ترتبط بالبدانة والسكتة الدماغية والنوبات القلبية والسكري والسرطان وضغط الدم والخرف والتهاب الكبد والاكتئاب والموت المبكر!!
تنتجها الشركات العابرة للقوميات، بهدف الربح، وتحتوي على أطعمة الحيوانات!!
بعضها يسبب الإدمان مثل المخدرات.. ويسوقونها على أنها مغذية!!
المشروبات الغازية والوجبات فائقة المعالجة.. تعيد تشكيل الاقتصادات الناشئة..!!
القوى التجارية تمارس نفوذها.. على النظم السياسية والاقتصادية
مطلوب قواعد ملزمة وفعالة.. لحماية الأطفال والشباب من المنتجات غير الصحية
تقرير يكتبه
عبد المنعم السلموني
من أغرب ما توصلت إليه الأبحاث أن الغذاء حل محل التبغ باعتباره السبب الرئيسي للوفاة المبكرة على مستوى العالم. في الولايات المتحدة، تبين أن عدد الذين يموتون بسبب أمراض سوء التغذية سنويًا أكبر من عدد الذين قتلوا في كل الحروب خلال التاريخ الأمريكي. وفي المملكة المتحدة، الوضع رهيب بنفس القدر.
ترجع التأثيرات الصحية للطعام إلى كمية الدهون والملح والسكر والألياف التي يحتوي عليها. وحتى لو استطاع الإنسان حساب كمية الدهون والملح والسكر التي يستهلكها في كل لقمة، فسيظل يهمل أحد المحددات الحيوية للصحة، وهو كيفية معالجة الطعام.
نحن نقوم بمعالجة الطعام منذ مئات الآلاف من السنين. نظامنا الغذائي طورته أمهاتنا عندما قمن بتعديل النباتات والحيوانات سواء عن طريق طحنها ورجها وسحقها، أو تغييرها من خلال التخمير والحرارة، قبل تمليحها وتدخينها وتجفيفها لحفظها. لقد شكلت معالجة الأغذية كل جوانب أجسامنا تقريبًا: فلدينا أقصر أمعاء مقارنة بأي حيوان في حجمنا لأن جزءًا من وظيفتها يتم تعويضه في مطابخنا.
قبل عشر سنوات، لاحظ فريق بحثي برازيلي أن السمنة تحولت من مشكلة نادرة إلى المشكلة المهيمنة على الصحة العامة، رغم أن الناس كانوا يشترون كميات أقل من الزيت والسكر. وكان أكثر ما يأكلونه هو الأطعمة المصنعة، كالبسكويت والحلويات وغيرهما. وطور الفريق تعريفًا يميز بين الأطعمة التقليدية، المصنعة، وتلك التي أطلقوا عليها الأطعمة فائقة المعالجة.
كان هدف الفريق البرازيلي اختبار الفرضية القائلة بأن الأطعمة فائقة المعالجة هي سبب المشاكل الصحية. الدراسات العلمية تظهر أن تناول كميات كبيرة من الأطعمة فائقة المعالجة UPFs يرتبط بزيادة الوزن والسكتة الدماغية والنوبات القلبية والسرطان والسكري من النوع 2 وارتفاع ضغط الدم وأمراض الكبد الدهني وأمراض التهاب الأمعاء والاكتئاب والخرف والموت المبكر.
ويقول تقرير لصحيفة الجارديان: المادة التي نبني منها أجسام أطفالنا، معظمها من “الوجبات السريعة”، لكن فكرتنا التقليدية عنها -رقائق البطاطس، والمشروبات الغازية -تحتاج إلى تعديل. وينبغي أن تشمل جميع أنواع خبز السوبر ماركت؛ وبالمثل حبوب الإفطار؛ الوجبات الخفيفة المعبأة ومنتجات اللحوم المعاد تشكيلها والوجبات المجمدة. ويجب الحذر، حيث يتم تسويق منتجات الأطعمة فائقة المعالجة UPFs على أنها صحية أو مغذية أو مفيدة لفقدان الوزن.
