على خلفية الحرب في أوكرانيا .. وقضية تايوان
استراتيجية أمريكية ..لمواجهة الصين كقوة عظمى!
بكين تخطط لحماية أصولها في الخارج .. خوفًا من عقوبات غربية!
تشارلز ريتشارد: لدينا “فجوة ردع” .. أمام ما حققته بكين وموسكو
الصــين تمتلك 360 صومعــة للصــواريخ الباليســتية العــابرة للقــارات.. وحققت تقدمًا كبيرًا في الصواريخ النووية التي تُطلق من الجو والغواصات
تقرير يكتبه
عبد المنعم السلموني
يستعد الرئيس الأمريكي جو بايدن للقيام برحلة إلى آسيا في وقت لاحق من هذا الشهر، يزور خلالها كلا من كوريا الجنوبية واليابان، حيث تهيمن على الزيارة كيفية التعامل مع صعود الصين، وستصدر إدارته قريبًا أول استراتيجية للأمن القومي حول ظهور الصين كقوة عظمى.
ومن المقرر أن يزور بايدن طوكيو وسيول في أول رحلة له إلى آسيا كرئيس، وهي رحلة لن تشمل التوقف في الصين. كما سيلتقي مع القادة الهنود والأستراليين خلال اجتماع “الرباعي” في طوكيو.
على صعيد آخر، صرح مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وليام بيرنز، إن الصين تراقب الصراع الروسي في أوكرانيا وإن هذا الصراع يؤثر على حسابات القادة الصينيين بشأن تايوان، الجزيرة المتمتعة بالحكم الذاتي والتي تطالب بها بكين.
وقال بيرنز، متحدثًا في فعالية لصحيفة فاينانشيال تايمز بواشنطن، إن الحكومة الصينية صُدمت بمقاومة أوكرانيا الشرسة للغزو الروسي والتكاليف الاقتصادية التي تتحملها روسيا.
وذكرت وكالة رويترز أنه حذر من أن ذلك لن يغير أهداف الزعيم الصيني شي جين بينج على المدى الطويل بشأن تايوان.
وكانت بكين وموسكو قد أعلنتا عن شراكة استراتيجية “بلا حدود” قبل عدة أسابيع من الغزو في 24 فبراير، وقامتا بتوثيق علاقات الطاقة والأمن في السنوات الأخيرة لصد الولايات المتحدة والغرب.
وقال بيرنز: “أعتقد أن التجربة المريرة لروسيا بوتين في أوكرانيا على مدى 11 أسبوعًا الماضية تثبت أن تلك الصداقة لها في الواقع بعض الحدود”.
وتشير التقارير إلى أن الصين تتخذ خطوات لحماية أصولها في الخارج، وسط مخاوف من أن البلاد قد تتعرض في يوم من الأيام لعقوبات قاسية، مماثلة لتلك المفروضة على روسيا.
ولا شك في أن الغزو الروسي لأوكرانيا قدم دروسًا قاسية للصين، خصوصًا فيما يتعلق بسعي بكين لضم تايوان. ووفقًا لصحيفة فاينانشيال تايمز، عقد المسؤولون الصينيون مؤخرًا اجتماعًا طارئًا مع البنوك المحلية والأجنبية لمناقشة كيفية حماية الدولة لأصولها، في حالة مواجهة عقوبات مماثلة.
وذكرت مصادر مطلعة، إن الاجتماع عُقد يوم 22أبريل وضم مسؤولين من البنك المركزي الصيني ووزارة المالية، ومسؤولين تنفيذيين من عشرات البنوك المحلية والدولية مثلHSBC ، وممثلين من البنوك المحلية الأخرى العاملة في الصين.
وقالت مصادر للصحيفة: “إذا هاجمت الصين تايوان، فإن فصل الاقتصادات الصينية عن نظيراتها الغربية سيكون أكثر شدة من [الانفصال] عن روسيا لأن البصمة الاقتصادية للصين تمس كل جزء من العالم”.
وذكر موقع بيزنس إنسايدر أن الصين وروسيا تعملان على إيجاد بديل محلي لنظام سويفت SWIFT للدفع، وهو نظام روسيا لتحويل الرسائل المالية، ونظام الدفع الصيني العابر للحدود بين البنوك.
ويشير تقرير لصحيفة ساوث تشاينا مورننج بوست، إلى أن الصين تمتلك 3.2 تريليون دولار من الاحتياطيات الأجنبية. وقالت الفاينانشيال تايمز أن كبار المنظمين، بما في ذلك يي هويمان، رئيس لجنة تنظيم الأوراق المالية الصينية، وشياو جانج، رئيس لجنة تنظيم الأوراق المالية في الفترة من 2013 إلى 2016، سألوا المصرفيين حول كيفية التمكن من حماية الأصول الخارجية للبلاد.
