يمكن للباحثين زراعة مُرشحات قابلة لإعادة الاستخدام، مصنوعة من البكتيريا، لتنظيف المياه الملوثة، واكتشاف المواد الكيميائية في البيئة وحماية الأسطح من الصدأ والعفن.
تقول سارة موليناري عالمة الأحياء التخليقية، إنها تدرس المواد الحية المهندسة، وهي مواد مصنوعة من خلايا حية لها وظائف متنوعة. وتضيف إنها، تمكنت من برمجة البكتيريا لتكوين مواد حية يمكن تعديلها لتطبيقات مختلفة، كما يمكن إنتاجها بسرعة وسهولة.
تحتوي البكتيريا، مثل الخلايا البشرية، على الحمض النووي الذي يوفر التعليمات لبناء البروتينات. ويمكن تعديل الحمض النووي البكتيري لتوجيه الخلية كي تبني بروتينات جديدة، ومنها البروتينات غير الموجودة في الطبيعة. ويمكن التحكم بدقة في مكان تواجد هذه البروتينات داخل الخلية.
ونظرًا لأن المواد الحية المهندسة مصنوعة من خلايا حية، فمن الممكن هندستها وراثيًا لأداء مجموعة متنوعة من الوظائف، فيما يشبه برمجة هاتف محمول بتطبيقات مختلفة.
مثلًا، يمكن للباحثين تحويل البكتيريا إلى أجهزة استشعار للملوثات البيئية عن طريق تعديلها لكي تغير اللون في وجود جزيئات معينة. استخدم الباحثون أيضًا البكتيريا لتكوين جزيئات من الحجر الجيري، وهي المادة الكيميائية المستخدمة في صنع الخلايا الكهروضوئية الحية، وغيرها. كما يمكن استخدام الكائنات الحية “لتكوين” مواد لصنع الملابس والأثاث.
تم تعديل الحمض النووي لنوع من البكتيريا، بحيث تنتج الخلايا البكتيرية على أسطحها مصفوفة تضم كميات كبيرة من البروتينات المرنة. وعندما تتقارب الخلايا البكتيرية المعدلة وراثيًا، تتجمع هذه البروتينات معًا وتبقي الخلايا متصلة ببعضها البعض. من خلال إحاطة كل خلية بهذه المادة اللزجة والمرنة، تتجمع الخلايا البكتيرية معًا لتشكيل عجين حي.
كذلك يمكن تعديل البروتينات المرنة لتغيير خصائص المادة النهائية. مثلًا، يمكن تحويل البكتيريا إلى مواد بناء صلبة لديها القدرة على الإصلاح الذاتي عند حدوث ضرر. كما يمكن تحويل البكتيريا إلى مواد لينة لاستخدامها كمواد مالئة في المنتجات.
وتقنية صنع المواد الحية غير معقدة وهي رخيصة. لا يتطلب الأمر سوى حاضنة اهتزاز وبروتينات وسكريات لتنمية مادة متعددة الوظائف وعالية الأداء من البكتيريا. والحاضنة صندوق معدني أو بلاستيكي يحافظ على الحرارة عند 37 درجة مئوية، وحجمه أقل بكثير من فرن المنزل التقليدي، ويهز الخلايا بسرعات أبطأ من الخلاط.
يعد تحويل البكتيريا إلى مواد حية أيضًا عملية سريعة، حيث أمكن تنمية المواد الحية البكتيرية في حوالي 24 ساعة. وهذا سريع جدًا مقارنة بتصنيع المواد الأخرى، كالخشب الذي يستغرق سنوات لإنتاجه.
والعجين البكتيري الحي سهل النقل والتخزين. يمكن أن يعيش في درجة حرارة الغرفة لثلاثة أسابيع ويعاد وضعه في وسط جديد لينمو مرة أخرى.
أخيرًا، تعد المواد الحية المصممة هندسيًا تقنية صديقة للبيئة. لأنها مصنوعة من خلايا حية، فهي متوافقة حيوياً، أو غير سامة، وقابلة للتحلل بشكل طبيعي.