعريف العائدات وقرنت الاتفاقية الأولى العائدات بلفظ “الجريمة” إلى العائدات الإجرامية ، في حين ربطت اتفاقية الاتحاد الأفريقي العائدات بلفظ “الفساد” أي عائدات الفساد ، وبذلك تكون اتفاقية الاتحاد الإفريقي اكثر شمولاً في تعريف العائدات المتحصلة عن ممارسات فاسدة .
انفردت اتفاقية الاتحاد الإفريقي بتضمن التعريفات مفهوم القطاع الخاص ، باعتباره قطاع الاقتصاد الوطني الخاضع للملكية الخاصة في حين لم يرد ذكر القطاع الخاص في التعريفات لدى اتفاقية الأمم المتحدة
الفصول والموضوعات
اذا كانت اتفاقية الأمم المتحدة قد احتوت على ثمانية فصول ، منها خمسة فصول تشكل المضمون الفني للاتفاقية ، فإن اتفاقية الاتحاد الأفريقي قد خلت من شكل تقسيم الفصول واكتفت بآن تعالج كل مادة موضوعاً مختلفاً . تميزت اتفاقية الاتحاد الإفريقي في تغطيتها لقضايا لم تطرحها اتفاقية الأمم المتحدة رغماً أنها جاءت لاحقة عليها منها قضية تمويل الأحزاب السياسية بالإضافة إلى الإشارة إلى دور المجتمع المدني والإعلام وتيسير حصول وسائل الإعلام على المعلومات الخاصة بقضايا الفساد.
آلية متابعة تنفيذ الاتفاقية
تختلف طبيعة متابعة تنفيذ الاتفاقية ، حيث تطبق المادة (22) من اتفاقية الاتحاد الإفريقي على الية المتابعة من خلال فريق استشاري لمتابعة التقدم الذى تحرزه كل دولة في الامتثال للاتفاقية ، أما المادة (63) من اتفاقية الأمم المتحدة فقد أشارت إلى عقد مؤتمر الدول الأطراف لمساعدة الدول وتشجيعها على تنفيذ الاتفاقية .
نطاق التطبيق
تعكس التعريفات الواردة في الاتفاقيتين نطاق التطبيق ، فوفقاً للمادة (3) من اتفاقية الأمم المتحدة يشمل نطاق التطبيق الممارسات ، كالمنع ، والتحري والملاحقة والتجميد والحجز والإرجاع .
أما وفقاً للمادة (4) من اتفاقية الاتحاد الإفريقي فأن نطاق التطبيق يتضمن الأشخاص ، حيث تم التركيز على سلوكيات الموظف العمومي بشكل رئيسي من جانبي الطلب والعرض في معاملاته مع الأطراف الأخرى من أفراد وشركات ، وكذلك الكسب غير المشروع ، وإخفاء واستخدام العائدات المتحصل عليها 1 – العمل على إعداد خطة استراتيجية متكاملة لمكافحة الفساد ومنعه بالقارة الإفريقية تشمل مجالات التعليم والبحث العلمي والإعلام والقضاء والمكافحة الفنية وتعزيز التنمية الاقتصادية والبشرية، من خلال تشكيل لجنة مشتركة من الأجهزة المعنية بإعداد ومتابعة الاستراتيجيات الوطنية والخبراء بالدول الإفريقية.
2- تضافر الجهود لوضع مؤشر إفريقي لقياس الفساد فى إفريقيا بحيث يكون نابعا من السياق الإفريقي ومعبرا عن واقع الحال في القارة الإفريقية وخصوصيته مع مراعاة الفروق الفردية بين الدول الإفريقية بعضها البعض.
3- تدشين منصة قارية من خلال نقاط اتصال وطنية تتولى متابعة تطورات قضايا الفساد ونتائج جهود المكافحة ومتابعة التزام دول القارة الموقعة على اتفاقيتي الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي لعام 2003، من حيث قيام كل دولة باتخاذ ما يلزم من تدابير وإجراءات وفقا لنظامها القانوني ومبادئها الدستورية لضمان الحد من ظاهرة الفساد، على أن تجتمع سنويا وتعلن نتائج عملها وتوصياتها.
4- إعداد آلية إلكترونية مؤمنة للتبادل الفوري للمعلومات عن جرائم الفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب بين الدول ذات الاهتمام المشترك مع التوسع في نشر جهود أجهزة مكافحة الفساد المختلفة في الدول الإفريقية لتوعية المواطنين عامة وتحفيزهم على الإبلاغ عن الفساد بكل صوره.
5- إنشاء آلية قانونية للتعاون بين دول القارة بشأن استرداد عوائد الفساد تكون على شكل بروتوكول ملحق بالاتفاقية الإفريقية لمكافحة الفساد على أن تكون قرارات هذه الآلية ملزمة لكافة الدول الأطراف في الاتفاقية الإفريقية لمكافحة الفساد.
6- ضرورة إجراء مراجعة مستمرة لآليات مكافحة الفساد والعمل على تطويرها لتتماشى وخصوصية الدولة التي ستطبق فيها مع تأكيد الأهداف المشتركة للدول الإفريقية في تحقيق مستوى عال من الشفافية، على أن يتم ذلك في المؤتمر السنوي لاتحاد هيئات مكافحة الفساد.
7- تعزيز التعاون مع الشركاء الدوليين لتوفير الإمكانات التمويلية والفنية لمكافحة الفساد بما يحقق المصالح المشتركة بينهم.
8- التوسع في إبرام مذكرات تفاهم وبروتوكولات تعاون بين الأكاديمية الوطنية لمكافحة الفساد بمصر ومراكز التدريب والأجهزة الرقابية في الدول الإفريقية لتدريب وتأهيل الكوادر الإفريقية في مجالات منع ومكافحة الفساد ونشر قيم النزاهة والشفافية.
9- دراسة وضع آلية منتظمة لعقد المنتدى وبصفة دورية يعرض فيها الموقف التنفيذي للتوصيات التي تصدر عن المنتديات دوريا.
10- تطوير قدرات الجهات العاملة في مجال مكافحة الفساد للتعرف على الطرق المستحدثة في غسل عائدات جرائم الفساد، مع اتخاذ إجراءات جادة للتعرف على أسباب ضعف استرداد الموجودات في إفريقيا لتحديد أماكن الأصول المهربة وحجزها واستردادها.