أجواء جديدة ومغايرة تماما مع الاحتفالات بثورة 30 يونيو .. فارق كبير وشاسع مابين يونيو 2013 ويونيو 2022 ..عربيا ودوليا. روح جديدة مختلفة تماما تحركات جديدة ودبلوماسية مختلفة ترفع شعار التعاون العربي أولا والوقوف صفا واحدا في مواجهة تحديات اللحظة الحرجة الحالية التي يمر بها العالم اجمع وليس العرب وحدهم..ليلة 30 يونيو 22 تتوج بلقاءات على مستوى القمة جولات مكوكية القاهرة كانت ولا تزال محور الحركة والتاكيد انها قلب العروبة النابض استضافت اكثر من ست لقاءات قمة في أسبوع واحد اتبعتها بجولة خليجية للرئيس السيسي في مسقط والمنامة.
روح جديدة تفتح افاقا أوسع وارحب لامال كبيرة في غد اكثر اشراقا.
هل نحن امام لحظة ميلاد جديد للعمل العربي المشترك؟ هل ما يحدث من حركة نشطة على الساحة العربية مركزها القاهرة هو بمثابة اشراقات فعلية لصحوة عربية حقيقية ملهمة طال انتظارها رسميا وشعبيا؟ زاد التطلع اليها والشوق بعد ما شهدته الساحة الدولية من احداث كشفت عن الوجه الحقيقي والقبيح للقوى الدولية المهيمنة والمسيطرة على الساحة وحركة الاحداث وحقيقة مواقفها ونواياها وطريقة تعاملها مع القضايا العربية خاصة وقضايا المنطقة عامة وهو الموقف الذي فضحته بجلاء الحرب في أوكرانيا والمواجهة الروسية الغربية المتصاعدة بلا افق محسوب!
أسئلة كثيرة مطروحة وتتداعى تفرضها الحركة النشطة وغير المسبوقة على الساحة العربية..لقاءات على مستوى القمة تمت بين الرئيس السيسي وعدد من القادة في الفترة الأخيرة فقبل أسابيع كانت لقاءات الرئيس العراقي والعاهل الأردني ورئيس المجلس الرئاسي باليمن والاسبوع الماضي فقط الأمير محمد بن سلمان( السعودية)الأمير تميم بن حمد( قطر) محمد بن زايد (الامارات) وامس الأول لقاء السيسي والسلطان هيثم بن طارق آل سعيد..العنوان العريض العمل العربي المشترك ومواجهة التحديات التي تواجه المنطقة والتي فرضتها الازمة العالمية الناجمة عن الحرب في أوكرانيا.
المنطقة امام لحظة ميلاد وبزوغ فجر جديد للعمل العربي المشترك تشرق الان في سماء المنطقة العربية رغم كثافة السحب الركامية وخبث المخططات الجهنمية وخوارزميات اللحظة التاريخية الراهنة على الساحة الدولية التي تشهد مخاضا عسيرا لميلاد نظام جديد لم يتضح من معالمه سوى رفض النموذج القائم حاليا الذي يقود الكرة الأرضية ويدفع بها نحو هاوية سحيقة ربما تكون اكبر من حرب عالمية ثالثة..حرب غير مسبوقة في قدراتها التدميرية الهائلة والتأثير على الحياة الإنسانية بصفة عامة حتى بات البعض خائفا على مستقبل من حققته البشرية من إنجازات على صعيد الارتقاء بالحياة المعاصرة ويخشى ان يضيع كل هذا في الوباء الساحق الماحق تحت وطأة الاعيب من يظنون انفسهم كبار هذا الكون واقطابه الأحادية!
ارهاصات مرحلة جديدة من العمل العربي المشترك تدشنها لقاءات القاهرة الساحرة فقد كانت مصر قبلة حقيقية لعمل ومشاورات جادة في حركتها رغم تسارع وتيرتها ورمزية ودلالة اللجوء الى القاهرة قلب العروبة النابض ومع الاستشعار الحقيقي لحرج اللحظة التاريخية بدا وكان الجميع بالفعل يسابق الزمن لإنقاذ مايمكن إنقاذه..
الملاحظة الجديرة بالاعتبار ان دبلوماسية جديدة بدأت تفعل فعلها على الأرض دبلوماسية القفز على حواجز العداوة ومطبات الكراهية بدلا من دبلوماسية المكايدة والمراهقة السياسية والعناد والاستقطاب الحاد والاستجارة من الرمضاء بالنار التي سيطرت على سماء المنطقة لسنوات تجاوزت السبع العجاف لم يستفد منها الا أعداء الامة والمتربصين بالمنطقة استخدموا فيها كل انواع الوقود للفتنة واثارة الكراهية حتى كادت نيران القطيعة ان تلتهم الجميع وخيمت السحب السوداء على المنطقة بما لا يسر حبيبا او صديقا.
