الأطلسي يجتمع في ظروف حساسة:
تعثر الهجوم الأوكراني المضاد .. وظروف عدم الاستقرار في روسيا
بايدن استبق القمة بتقديم القنابل العنقودية “المحرمة دوليًا”..لكييف !!
زعماء “شنغهاي” ينتقدون نشر أنظمة الدفاع الصاروخي في العالم
ضم إيران يزيد محفظة المنظمة من الطاقة ويثير غضب الغرب ..!!
تقرير يكتبه
عبد المنعم السلموني
تختتم اليوم في العاصمة الليتوانية، فيلنيوس، اجتماعات قمة زعماء حلف الناتو التي بدات أمس. وينتظر هذا العام من المشاركين اتخاذ إجراءات حاسمة. وستكون لقراراتهم تداعيات لسنوات قادمة. وفي الأسبوع الماضي اختتمت قمة منظمة شنغهاي للتعاون، التي تضم، ضمن أعضائها، كلا من الصين وروسيا وإيران. وليس من قبيل الصدفة ان تعقد القمتين في أسبوعين متتاليين، خصوصًا وأن مصالح أعضاء كل منهما قد تتعارض، بصورة ما، مع مصالح أعضاء الأخرى، حتى وإن كانت هناك خطوط اتصال.
تأتي قمة الناتو وقت حرج بالنسبة لحلف شمال الأطلسي وأمن أوروبا حيث تدخل الحرب في أوكرانيا مرحلة حساسة وسط تعثر هجوم كييف المضاد وعدم الاستقرار المتزايد في موسكو. كما تأتي أيضًا بعد عام واحد من قمة مدريد التاريخية التي حدد فيها حلفاء الناتو روسيا كتهديد مباشر ووضع استراتيجية جديدة للدفاع الأمامي لردع العدوان الروسي على الحلفاء.
ويرى جون ويفر، في مقال على موقع ذا هيل، إنه يتعين على الناتو أن يستمر في دعمه لأوكرانيا ورئيسها فولوديمير زيلينسكي.
ومن وجهة نظر ويفر، أستاذ مساعد لتحليل الذكاء في كلية يورك في بنسلفانيا ومؤلف كتاب “الناتو في العصر الحالي: الهدف، الأهمية، المستقبل”. فإنه من المتوقع اتخاذ قرارات لدعم العتاد، بما في ذلك الأسلحة الفتاكة وغير الفتاكة (بالفعل وافق الرئيس الأمريكي جو بايدن قبل القمة مباشرة على إمداد زيلنسكي بالقنابل العنقودية المحرمة دوليا) والتمويل، الاستخبارات، وتدريب الرجال والنساء في أوكرانيا لتشغيل المعدات المقدمة إليها. وعلى الناتو إدراك أنه زعيم جبهة موحدة ملتزمة بمراقبة القوة الروسية، ليكون بمثابة رادع للرئيس الروسي فلاديمير بوتين والآلة العسكرية الروسية؛ وستؤكد القمة أن توسيع الصراع إلى الدول المجاورة الأعضاء في الناتو غير مقبول.
تتزايد أهمية القضايا النووية أيضًا، فمنذ انسحاب روسيا من معاهدة ستارت الجديدة، عملت على تصعيد التلويح بالأسلحة النووية. ويمثل الناتو قناة تثبت لبوتين أن هناك خيارات أخرى متاحة باسم الأمن بخلاف التركيز على الأسلحة النووية.
ويلخص مقال، على موقع مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية csis.org، ست نقاط رئيسية على جدول أعمال الناتو في فيلنيوس، يمكن إجمالها فيما يلي:
أولًا، انضمام أوكرانيا:
رغم أن أوكرانيا تقدمت بطلب رسمي للانضمام للحلف العام الماضي، فقد اعترفت جميع الأطراف الآن بأن أوكرانيا لن تنضم قبل انتهاء حربها مع روسيا. وقال الرئيس زيلينسكي في مؤتمر صحفي مؤخرًا: “أؤكد من جديد: نحن نفهم أنه خلال الحرب لا يمكننا أن نصبح عضوًا في الناتو، لكن يجب أن نكون واثقين بأننا سنكون كذلك بعد الحرب “.