في الوقت نفسه أجرت الولايات المتحدة الأسبوع الماضي، محادثات رفيعة المستوى مع المملكة المتحدة حول كيفية تعاونهما بشكل أوثق لتقليل فرص نشوب حرب مع الصين فيما يخص تايوان واستكشاف خطط طوارئ للصراع لأول مرة.
وكان كيرت كامبل، منسق البيت الأبيض لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ، ولورا روزنبرجر، أكبر مسؤول عن الشؤون الصينية بمجلس الأمن القومي الأمريكي، عقدا اجتماعا في تايوان مع ممثلين عن المملكة المتحدة أوائل مارس الماضي وذلك ضمن اجتماعات موسعة استمرت يومين حول استراتيجية المحيطين الهندي والهادئ.
ويهدف حوار تايوان إلى استكمال المناقشات الأكثر تقدمًا التي تجريها الولايات المتحدة مع اليابان وأستراليا، حيث كثفت بكين نشاطها العسكري حول تايوان.
وخلال العام الماضي، قامت الصين بإجراء المزيد من الطلعات الجوية للطائرات المقاتلة والقاذفات والطائرات الحربية الأخرى بالقرب من الجزيرة. وقال الأدميرال جون أكويلينو، رئيس القيادة الأمريكية في المحيطين الهندي والهادئ، للفاينانشيال تايمز، خلال رحلة إلى أستراليا لدعم التحالف، إن حرب أوكرانيا أكدت الخطر الذي تشكله الصين على تايوان.
وفي إشارة إلى تعزيز التعاون مع المملكة المتحدة، أمضت حاملة الطائرات البريطانية HMS Queen Elizabeth أكثر من ستة أشهر من العام الماضي بين المحيطين الهندي والهادئ. ورحب هينو كلينك، المسؤول الكبير السابق في البنتاجون والمختص بشؤون آسيا، بالمشاورات الأمريكية البريطانية بهذا الشأن. وقال إنها جاءت في أعقاب عمليات الانتشار البحرية الأوروبية في المحيطين الهندي والهادئ التي زادت العام الماضي بعد أن أجرت إدارة بايدن مناقشات مع الحلفاء الأوروبيين حول تعزيز العمليات في بحر الصين الجنوبي.
قال كلينك: “إن ردع العدوان الصيني على تايوان في مصلحة الجميع، فهي ليست مجرد قضية المحيطين الهندي والهادئ، إنها قضية عالمية”.
وفي الأشهر الأخيرة، اختلفت الولايات المتحدة والصين حول شروط اتفاق التجارة الأول بينهما، والذي انتهى العام الماضي ولم يتم تجديده. كما اشتدت حدة التنافسات الاقتصادية والتكنولوجية بينهما.
ويقول تقرير لوكالة أسوشيتدبرس: “الآن، تحول الاهتمام الأمريكي بشكل متزايد إلى تايوان بعد رفض بكين إدانة الغزو الروسي لأوكرانيا.” خلال اجتماع افتراضي، استعرضت الممثلة التجارية الأمريكية كاثرين تاي ونظيرها التايواني جون دينج التقدم المحرز في قضايا التجارة الثنائية. وجاء اجتماعها مع دينج بعد وقت قصير من زيارة ستة نواب أمريكيين لتايوان لإظهار دعمهم للجزيرة في تحد لبكين.
وقال المتحدث باسم الخارجية الصينية، وانج وين بين، إن تايوان وأوكرانيا مسألتان مختلفتان، ودحض المقارنة المتعمدة بين الاثنتين من جانب بعض السياسيين الأمريكيين. وقال: “إن مثل هذا اللعب بالنار هو بالضبط ما غير الوضع الراهن عبر المضيق.”
من جانبه، حذر قائد القيادة الاستراتيجية الأمريكية، التي تشرف على الترسانة النووية، من أن واشنطن تواجه خطر ردع نووي متزايد عندما يتعلق الأمر بروسيا والصين.
قال الأدميرال تشارلز ريتشارد أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ: “نواجه في الوقت الحالي أزمة ردع، لم نشهدها سوى مرات قليلة في تاريخ أمتنا”. “الحرب في أوكرانيا والمسار النووي للصين –ما حققته الصين وروسيا من اختراق استراتيجي -يوضح أن لدينا فجوة في الردع.”
