الرجل الذي كان يوقن
أن الطريق التي دلها عليها
ريثما يرتب فوضاه ويلحق بها..
كان يوقن أنها
ستبتلع خطاها وتورثها الشتات
وهو رجل اللحظة العابرة
لا بقاء ولا امتداد
حمل حقائبه ولحق بقطار الأمنيات السريع
معلقا عمره في ذراع امرأة
تكفلت بتذاكر سفره للبعيد..
.. حيث لا إياب !!
المرأة التي قطعت مسافة من روحها
وحدها في طريق يغشاه الضباب
أدركت أنها وحدها.. تواجه مغبة الشوك
وأنه نصب لها هاوية
فتحولت لغيمة
غيمة حُبلى بالفراغ
الفراغ الذي سكن قلبها
أذهله هذا الفيض ال يسكنها
فصار يماما يعشش بين نبضها الدافق كنهر
النهر الذي فاض ثملا حين لامس دفؤها
أفضى للشواطىء بسرها الخفي
الشواطىء التي اعتادت تحليق النوارس وعناق الموج
صادقت الغيمة التي لم تزل تحمل ظلا من تلك المرأة
الظل الذي عاتب الطريق على تواطؤه مع ذاك الرجل المفارق
الرجل الذي آثر الوصول دون تعب
لم يزل يعلق عمره في ذراع امرأة تتكفل فاتورة حلمه
مسترخيا على جناحها يتذكر
تلك التي زين لها الطريق
بينما يضمر الفرار
وشامتا يبتسم
لصورة هوة تبتلع امرأة
امرأة آوت إليه ذات نبض
ولم يدر بخلدها أنها تأوي إلى ضياع
الضياع الذي فخخه لها في طريق تغشّاه الضباب
لا يعلم أنها تحولت
لغيمة..
لفراغ..
لظل..
لموج..
لنهر..
لشواطىء..
لمواسم حفّها النضوب
تكورت على نفسها ندما
ثم تحورت هشيما
ثم ذرت الهشيم رياح الألم
فعلقت بذرة على تلة السكون
وذات هطول
نبتت تلك البذرة فغدت زهرة..
ثم شجرة..
ثم حدائق ذات بهجة..
ونسيت ذاك الرجل الذي
أصاب عمرها جدبا
حين أورقت أمنياتها بربيع على غير موعد
بينما الرجل مازال عالقا
في ظل امرأة تتكفل أحلامه
أحلامه التي خبت
حين أرقه الحنين لامرأة
مرت به ذات ظمأ
ولم يكن يعي إلى أي شغفٍ تسكنه
فأخلى منها يديه
يديه التي ينظر إليهما الآن معاتبا
لمَ لم تتمسك أكثر
بامرأة تتقن شيفرة قلبه
تتكفل مؤونة نبضه
لا امرأة تمنحه تذاكر منفى
وتمحو أثر خطاه
عن كل طريق للعودة !!