لكن حلفاء الناتو ليسوا متفقين بشأن ما يمكنهم تقديمه لأوكرانيا في فيلنيوس. يشعر البعض، ومنهم الولايات المتحدة وألمانيا ودول جنوب أوروبا، بالقلق من تكرار إعلان بوخارست لعام 2008، حيث عُرضت على أوكرانيا وجورجيا عضوية مستقبلية دون اتخاذ خطوات عملية للمتابعة. وبعد ذلك أثارت روسيا الصراعات المجمدة في كلا البلدين. بينما يشعر الحلفاء الأكثر حزماً، ومنهم دول البلطيق وبولندا وأوروبا الوسطى، أن أوكرانيا أثبتت قيمتها للحلف في ساحة المعركة وأن قوتها العسكرية المتنامية ستخدم التحالف في ردع العدوان الروسي في المستقبل. ويجادلون بأن أي تردد يمنح روسيا فعليًا حق النقض على عضوية أوكرانيا.
أعلن الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ بالفعل عن طموحه لعقد أول مجلس للناتو وأوكرانيا في فيلنيوس بحضور الرئيس زيلينسكي. قد تكون الخطوة الملموسة الأخرى هي التخلي عن مطالبة أوكرانيا باستكمال خطة عمل العضوية، أو MAP – والتي تم التنازل عنها أيضًا لضم فنلندا والسويد.
ثانيًا الضمانات الأمنية:
الجدل الدائر حول توفير الضمانات الأمنية لأوكرانيا ضد عدوان روسي في المستقبل قد يصل أيضًا إلى ذروته في فيلنيوس. سوف تتطلع أوكرانيا إلى تحسين مذكرة بودابست لعام 1994 التي قدمت “ضمانات أمنية” بعدم استخدام روسيا أو المملكة المتحدة أو الولايات المتحدة القوة ضد أوكرانيا بعد أن تخلت عن أسلحتها النووية. أوضح زيلينسكي أنه لا يرى الضمانات الأمنية كبديل لعضوية الناتو.
ثالثًا الوفاء بالالتزامات:
لتنفيذ المفهوم الاستراتيجي الجديد الذي تم تقديمه في قمة مدريد 2022، وافق الحلفاء على تعزيز الدفاع والردع من خلال ثلاثة التزامات رئيسية تتمثل في المزيد من القوات القتالية المنتشرة في الأمام، وبرنامج محسن لتدريبات الدفاع الجماعي، واحتياطي أكبر بكثير لتقديم الدعم السريع في حالة حدوث أزمة. ويبدو الآن من غير المحتمل أن يتم الوفاء بهذه الالتزامات الثلاثة بالكامل في فيلنيوس.
رابعًا، انضمام السويد للناتو:
رغم أن السويد وشركاء الناتو يرغبون في الانضمام قبل قمة فيلنيوس، فإن المعترضين على طلب ستوكهولم، وهما المجر وتركيا، ليستا في عجلة من أمرهما للتصديق بحلول ذلك الوقت. أرجأ البرلمان المجري مؤخرًا التصديق على الطلب لدورته التشريعية في الخريف المقبل بينما صرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن ستوكهولم لا ينبغي أن تتوقع الانضمام للتحالف في وقت قريب.
خامسًا، الإنفاق الدفاعي:
أدت الحرب في أوكرانيا إلى تسريع زيادة الإنفاق الدفاعي للناتو، وشمل ذلك الحلفاء الأوروبيين الذين زادت نفقاتهم الدفاعية بمقدار الثلث منذ ضم روسيا لشبه جزيرة القرم عام 2014. خلال قمة ويلز للحلف في ذلك العام تعهدت الدول الأعضاء بإنفاق 2% من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع، لكن هذا التعهد يتنهي في العام المقبل، لذلك، فإن القمة الحالية ستناقش أهداف الإنفاق الجديدة. وحث ستولتنبرج الحلفاء على اعتماد 2% كحد أدنى، بدلاً من كحد أقصى، بينما التزمت دول البلطيق الثلاث بإنفاق 3% وتهدف بولندا للوصول إلى 4%. ولكن الأكثر إلحاحًا هو إيجاد طرق للحلفاء لتحقيق الهدف الحالي، كما تفعل سبع دول فقط حاليًا (الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وبولندا وإستونيا واليونان ولاتفيا وليتوانيا).
