حى بسيط يبدو فيه التسامح جزءًا من عادات أهله، وأساس بيوته وطلاء عمائره وروائح شوارعه وحاراته، سكانه لا يعرفون لفظ الآخر؛ لأنهم «أهل وجيرة وعِشْرَة»، العلاقات على سجيتها، والمسافة بين أنا والآخر وهُم فركة كعب، يقطعونها فى نكتة وعَشرتين طاولة وعزومة على العَشاء وزيارة عائلية ووقوف على الناصية وذهاب إلى السينما.
أعود إليه من آن لآخر، تحديدًا إلى الشارع الذى عشت فيه وتربيت فيه، وسهلت لى خبرتى بالحى طرُقًا ومسارات أدخل وأخرج منه دون تعقيدات، لكن هذه المرّة شدنى الحنين إلى كل شوارعها ودروبها التى جريت فيها ولعبت فيها وتعلمت فيها، شارع طوسون وبديع وشكولانى وخلوصى وروض الفرج ومدرسة شبرا الثانوية وكنيسة سانت تريزا والجامع الهجين والترعة البولاقية وميدان فكيتوريا وسينما شبرا بالاس ومدبولى الحلوانى وعمارة حسين رياض ومكتبة دار المعارف وكنيسة خمارويه وجامع الخازندار ومطار المنوفية!
ياليتنى ما فعلت..ليست هذه شبرا التى تصورت أننى أعرفها، هذا بعض ما تبقى من شبرا، غارق فى قدر غير قليل من الفوضى.