إن محاولة استخلاص نظرية للسرد التاريخي، لدى الفيلسوف الفرنسي الفذ بول ريكور، لهو أمر في غاية الأهمية، ويتطلب باحثا فذا أيضا، وهذا ما فعلته الباحثة جنات بلخن، التي أسرتني بهذه الدراسة التحليلية والقراءة التشريحية لفلسفة التأويل عند ريكور، الذي اتسع مجال التأويل لديه ليشمل الكون كله، وليس النص المكتوب فحسب.
ومن المعلوم أن جل اهتمام ريكور انصب على إنجاز مشروعه الفكري، الفلسفي، النقدي، التاريخي، السردي، القائم على التأويل، وتتعدد القراءات وتتنوع التأويلات، تبعا لذلك، فأثمر صراعا، بل حوارا ممتدا، بين التأويلات، ما أعطى دلالات جديدة للنصوص، وخاصة السردية، هي سردية هذا الكون الفسيح، وجودا، وزمانا، وسردا، ماضيا وحاضرا، ومستقبلا، عبر نسج الخيوط المتشابكة بين السردي والتاريخي، وآليات اشتغالهما وفعلهما فيما بين بعضهما بعضا.
يبدو للباحث، بعد قراءة المشروع الفكري، الفلسفي، التاريخي ، التحليلي، النقدي، ل بول ريكور، أنه لم يترك لغيره متسعا من القول في هذا المقام، وخاصة بعد انتقاله وجوديا، بعد قراءة فرويد، وكانط، وهوسرل، وهيجل، وصولا إلى فلسفة الهرمنيوطيقا(التأويل)، لكن جنات بلخن ترى أنه بدأ وجوديا، ثم انتهى وجوديا أيضا، عبر التاريخ، فكيف رأت وعلام استندت في رأيها؟ هذا ما يجيب عنه هذا الكتاب القيم.