سادسا، أمين عام الحلف:
النتيجة الأكثر ترجيحًا في فيلنيوس -أو قبل القمة -هي أن يطلب الحلفاء من الأمين العام الحالي ستولتنبرغ التمديد للعام الثاني، حتى الذكرى السنوية الخامسة والسبعين لقمة الناتو بواشنطن في يوليو المقبل. رغم أن ستولتنبرغ نفسه قال في فبراير إنه لن يسعى إلى تمديد آخر، إلا أن الحلفاء أجمعوا على استمراره.
كانت منظمة منظمة شنغهاي للتعاون قد عقدت اجتماعًا افتراضيًا، سعى خلاله زعماء المنظمة لإقامة علاقات أوثق وتعزيز التعاون داخل الكتلة الأوراسية المتوسعة لكنهم شددوا على أن المنظمة ليست موجهة ضد دول أخرى.
وقال بيان مشترك للزعماء في نهاية قمة عبر الإنترنت استضافتها الهند إن أعضاء منظمة شنغهاي للتعاون يعارضون مناهج التكتل والأيديولوجية والمواجهة لمعالجة المشاكل والتحديات الأمنية.
وانتقد القادة ما قالوا إنه الأثر السلبي “للتوسع الأحادي وغير المحدود لأنظمة الدفاع الصاروخي العالمية من قبل دول أو مجموعات معينة من الدول”، دون الإشارة مباشرة إلى توسع الناتو والمساعدات العسكرية الغربية لأوكرانيا.
كما دعم جميع الأعضاء باستثناء الهند خطة مبادرة الحزام والطريق الصينية الضخمة التي تتوخى إعادة بناء طريق الحرير القديم لربط الصين بآسيا وأوروبا وخارجها من خلال الإنفاق الضخم على البنية التحتية.
ومنظمة شنغهاي للتعاون هي مجموعة أمنية وسياسية أوراسية شكلتها بكين وموسكو عام 2001، وتضم الهند وباكستان وكازاخستان وجمهورية قيرغيزستان وطاجيكستان وأوزبكستان.
وانضمت إيران إلى التجمع خلال الاجتماع، لتصبح العضو التاسع مع الرئيس إبراهيم رئيسي الذي شارك في الإجراءات. ويمثل انضمام طهران زيادة محفظة الطاقة للمنظمة، الأمر الذي يغضب الغرب.
تضم منظمة شنغهاي للتعاون حوالي 40٪ من سكان العالم وأكثر من 20٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. أضف إيران، وسوف تسيطر على حوالي 20٪ من احتياطي النفط في العالم.
وقعت بيلاروسيا مذكرة التزامات ستؤدي إلى عضويتها عام 2024، مما يزيد من ثقل الكتلة في الوقت الذي تسعى فيه إلى توسيع نفوذها ومواجهة النفوذ الغربي في المنطقة -وهو شعور كان أكثر وضوحًا في الملاحظات الفردية للصين وروسيا.
وشهدت القمة الافتراضية ظهور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لأول مرة في منتدى دولي منذ تمرد قصير الأمد الشهر الماضي، حيث طمأن قادة منظمة شنغهاي للتعاون باستقرار روسيا ووحدتها.
وقال بوتين للقمة إن روسيا ستقف في وجه الضغوط الغربية والعقوبات و”الاستفزازات” المفروضة على ما تسميه موسكو “عمليتها العسكرية الخاصة” في أوكرانيا.
