أمال كبيرة وعريضة يحلم بها الجميع مع عودة الحياة الطبيعية داخل المساجد والتخلص من قيود كورونا اللعينة التى اصابت الجميع بغصة بل وضيق ايضا من طول المدة حرم الناس فيها من سكينة المسجد الا قليلا..
ورغم حالة الفرح والغبطة المتناهية التى عبر عنها الجميع الا ان البعض طرح تساؤلات مهمة للغاية بعضها على استحياء حينا وبقوة احيانا.. لقد عادت المساجد فهل سيعود الساجد بقدر تلك الفرحة العارمة وهل جمهور الساجدين بقادر بالفعل على ان يري الله من نفسه خيرا؟!
الفرحة طبيعية والتساؤلات مشروعة بل ومطلوبة في كل وقت وحين..لقد دقت ساعة العمل الجاد الحقيقي لتعويض ما فات ولاستعادة دور لابد ان يكون ويستمر للمسجد ..الدور والرسالة وصناعة اللمسة الحضارية في معترك الحياة المعاصرة التى اختلط فيها الحابل والنابل واتسعت فيها الخروق الاخلاقية والثقافية والانسامية بصورة مزعجة تفوق قدرة اي راتع او راقع .
هناك تطلع لمن يملأ الفراغ الرهيب على الساحة والذي سمح لكثير من المتنطعين والادعياء دينيا وثقافيا على كل صعيدا ان يتطاولوا ويتجرأوا على كل شيء على كل كبير حتى وصل بهم الغرور الى الكبير المتعال تعالى الله عما يصفون.
ملء الفراغ مسألة بالغة الأهمية والحساسية لا وقت لتضييع.. ولا للمماحكات اوتسديد الخانات وتستيف الجدول والمحاضرات والدروس إياها على الورق حتى ولو تم تعليقها على حوائط المساجد ..
المساجد الان في حالة تحد كبيرة على مختلف المستويات الفكرية الدينية والوطنية في خضم معركة تصحيح كبرى ينتظر فيها الجميع الدور الابرز للمؤسسة الدينية سواء على صعيد مكافحة الفكر المتطرف ومحاولات العبث بالعقول وعمليات التضليل التى لاتكاد تتوقف مستخدمة كل الاسلحة بميزانيات تمويل مفتوحة واجهزة ووسائل اختراق وسيطرة جهنمية مرتكزة على سياسة النفس الطويل والتضليل والتشوية المتعمد وباي وسيلة ولا مانع من الاستنجاد بقوى خارجية للترهيب والترعيب.
ومما يؤسف له ولابد ان نعترف بذلك والحرب الضارية على المحور الديني والفكري لم نقدم بديلا قويا يملأ الفراغ في المعركة مع التيارات المتأسلمة او التيارات الاخرى المناوئة لكل ما هو اسلامي .. وضاعت جهود كبيرة واستنزفت طاقات في عمليات التفنيد والرد على الاكاذيب ولا ابلغ انها في بعض الاحيان كان ضررها اكبر من نفعها خاصة على صعيد الترويج للافكار المتشددة او المتطرفة وذلك حين استغرق البعض في التاصيل و التجذير ونفي الاصول والقواعد ظنا منه انه يهدم وهو في الحقيقة يكشف ويوضح وقد يقدم اعذارا او شبهات تبرر الفهم السقيم وه ما وفر اسلحة للقوى المضادة والمعادية للدين عموما ..
على اية حال العودة الجديدة للمساجد يجب ان تكون مختلفة واكثر وعيا بابعاد المعركة الحقيقية على الصعيد الديني والوطني خاصة وان المساجد هذه المرة كلها تحت السيطرة الكاملة للدولة ولم تعد هناك قوة للتيارات الاخرى من سلفية واخوان وغيرها بمعنى اوضح انه ليس هناك معوقات لتنفيذ الخطة المطلوبة او خروج على المنهج للوصول بسهولة الى النتائج والاهداف المرجوة..
ما اعلنه الدكتور محمد مختار جمعة من قرارات على هذا الصعيد لا غبار عليها وان الجداول المقررة للدروس الدينية والمحاضرات على مدار الاسبوع كفيلة في حال تنفيذها لتخريج مسلم لدية ثقافة شاملة افضل من عشرات المثقفين ولا ابالغ اذا قلت من كثير من الدعاة اياهم الذين سئمت الجماهير منهم ومن خطبهم وحتى من وجودهم في المساجد انها افضل من نظام الساعات المعتمدة في كثير من الجامعات في مواد التخصص اذا ما تحدثنا عن القران وعلومى والحديث والسيرة النبوية والفع الاسلامي وغيرها من فروع المعرفة المختلفة.
