كتب عادل ابراهيم
رصد الخبير في الشؤون الاقتصادية، أبوبكر الديب: سيناريوهات الجنيه المصري عقب انتهاء شهر مارس المقبل، وأول هذه السيناريوهات الاتجاه نحو تخفيض قيمة الجنيه بنحو 10% أمام الدولار مع استمرار الضغوط عليه خلال الفترة الحالية، رغم أن القيمة العادلة للجنيه أعلى من المستوى الحالي لكن توقعات المحللين متشائمة.
وأشار أبوبكر الديب، الي تراجع الجنيه من جديد في تعاملات العقود الآجلة غير القابلة للتسليم لمدة (12 شهرا) لتسجل ما يتراوح بين 37.9 جنيه و38 جنيها للدولار بحسب بيانات نقلتها وكالة “بلومبرج”، فيما تتزايد المؤشرات على عودة شح العملات الصعبة بالسوق، فضلا عن توقعات عدد من بنوك استثمار عالمية مثل “كريدي سويس” ارتفاع سعر الدولار لمستويات قد تصل إلى 35 جنيها على المدى القصير كما توقع تقرير حديث لبنك سوسيتيه جنرال، ارتفاع قيمة الدولار 10%، ليصل إلى 34 جنيها رغم أن القيمة العادلة له تدور حول مستوى 23.8 جنيه، أى أنه حاليا أعلى بنحو 29% من قيمته الحالية، فيما قالت وكالة ستاندرد آند بورز، إن جزءًا رئيسيا من انخفاض قيمة العملة هو تخزين الشركات أرباحها بالعملة الأجنبية في ظل عدم اليقين بشأن قيمة الجنيه.
وأضاف أبوبكر الديب أن السيناريو الثاني، يبقي ارتفاعا طفيفا لقيمة الجنيه مقابل الدولار والعملات الأجنبية الأخرى، وهو السيناريو الأكثر تفاؤلاً مع تجاوز الاقتصاد تداعيات الحرب الروسية – الأوكرانية، ودعم عدد من المشروعات التنموية التي تنفذها الحكومة، واكتشافات النفط والغاز، ونجاح إجراءات الإصلاح الاقتصادي، مؤكداً أن ما يدعم السيناريو الأول هو تلقي مصر خلال الفترة القادمة لحزمات مالية مختلفة، تصل قيمتها إلى نحو 9 مليارات دولار، وهو ما سيؤثر إيجاباً على الوضع الاقتصادي العام في البلاد على المدى المتوسط ويساهم برفع الاحتياطي الأجنبي، بالإضافة إلى بعض الاستثمارات المتوقع أن تقوم بها عدة دول خليجية وهو ما سيرفع الموارد المالية للبلاد كما أن حجم البضائع المتواجدة بالموانئ البحرية تقدر بنحو 4 مليارات دولار وهو رقم ضئيل مقارنة بنحو 14 مليار دولار وقت الأزمة الماضية حيث تقوم البنوك بعمليات تدبير الدولار لجميع المستوردين والمستثمرين.
وأشار أبوبكر الديب الي دور متوقع لصندوق الاستثمار المشترك الذى أعلنت مصر وقطر نيتهما تدشينه مؤخرا يبلغ مليار دولار في حل أزمة الدولار وكذلك تستهدف هيئة قناة السويس تحقيق عائدات بقيمة 9 مليارات دولار خلال العام الجاري 2023، مقابل 8 مليارات دولار خلال العام الماضي، بزيادة قدرها 12.5%، حسبما كشف أسامة ربيع، رئيس الهيئة، وتعتزم مؤسسة التمويل الأفريقية ضخ استثمارات بقيمة مليار دولار أو أكثر في مصر خلال الفترة القصيرة القادمة، في مجالات البنية التحتية سواء طاقة متجددة أو غاز أو صناعات ثقيلة وغيرها، وفق سامح شنودة الرئيس التنفيذي لشؤون الاستثمار في المؤسسة الأفريقية، فضلا عن تحسن عوائد أذون الخزانة المصرية.
وتوقع أبوبكر الديب، أن يرفع البنك المركزي المصري الفائدة بمعدل 200 الي 300 نقطة أساس حتى نهاية العام المالي الحالي في يونيو 2023، في ظل توقعات رفع الفيدرالي الأمريكي للفائدة 0.5% في اجتماعه المقبل نهاية مارس الجاري ، وبعد تلميحات جيروم باول رئيس الفيدرالي الأميركي بأنه قد تكون ثمة حاجة لرفع أسعار الفائدة على نحو أسرع وأعلى مما كان متوقعا لكبح جماح التضخم المستعصي.
وقال إن الحكومة أفرجت عن بضائع بقيمة تتجاوز 15 مليار دولار منذ مطلع ديسمبر الماضي وحتى منتصف شهر فبراير 2023.
وذكر أبوبكر الديب أن البنوك تبحث عن بدائل من خارج الصندوق، حيث أعلن البنك التجاري الدولي، عن قبوله إيداعات بعملات خليجية مربوطة بالدولار، مثل الريال السعودي والدرهم الإماراتي للمرة الأولى في السوق المصري، بعائد سنوي يتجاوز 5%، وهو معدل أعلى بـ 100 نقطة مئوية تقريباً عن العائد السنوي في بعض البنوك في الإمارات والسعودية على الودائع الكبيرة كما أقر مجلس النواب مؤخرا تسهيلات وتخفيضاً جديدا على الوديعة المطلوبة من المغتربين المصريين في الخارج مقابل توريد سياراتهم وتعول الحكومة علي برنامج الطروحات الجديدة التي أعلنت عنها مؤخراً، لزيادة مواردها الدولارية.
وأشار الديب إلى أن الدولة تتمتع بأصول استثمارية قوية وأسعارها رخيصة، فضلا عن أن مشروعات العاصمة الإدارية الجديدة، ومحور قناة السويس، واستصلاح ملايين الأفدنة للزراعة، ومشاريع الكهرباء والمياه والنقل واللوجستيات، وقطاعات الصناعة والسياحة والعقارات، ترحب بالاستثمارات الاجنبية، في ظل تنفيذ كثير من الإصلاحات الهيكلية التي أسهمت في تحفيز نمو القطاع الخاص ورفع تنافسيته، واستمرار الجهود في تحقيق معدلات نمو مرتفعة وأكثر استدامة وشمولا في مصر، لافتًا إلى أن ثاني هذه السيناريوهات هي السماح بتحرك جزئي بسيط لسعر صرف الجنيه مقابل الدولار، والثالث استمرار تثبيت قيمة الجنيه.
وقال أبوبكر الديب، إن تصريحات للرئيس عبد الفتاح السيسي صدرت مؤخرا حول أن الدولة تمتلك السيولة الدولارية الكافية لمواجهة الأزمة والتلاعب بالأسعار بثت رسائل طمأنة للشعب ولمجتمع الأعمال وأعطت قوة للجنيه المصري، ما يشير إلى استبعاد خيار تعويم الجنيه بشكل كامل في 2023، وهو ما يفتح الباب للسيناريو الثالث بتثبيت سعر الجنيه مقابل الدولار لفترة .