و..
بت أخشى أن يزول الحزن يا صديقي كما ذهب الأحبة، فأغدو بلا رفيق..
فهل رأيت يا صديقي مدى الهشاشة التي وصلنا إليها؟!..
حتى بتنا نتعلق بأي شيء يبقى..
ولو كان حزنا..
ولو كان ما تركن إليه هو أكثر جوانب العمر وجعا..
أنا هنا..
بين الضياع والضياع، أجر أثواب الأحلام الواسعة جدا فأنكفئ..
وأعاني..
من ألم في القلب لا ينقضي..
وسطوة في الذكريات تلتهم بقايا الضوء..
وتتركني في منتصف المسافة بين الشك واليقين..
فلا أنا أدركت منازل الشهداء، ليغدو الفناء-حينها-ذا قيمة..
ولا أنا الذي تراجعت ليكون الجبن عن خوض معركتي الأخيرة..
هو انتصاري المهزوم..
أرأيت يا صديقي؟!..
أرأيت كيف يدفعك الذبول لتهرب من تلك الجموع، وتنزوي إلى تلك الزاوية البعيدة..
ليغدو ذلك الحزن العظيم هو كل ما أنجزت..
منذ أول نزف..
حتى تصل إلى آخر مراحل الجفاف يباسا..
لا شيء بقيَ لتبكيه..
إنما يبكيك كل ما حولك..
إما بالشفقة المصطنعة..
وإما بالصمت المطلق كناية عن عدم الاكتراث..
فلا حديث عندها يجدي..
ولا بكاء يمنحك الحق في العودة..
إلى حيث كان القلب عند ريعان الشغف..
لا تعرف ، كيف تغري طينك الحجر..
ليرجمك برأفة..
وتتساءل كالمجنون..
من سرب ماء اللين من بين حنايا التراب..
لينتهج كل هذه القسوة..
ياااا لخيبة العمر، حينما تشج قلبك بالحصى..
الذي عجنته يوما..
متكئا على زهدك..
مكتفيا بما جمعت قبضتك من سراب الخلد..
يا لكل هذا الحطام..
وبعضك يصرع بعضك..
تقود خطاك اليائسة..
إلى نشوة العثرات..
متجذر فيك، ذلك الذي دفعك لتحصد الخيبة..
وكأنك تعوض مواسم الحصاد عن كل سنابلك التي أخلفت ظن المناجل..
بالسوء أو بغيره..
آن لك أن تقدم رؤوس قمحك المثقل بالحنين..
قربانا لشراسة العصفور..
ياااا لله درك..
كيف جمعت هكذا..
بين النقيضين..
في سلة واحدة..
انتهى..
النص تحت مقصلة النقد..
بقلمي العابث..