الثقافة الدينية هي الجانب المهم والابرز في المعركة..والمحور الأشد خصوصية وفاعلية في معركة الوعي الحقيقية..
ثقافة وتنوير حقيقي حوارات ومناقشات حيوية في واحدة من افضل واقوى اشكال الاتصال الجماهيري واكثرها فاعلية واقدرها على تحقيق نتائج مباشرة للاهداف..
اختيار الائمة والدعاة على الفرازة كما يقولون مسألة مفروغ منها ولا تحتاج الى مناقشة على الاقل في المساجد الكبرى او المسجد الجامع القادر على الاستيعاب وتطوير خطة العمل ..
تبقى مسألة في غاية الاهمية وهي متعلقة بادارة المساجد وتحديدا مجالس ادارتها وهي بالفعل حجر الزاوية في تمكين المسجد من القيام بدوره ورسالته المنشودة.
مجالس إدارات المساجد..الفاعل الحقيقي المسئول الأول عين المسئول على تنفيذ الخطة بجدية بصدق والارتقاء بالخدمة..
مجالس الإدارات هي من تصنع الحيوية وتؤهل للقيام بالدور وتمنع ثقافة سد الخانة إياها او تفشي الاهمال وسياسة “مشي حالك حالك يوقف”..
مجالس الإدارات هي الفارق الحقيقي بين مسجد واخر ولو رجعنا بالذاكرة وتعرفنا على صورة المساجد التى كانت خاضعة للاشراف الاهلي والمساجد الحكومية..البون شاسع وبمجهودات اهلية لفاعلى الخير كانت المساجد نماذج حية واكثر ارتباطا وتلاحما مع الجماهير وقضايا المنطقة ليس فقط في العناية بالمسجد وملحقاته الخدمية الثقافية والتعليمية والصحية والاجتماعية وغيرها بل واشياء اخرى كثيرة غير خافة على احد وكانت مشكورة ومقدرة..
كثير من الائمة مؤهلون للقيام بهذه الادوار والمشاركة فيها هو قائد المسجد والمشرف العام على الحكة والدينماميكية فيه وسيحظى بدعم ومساندة الجميع حال الجدية في العمل.
اتذكر ان الاخوان في بداية حكمهم في السنة اياها كانوا اكثر وعيا بقضية مجالس ادارات المساجد ودورها وكان من اوائل القرارات التى اصدرها الدكتور طلعت عفيفي, وزير الأوقاف حينئذ قرارا بإعادة تنظيم مجالس إدارات المساجد للقيام بدورها – كما جاء في القرار – في الإشراف علي انتظام العمل والنهوض بها لتؤدي دورها كمنارات إشعاع وتنوير ومراكز للتواصل مع واقع المسلمين وتقديم الخدمات الثقافية والطبية والاجتماعية للمواطنين.وتضمن القرار تعديل اللائحة المنظمة لمجالس الإدارات استبدال مسمي مجلس إدارة المسجد باسم مجلس إعمار المسجد ..وللمصلين في كل مسجد أن يشكلوا من بينهم مجلسا للإشراف علي المسجد التابع للوزارة كما يجوز في بعض الحالات التي تقدرها الوزارة أن يشكل مجلس إعمار يشمل عدة مساجد في المدينة أو الحي أو القرية علي أن يكون مقره المسجد الرئيسي والمساجد الأخري بالمنطقة تحت إشرافه.وعند رغبة المصلين في تشكيل مجلس إعمار للمسجد يتم تكوين جمعية عمومية من رواد هذا المسجد وعلي كل راغب في الانضمام إليها أن يتقدم بطلب إلي إمام المسجد ومن مجموع الأعضاء تتشكل الجمعية العمومية والتي تختص بانتخاب أعضاء مجلس إعمار المسجد علي أن يخطر إمام المسجد إدارة الأوقاف المختصة بأسماء أعضاء الجمعية العمومية وعلي الإدارة أن تبلغ المديرية بذلك وتعطيها نسخة من أسماء الأعضاء وتحتفظ بها المديرية, وعلي المديرية إخطار الإدارة العامة للمساجد الحكومية بهذا البيان لاعتماده.
عودة المساجد قرار مهم انتظره الجميع بفارغ الصبر وعودة الساجدين مسئولية اكبر النجاح فيها ليس سهلا وليس مسنحيلا ايضا .. مع الاخلاص والجدية في العمل.
والله المستعان.
Megahedkh@hotmail.com