تظهر الأدلة الآن أن هذه الأطعمة ضارة ليس فقط لأنها مالحة ودهنية وسكرية وقليلة الألياف؛ فالمعالجة نفسها خاطئة. معظمها مصنعة من محاصيل مثل الذرة أو الصويا التي يتم تفكيكها إلى جزيئاتها الأساسية (معزولات البروتين والزيوت المكررة والكربوهيدرات المعدلة). ويتم بعد ذلك إعادة تجميعها باستخدام إضافات لإنتاج الطعام بأي شكل أو نسيج مرغوب فيه.
ويعد التلاعب بالملمس والمذاق جزءًا كبيرًا من المشكلة. غالبًا ما تكون الأطعمة فائقة المعالجة ناعمة جدًا وجافة جدًا. يتم إضفاء أوهام الرطوبة باستخدام الدهون والزيوت، ويكون محتوى الماء منخفضًا لزيادة مدة الصلاحية. لذا فهذه الأطعمة كثيفة الطاقة للغاية. إن كثافة الطاقة العالية المقترنة بالنعومة تعني أنك تأكل سعرات أكثر وبسرعة أكبر، وقد تطورت أنظمة الجسم على مدى ملايين السنين لتخبرك عندما تشبع، ولكنها في هذه الحالة لا تستطيع ذلك.
تعتبر الأغذية فائقة المعالجة، والتي تنتجها الشركات العابرة للقوميات، جزءًا من نظام غذائي مالي هدفه الربح، فهي تستخرج كل المكونات القابلة للبيع حتى من الأشياء التي تتم زراعتها لإطعام الحيوانات. وتظهر الأدلة أن بعض الأطعمة فائقة المعالجة UPFs تسبب الإدمان مثل السجائر وغيرها من المخدرات.
بالنسبة لكثير من الناس، تعتبر الأطعمة فائقة المعالجة الغذاء الوحيد المتاح بأسعار معقولة، لذلك يجب الحد من تسويق هذه المنتجات، وخاصة للأطفال. وعلينا إدراك أن الملصقات التحذيرية ضرورية، كما هو الحال مع منتجات التبغ. والحد من زيادة الوزن ومرض السكري والنوبات القلبية الناجمة عن تلك الأطعمة يعني الحد من الفقر وعدم المساواة التي تجعلها الخيار الوحيد للكثيرين.
وهناك سؤال يؤرق شركات تصنيع المشروبات الغازية مع تراجع شرب الصودا في الأسواق الأمريكية والأوروبية: كيف تجعل الناس يشربون المزيد من الصودا؟
في العقد الأول من القرن الحالي، انطلقت شركات المشروبات الغازية نحو المناطق الريفية في الدول منحفضة الدخل لبيع المزيد من المشروبات الغازية. لذلك صنعوا زجاجات أصغر حجمًا وأكثر متانة، حجم كوب واحد يمكن بيعه بسعر أرخص ويدوم لفترة أطول على الرفوف.
كما قامت بتصنيع مبردات تعمل بالطاقة الشمسية، سمحت للبائعين بالحفاظ على زجاجات الكولا باردة في أماكن خارج تغطية الشبكة الكهربائية، وتوفير خدمة شحن الهواتف المحمولة لعملائهم.
ويشير موقع npr.org إلى أن الشركات نشرت ما يسمى “سبلاش بار” وهي حاويات صغيرة تديرها نساء وتبيع جرعات من المشروبات الغازية وغيرها من خلال صنبور مقابل حوالي 7 سنتات أمريكية لكل جرعة لجعل المشروبات في متناول الجميع.
في كتابه الجديد “سياسة الأطعمة غير المرغوب فيها: كيف تعمل صناعات المشروبات الغازية والوجبات السريعة على إعادة تشكيل الاقتصادات الناشئة”. يقول إدواردو جوميز: تبنت الشركات هذه الإستراتيجية لأن منتجها أصبح متاحًا بشكل أكبر في المناطق النائية وأصبح لدى رائدات الأعمال طريقة جديدة لكسب لقمة العيش.