مع الخطوات التي تجري وتتم نحو التقارب والتي زاد من وتيرة حركاتها الصراع الأمريكي الروسي ومحاولة الاستقطاب الحادة من الجانبين واكتساب الموقف العربي اوعلى الأقل تحييده فان الواجب يحتم ضرورة البناء على ما تحقق واستلهام روح القمم التي حدثت على المستوى الثنائي اوالثلاثي والرباعي لنفض غبار تلك الحقبة السوداء من الجفاء الذي شارف في بعض اللحظات على الاحتراب..
مايبشر بالخير ان الخطوات الأخيرة للتقارب حظيت بترحيب شديد وارتياح وهوما يفرض اهمية البناء عليها والدفع في الاتجاه الصحيح بكل قوة لتدارك ما فات لاسيما والرغبة متوفرة والإرادة السياسية كذلك بصورة اقوى من أي وقت مضى.
في هذا الاطار يمكن اعتبار ردود الفعل على زيارة امير قطر الشيخ تميم بن حمد للقاهرة والمباحثات مع الرئيس السيسي والحفاوة التي استقبل بها وكذا ردود الفعل عليها عربيا نموذجا للحالة التي يتطلع اليها كل عربي..
توقفت امام تعليقات البعض على فيس بوك وتويتر ومنها تعليقات لمثقفين في دول خليجية كانت علاقاتها مع قطر ملتهبة فاذا بلغة خطاب جديدة وتعبيرات اكثر احتراما وتفاؤلا في التعبير عن الامل في تقارب عربي حقيقي..أيضا ما حدث من تعليقات وتقارير إخبارية عن الزيارة واعلاء نبرة العمل العربي المشترك والتقارب بين الاشقاء.
تجدر الإشارة الى الدور الخطير لوسائل الاتصال فعليها مسئولية كبيرة لاشاعة روح التقارب والوحدة العربية والتأكيد على العمل العربي المشترك باعتباره المنقذ للجميع وانه ما حك جلدك مثل ظفرك.فالقوى الشرقية والغربية لا تعترف الا بمصالحها الخاصة حتى وان تعارضت مع مصالحنا وحقوقنا المشروعة وان وحدتنا السياسية وتكاملنا الاقتصادي هو السند الباقي لشعوبنا..الامر الذي يفرض إعادة الاعتبار مرة أخرى الى مشروعاتنا التكاملية والوحدوية التي فكرنا فيها وشرعنا في تنفيذها منذ عقود ولكن تعطلت بفعل الافاعيل بالداخل والخارج خاصة ونحن نرى كل التفكير في حلول يتجه اليها بقوة سواء في الإنتاج الزراعي والصناعي اوغيرها من مشروعات تنموية كشفت عنها بجلاء تعثر خطوط الامداد والتموين والقوة الزراعية التي تمتلكها دولة صغيرة مثل أوكرانيا وكيف انها تتحكم في نسبة كبيرة من انتاج القمح في العالم وتصدره الى العديد من الدول العالم ومنها الدول العربية وتسببت الحرب في وقف التصدير حتى بدا العالم يتحدث عن مخاوف حقيقية من حدوث مجاعة في بعض الدول لوقف استقبال القمح الاوكراني والروسي.
لعله من المفيد ان تقوم مراكز البحوث ووحدات الفكر الاستراتيجي وما اكثرها في دولنا بدراسة وتقييم الحصاد المر للفترة الأخيرة التي شابت العلاقات العربية فيها سحابات سود وتأثيراتها على العمل المشترك ودراسة مواقف القوى المعادية والصديقة وكيف كان تصرفها وتوجهاتها حيال دعم الاستقرار او محاولات اثارة القلق وتعزيز الفوضى حتى وان وصفوها بالخلاقة.
محور آخر مهم خاص باحياء وتنشيط مؤسسات العمل المشترك والجامعة العربية التي عانت من الأوضاع المأساوية حتى أصيبت بالشلل.
من يمن الطالع ان تحدث كل الخطوات للتقارب الحالية بحثا عن موقف عربي إزاء تداعيات الازمة العالمية الحالية وصراع القطبين الروسي والامريكى الاوروبي قبيل القمة العربية المنتظرة في الجزائر نوفمبر القادم.وهي تعطي الامل في القدرة على تحطيم كثير من الحواجز الباقية وعوائق عودة كامل المياة العربية الى مجاريها والتوجه بقوة نحو افاق اكثر رحابة في العمل المشترك وتحقيق طموحات مشروعة نحو التكامل والوحدة.
** سُئل الامام الشافعي كيف نعرف أهل الحقّ في زمن الفِتن؟!
قال:اتبع سِهام العدو فهي تُرشدك إليهم..
والله المستعان..
Megahedkh@hotmail.com