تعتبر روسيا دولًا مثل الصين والهند وإيران شركاء أساسيين في مواجهة الولايات المتحدة ومقاومة محاولات واشنطن إملاء إرادتها على النظام العالمي.
عُقدت القمة بعد أسبوعين فقط من استضافة الرئيس الأمريكي جو بايدن رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي خلال زيارة دولة، ووصف بلديهما بأنهما “من بين أقرب الشركاء في العالم”. وكذلك قبل أيام قليلة من قمة الناتو الحالية.
دعا الرئيس الصيني شي جين بينج في خطابه على الإنترنت إلى تعزيز التبادلات وضمان الأمن المشترك وتعزيز التضامن والثقة المتبادلة.
وقال شي: “يجب أن نضع في اعتبارنا المصالح الشاملة وطويلة الأجل لمنطقتنا، وأن نجعل سياساتنا الخارجية مستقلة. يجب أن نكون يقظين للغاية ضد المحاولات الخارجية لإثارة حرب باردة جديدة أو مواجهة على أساس المعسكرات في منطقتنا”.
دفع كل من شي وبوتين للتحول إلى نظام يمكن بموجبه تسوية التجارة الخارجية بالعملات المحلية، وهي خطوة تساعد في الالتفاف على استخدام الدولار الأمريكي، خاصة في أعقاب العقوبات التي تلت الحرب الروسية في أوكرانيا.
وذكرت وكالة رويترز أن الهند، التي تتولى رئاسة منظمة شنغهاي للتعاون ومجموعة العشرين هذا العام، سارت على حبل مشدود دبلوماسيًا حيث كانت العلاقات بين الدول الغربية والشراكة الروسية الصينية مشحونة بسبب غزو موسكو لأوكرانيا، وتزايد حضور بكين الحازم في الجغرافيا السياسية العالمية.
تراجعت علاقات الهند مع الصين منذ الاشتباك العسكري على حدودهما المتنازع عليها في جبال الهيمالايا عام 2020.
وخلال حديث مودي في وقت سابق على افتتاح القمة، حث أعضاء منظمة شنغهاي للتعاون على مكافحة الإرهاب بشكل مشترك والتصدي للتحديات العالمية مثل نقص الغذاء والوقود والأسمدة.
أتصل مودي هاتفيًا ببوتين عقب تمرد المرتزقة، حيث كرر مودي الدعوة للحوار والدبلوماسية فيما يتعلق بحرب أوكرانيا.
ومن المنتظر أن يزور كل من بوتين وشي نيودلهي في سبتمبر حيث تستضيف الهند قمة مجموعة العشرين، ويرجح أن يحضرها بايدن وزعماء الدول الأعضاء الأخرى.
ورفضت الهند تحميل روسيا مسؤولية الحرب وزادت التجارة الثنائية إلى حد كبير برفع مشترياتها من النفط الروسي إلى مستوى قياسي، وهو ما أثار غضب الغرب.
ويشير تقرير لشبكة “بي بي سي نيوز” إلى أن الغرب ينظر بشكل متزايد إلى الهند كثقل موازن للصين، رغم أن دلهي لم تظهر ذلك علنًا.
وقال مودي: “بعض الدول تستخدم الإرهاب العابر للحدود كأداة في سياساتها، وتوفر المأوى للإرهابيين. يجب على منظمة شنغهاي للتعاون انتقاد هذه الدول.
وذكر التقرير أن مثل هذه التصريحات تُفسر على أنها موجهة إلى الجارة باكستان. وقال رئيس وزرائها شهباز شريف إنه يتعين على دول المنظمة اتخاذ إجراءات “لمكافحة الشرور الثلاثة المتمثلة في الإرهاب والتطرف والانفصالية”.
وأكد لا ينبغي شيطنة الأقليات الدينية في “السعي وراء أجندات سياسية محلية”، حيث كثيرا ما تتهم باكستان الهند بعدم حماية حقوق المسلمين.
أصبحت المجموعة أكثر أهمية بالنسبة لروسيا والصين اللتين تدهورت علاقاتهما مع الغرب.