يقول جوميز، مدير معهد السياسة الصحية بجامعة ليهاي، إن العديد من شركات الوجبات السريعة تستهدف “الاقتصادات الناشئة”، حيث يرى الكثير من الناس أن القدرة على شراء الوجبات السريعة -ليس فقط المشروبات الغازية ولكن رقائق البطاطس والحلويات المعبأة والوجبات السريعة من السلاسل -هي علامة على أنهم صنعوا ذلك في بلادهم. ويحاول مصنعو الوجبات السريعة إضفاء وجه إيجابي على حملاتهم لتوسيع نطاق جمهورهم. فهم يقيمون شراكات مع الحكومات المحلية تحت دعوى مكافحة الجوع والفقر، حتى في حين يؤدي الاستهلاك المتزايد للوجبات السريعة إلى ارتفاع معدلات السمنة والسكري.
يضيف جوميز: يطلق قادة الصناعة والسياسيون برامج اجتماعية حسنة النية ولكنهم يتجنبون القواعد التنظيمية التي يمكن أن تضر أرباح الصناعة. والنتيجة، أن صناعات الوجبات السريعة تزدهر في الدول منخفضة الموارد على حساب الأطفال والفقراء، الذين يصابون بمشاكل صحية طويلة الأمد بسبب استهلاك الأطعمة الفائقة المعالجة.
القوى التجارية تحد من حريتنا في الاختيار أكثر مما نعتقد. تظهر الأدلة الجديدة المنشورة بمجلة لانسيت أن الأسباب الرئيسية لاعتلال الصحة -مثل السمنة والأمراض غير المعدية المرتبطة بها -لها علاقة بالكيانات التجارية التي تتمتع بموارد مالية كبيرة ولديها القدرة على تشكيل الخيارات التي يتخذها الناس. وهم يفعلون ذلك بالتأثير على النظام السياسي والاقتصادي، وأساليبه وسياساته التنظيمية الأساسية. إنهم يخلقون بيئة تدفعنا نحو خيارات غير صحية.
بالنسبة لمن لديهم مبلغ محدود من المال، فإن “حرية اختيار الطعام” تتحدد من خلال ما يختار مصنعو الأغذية والمشروبات وتجار التجزئة إنتاجه وتسويقه وبيعه.
ولأن التسويق يخلق الطلب. تمتلئ محلات السوبر ماركت بالأطعمة فائقة المعالجة مع الكثير من السكريات والدهون غير الصحية والمواد المضافة الضارة. تم تصميم هذه المنتجات لتنشيط “الشعور بالسعادة” فتثير حاسة تذوقك وتجعلك تطلب المزيد. يستخدم مصنعو الأغذية والمشروبات أساليب غير أخلاقية لتسويقها.
كما أن أرباح شركات الأغذية والمشروبات تعزز نفوذها السياسي بالأسواق غير الخاضعة للتنظيم في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل. وتستخدم قوتها الاقتصادية (التوظيف، وعائدات الضرائب) لممارسة الضغوط التي تضعف سياسة الحكومة.
وتشير مجلة لانسيت إلى ضرورة وضع “اتفاقية دولية” بشأن المحددات التجارية للصحة، بدعم من منظمة الصحة العالمية والدول الأعضاء فيها. من المقترح أن يقوم قادة سياسات الصحة العامة والسياسيون بتكرار اتفاقية مكافحة التبغ بجعلها ملزمة قانونًا للدول والامتثال لمجموعة من المبادئ أو القواعد. ويجب أن يكون الإطار واسعًا بما يكفي لتغطية النطاق الكامل للتأثيرات التجارية على الصحة.
ويمكن للحكومات استخدام قوتها الشرائية لتشجيع إنتاج وتوزيع الأغذية الصحية والحد من توافر المنتجات الغذائية غير الصحية.
في عام 2008، أمر عمدة مدينة نيويورك الجهات التابعة للمدينة بالوفاء بمعايير المشتريات العامة للأغذية لأكثر من 260 مليون وجبة ووجبة خفيفة سنوية في 12 جهة، ومنها المدارس والمستشفيات والملاجئ. وهي تغطي منتجات الألبان والحبوب واللحوم والفواكه والخضروات.
ويشكل برنامج الغذاء المدرسي البرازيلي مثالاً آخر لسياسة المشتريات العامة الوطنية التي تحقق فوائد صحية مباشرة. يوفر البرنامج وجبات صحية لملايين الطلاب في المدارس العامة في أنحاء البرازيل.