وذكر موقعnews.yahoo.com أن ريتشارد، عضو مجلس الأسلحة النووية، قال خلال جلسة الاستماع الأولى باللجنة الفرعية للقوات المسلحة الاستراتيجية التابعة لمجلس الشيوخ: “إن الصين “تراقب الحرب في أوكرانيا عن كثب ومن المرجح أن تستخدم الردع النووي لصالحها في المستقبل. هدفهم هو تحقيق القدرة العسكرية لإعادة توحيد تايوان بحلول عام 2027 إن لم يكن قبل ذلك “.
وقال إن “الصين توسعت من الصفر إلى ما لا يقل عن 360 صومعة للصواريخ الباليستية العابرة للقارات، والتي تعمل بالوقود الصلب”، كما حققت الصين تقدمًا كبيرًا في صواريخها النووية التي تُطلق من الجو والغواصات.
ويشير تقرير لوكالة أسوشيتد برس إلى أنه لا يوجد بلد يولي اهتمامًا أوثق من الصين لكيفية قيام قوة صغيرة وغير متفوقة تسليحيًا باستنزاف ما كان يُعتقد أنه أحد أقوى الجيوش في العالم.
ويرى الخبراء إن الزعيم شي جين بينج سيحلل بعناية نقاط الضعف التي كشف عنها غزو أوكرانيا لأنها قد تنطبق على جيش التحرير الشعبي لبلاده، ومخططاته لجزيرة تايوان التي تتمتع بالحكم الذاتي.
قال ديفيد تشين، كبير المستشارين في شركةCENTRA Technology ، وهي شركة خدمات حكومية مقرها الولايات المتحدة، إن الصين لم تشهد حربًا كبيرًة مؤخرًا يمكن من خلالها قياس قوتها العسكرية، بعد أن خاضت آخر مشاركة مهمة لها عام 1979 ضد فيتنام.
“أظهرت تجربة روسيا في أوكرانيا أن ما يبدو معقولاً على الورق في أكاديمية العلوم العسكرية أو جامعة الدفاع الوطني قد يصبح أكثر تعقيدًا على أرض الواقع”.
وقد بدات الصين منذ تولي شي السلطة عملية إصلاح عسكرية في الجيش الصيني الهدف المعلن لها هو “القتال وكسب الحروب” ضد “عدو قوي”، وهو تعبير ملطف يُفهم على نطاق واسع أنه يشير إلى الولايات المتحدة.
وكان أكبر ضابط عسكري في الولايات المتحدة قد وجه تحذيراً خطيراً من أن العالم أصبح أكثر اضطرابًا، مما يزيد من فرص نشوب صراع مدمر بين الولايات المتحدة والقوى العالمية الأخرى.
وقال مارك ميلي، رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة، إن على الولايات المتحدة وحلفائها الاستعداد للحرب في أوكرانيا التي ستستمر لسنوات.
جاء ذلك على خلفية تحذيرات شبه يومية من أن الصين تستعرض عضلاتها في المحيطين الهندي والهادئ وحول العالم.
وقال إن “الولايات المتحدة تمر بنقطة تحول جيو-إستراتيجية حرجة للغاية وتاريخية”.
وبعد فترة وجيزة من إدلائه بتصريحاته، أعلن البيت الأبيض أن الولايات المتحدة ستعمل مع أستراليا في تطوير أسلحة تفوق سرعتها سرعة الصوت.
يأتي ذلك في أعقاب تحذيرات من أن الولايات المتحدة متأخرة عن الصين في العديد من مجالات تكنولوجيا الدفاع، من الذكاء الاصطناعي إلى الصواريخ فرط الصوتية، التي يمكن أن تصل سرعتها إلى 25 مثل سرعة الصوت وتتفادى أنظمة الدفاع الجوي.
وتقول صحيفة ديلي ميل البريطانية، إن الولايات المتحدة تتعامع المملكة المتحدة وأستراليا لتطوير أسلحة تفوق سرعتها سرعة الصوت في سعيها للحاق بتوسيع الصين السريع لترسانتها العسكرية.
كما كشف الرئيس جو بايدن النقاب عن المرحلة التالية من برنامج اتفاق أوكوس A.U.K.U.S. الأمني مع رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون، ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون.
تفاصيل المشروع المشترك -التي أوردتها صحيفة فاينانشيال تايمز لأول مرة -ظهرت بعد فترة وجيزة من تأكيد البنتاجون أنه أجرى الاختبار الثاني لصاروخ تبلغ سرعته خمسة أمثال سرعة الصوت، في مارس الماضي لكن لم يتم الكشف عن التجربة لمدة أسبوعين لتجنب زيادة التوترات مع روسيا. وتم الكشف عن تجربة أخرى في مايو الحالي.