روى ابن جبير عن أبيه قال : لما فُتحت قبرس مُر بالسبي على أبي الدرداء صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم . فبكى فقلت له : تبكي في مثل هذا اليوم الذي أعز الله فيه الإسلام وأهله ؟
قال : يا جبير بينا هذه الأمة قاهرة ظاهرة إذ عصوا الله ، فلقوا ما ترى ما أهون العباد على الله إذ هم عصوه .
وكأن أبا الدرداء رضي الله عنه يعاين زماننا ويبكي على حالنا .. وهو يرى تداعي الأمم علينا .. والمسلمون في الوهن يتقلبون كغثاء السيل لا يهابهم أحد .
وقد هلكتهم الدنيا بعد أن بسطت لهم بزهوتها فصارت غاية قصدهم لها يطلبون وبها يرضون ولها يغضبون ولها يوالون وعليها يعادون فقطعوا لذلك أرحامهم وسفكوا دماءهم ووالوا أعداءهم وظاهروهم على إخوانهم فكانوا بذلك مكائد للشيطان لمعادات طائفة الغرباء من أهل الإيمان .
ذكر الإمام ابن كثير رحمه الله أنه لمّا قدِم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه بلاد الشام عندما فُتح بين المقدس عرضت له مخاضة فنزل عن بعيره ونزع موقيه فأمسكهما بيده وخاض الماء ومعه بعيره
فقال له أبو عبيدة رضي الله عنه : قد صنعتَ اليوم صنيعا عظيما عند أهل الأرض صنعت كذا وكذا .
قال : فصَكّ في صدره وقال : أوه .
لو غيرُك يقولها يا أبا عبيدة ! إنكم كنتم أذل الناس وأحقر الناس وأقل الناس .
فأعزكم الله بالإسلام فمهما تطلبوا العز بغيره يذلكم الله .