ويجب أن نعمل معا على التحول بثقافة التعايش من ثقافة النخب إلى ثقافة الشعوب والمجتمعات .
ويؤكد :
أكثر الأمم إيمانا بحق التنوع وقبول الآخر أكثرها أمنا وأمانا واستقرارا .
ويجب احترام خصوصية الآخر الدينية والثقافية دون إملاء أو استعلاء .
و هذا نص الكلمة التي ألقاها وزير الأوقاف اليوم الخميس أمام المؤتمر بالعاصمة الكازاخية نور سلطان
كتب عادل يحيى
ننشر كلمة وزير الأوقاف بمؤتمر زعماء الأديان بدولة كازاخستان :
مصر بلد محوري في صناعة السلام ونشر ثقافة التعايش وقبول الآخر . بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على رُسُل الله أجمعين وخاتم أنبيائه ورسله سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه إلى يوم الدين .
وبعـــــد :
فبداية أوجه تحية وتقديرًا لدولة كازاخستان رئيسًا وحكومةً وشعبًا على تنظيم هذا المؤتمر الدولي الهام وعلى حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة .
وأؤكد أن ديننا الحنيف قائم على الإيمان بالتنوع والاختلاف ، بل إنه قد ذهب إلى أبعد من ذلك ، فحث على التعارف والتعاون والتكافل ، حيث يقول الحق سبحانه: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }.
وبالواقع المعاين المشاهد ندرك أن أكثر الأمم إيمانًا بحق التنوع والاختلاف وقبول الآخر والمختلف وترسيخ أسس المواطنة ، والإيمان بقضية التعايش السلمي بين أبنائها من جهة وفيما بينها وبين الآخرين من جهة أخرى هي الأكثر أمنًا واستقرارًا وتقدمًا ورخاءً وازدهارًا ، وأن الأمم التي وقعت في أتون الاحتراب والاقتتال الطائفي أو المذهبي أو العرقي أو القبلي داخليًّا أو خارجيًّا سقطت في دوائر فوضى ودمار عصفت بكيانها وأصل وجودها ، وعلى أقل تقدير مزقت أوصالها وهزت كيانها ، ولو أن البشرية أنفقت على التنمية وتحسين أوضاع الفئات المحتاجة والمهمشة معشار ما تنفقه على الحروب لتغير حال البشرية وعمها الأمن والاستقرار .
وينبغي أن تكون لدى جميع الأطراف الرغبة الحقيقية في إعلاء القيم المشتركة واحترام خصوصية الآخر الدينية والثقافية وتجنب جميع مظاهر الأنانية والاستعلاء ، يقول ابن رشد : يجب علينا أن ننظر فيما قاله الآخرون وما أثبتوه في كتبهم ، فما كان منها موافقًا للحق قبلناه منهم ، وسُررنا به ، وشكرناهم عليه ، وما كان منها غير موافق للحق نبّهنا عليه ، وحذّرنا منه، وعذرناهم .
كما يجب أن يكون هذا التعاون في ضوء الاحترام المتبادل بين الأمم والشعوب ، من غير أن يحاول أحد أن يفرض قيمه وأنماط حياته وثقافته الخاصة على الآخر ، وأن نعمل جميعًا في ضوء القيم الإنسانية المشتركة ، فنُعلي من شأن المتفق عليه ، ويعذُر بعضنا بعضًا في المختلف فيه ، متجاوزين مجرد قبول الآخر إلى التسامح معه ، واحترام اختياره ، والعمل على عدم ازدراء معتقده أو جرح مشاعره .
ولا شك أن للقيادات الدينية والقيادات السياسية الرشيدة دورًا كبيرًا في تعزيز الحوار الشامل بين الأديان ونشر السلام ومكافحة التطرف والإرهاب ، ويجب أن نعمل جميعا على التحول بثقافة التعايش والسلام من ثقافة النخب إلى ثقافة الشعوب والمجتمعات ليعم السلام أرجاء المعمورة .
وختامًا أؤكد على الدور العظيم الذي يقوم به سيادة الرئيس/ عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية في نشر ثقافة الحوار وتعزيز أسس السلام الإنساني والعالمي، ومواجهة التطرف بكل أشكاله وصوره ، حيث تقوم جمهورية مصر العربية في ظل قيادة سيادته بدور محوري في العمل على إحلال السلام العالمي وترسيخ أسس العيش المشترك بين البشر جميعًا .
وأتمنى للمؤتمر ومخرجاته كل التوفيق والسداد ، وأن يشكل لبنة قوية في ترسيخ الحوار وأسس العيش الإنساني المشترك .
والله من وراء القصد , وهو الموفق والمستعان.