ويمكن أن تستفيد الدول في جميع أنحاء العالم من هذا النموذج، ومنها الدول الأفريقية، حيث تظل الأطعمة والمشروبات غير الصحية متاحة بسهولة في المدارس.
الإعلان “مساهم رئيسي”
تقول وزارة الصحة بنيوزيلندا إن الإعلان عن الوجبات السريعة “مساهم رئيسي” في الأمراض التي تتسبب في الموت المبكر. “الإعلان عن الأطعمة والمشروبات غير الصحية يسهم في الإصابة بالسمنة، والسكري من النوع 2، وأمراض القلب والأوعية الدموية، والسرطان، وأمراض الفم، والأمراض العصبية وغيرها من الأمراض غير المعدية”.
هذا جزء من تقرير وزارة الصحة إلى هيئة معايير الإعلان، التي تضع مبادئ توجيهية جديدة لتسويق الأطعمة والمشروبات والإعلان عنها للأطفال.
“يجب أن تشمل المسؤولية الاجتماعية عدم استخدام المعلومات الشخصية للأطفال لاستهدافهم بالإعلانات، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة الإعلان عن المنتجات والأنشطة التي قد تضر بصحة الأطفال.”
تريد وزارة الصحة حظر التتبع الرقمي لاستهداف الأطفال، وهو ما تقول إنه شائع على المواقع الإلكترونية للعلامات التجارية الشهيرة للأغذية والمشروبات.
“قدمت نصف هذه المواقع للأطفال فرصة التسجيل ليصبحوا أعضاء أو للدخول في عرض ترويجي، بينما 13٪ فقط من هذه المواقع تحتوي على معلومات عن الآباء تتعلق بالحسابات.”
وقال ليندساي موات، رئيس اتحاد المعلنين النيوزيلنديين، إن “شركات الأغذية والمشروبات “العرضية” لا تستهدف الأطفال بل تستهدف الآباء أو البالغين.”
وتساءل: “إذا كانت الإعلانات هي المشكلة، فلماذا ترتفع معدلات السمنة في نيوزيلندا مقارنة بالدول المماثلة؟”. “لماذا هذه المعدلات أعلى من أستراليا، مثلًا، في حين أنهم يرون نفس إعلانات المنتجات التي يتم تسويقها؟”
يوجد في نيوزيلندا ثاني أعلى معدل للسمنة لدى الأطفال في العالم المتقدم، وثالث أعلى معدل للسمنة لدى البالغين.
تعتقد وزارة الصحة أن الإعلان هو جزء أساسي من المشكلة وأن قانون معايير الصحة العامة (ASA)، وهو نظام طوعي تنظم فيه الصناعة نفسها، هو نموذج معيب. فالقواعد الطوعية ليست فعالة في حماية الأطفال والشباب من المنتجات غير الصحية.
والأطفال في المناطق الفقيرة يشاهدون المزيد من إعلانات الوجبات السريعة، حيث يزيد عدد منافذ تسويقها بثلاثة أضعاف لكل 10000 شخص في تلك المجتمعات، مقارنة بالمناطق الغنية.
ويقول موقع rnz.co.nz إن المبادئ التوجيهية الجديدة، بقانون معايير الصحة العامة للمعلنين، والتي تم طرحها حاليًا للتشاور، من المقرر الانتهاء منها هذا الشهر، وهي تضع قواعد أكثر صرامة لتسويق الوجبات السريعة للأطفال.
تقول مسودة إرشادات القانون الجديد: “يجب ألا تحمل ملابس الأطفال أو المواد الترويجية الموزعة عليهم اسم العلامة التجارية أو شعارها”.
لكن مصنعي وموردي المواد الغذائية يستثمرون 40 مليار دولار في السوق المحلية ويوظفون 20% من القوى العاملة في البلاد، ويقاومون هذا التغيير.
يقولون:”هذا الحظر يحرم الفرق الرياضية والأحداث الرياضية من الإيرادات الهامة.” وقد وجدت دراسة، شملت 408 من أندية لكرة القدم وكرة السلة وكرة الشبكة والرجبي للأطفال، أن 28% منها حصلت على رعاية الطعام أو الشراب من شركات الوجبات السريعة.