ما حدث في أرض فلسطين الآن مما يؤلم القلوب ، لا داعي أن تكون مسلما حتى تشعر شد الحزن والغم يكفيك أن تكون إنسانا تخزن و تهم بما حدث في أرض فلسطين، حين ترى البيوت التى هي مأواهم مدمرة بالصواريخ، وكل يوم ازداد عدد الضحايا من الأطفال والنساء والشيوخ والرجال من المدنيين الذين ليس عليهم ذنب في هذا الحرب. فما المشكلة الأساسية التي تجعل الصهيوني الاسرائيلي تريق دماء الأبرياء، أهي قضية الإرهاب أم قضية الاستعمار؟
ربما يقول هولاء إن ما حدث في فلسطين من أجل مواجهة الجماعة الارهابية ومكافحتها!!.. وهذا لايسلم أصلا. ونحن لا نعرف بأي منطق يفكرون؟ هل الدفاع عن النفس يسمى إرهابيا؟ وهل الدفاع عن وطنهم يصح أن يطلق عليهم إرهابي، والمطالبة بحقوق أرضهم يصح أن يقال عليهم إرهابي؟ إذا كان مصطلاح الارهاب يطلق على من ضحى نفسه لأجل الوطن فكلنا إرهابيون!
ولو رجعنا إلى معنى مصطلح الإرهاب تجد أن هناك تعريفات كثيرة في مفهوم كلمة الإرهاب، منها: أن الارهاب هو استخدام العنف أو التهديد به لخدمة أهداف سياسية، دينية ايديولوجية، ومرة يقال: أنه الأفعال التي تتسبب في وقوع ضحايا وإيقاع الضرر بأكبر قدر من أفراد المجتمع وغره من التعريف، وبهذه اختلافات في تعريف مصطلح الإرهاب حاولت الأمم المتحدة تعريف المصطلح، وهي الأفعال الإجرامية المنوية أو المحسوب لها لتسبب حالة من الذعر للملأ العام، مجموعة من الأشخاص أو شخص معين لأغراض سياسية هي غير مبررة في أي ظرف، مهما كان الاعتبار للفلسفة السياسية، أو الأيديولوجية العنصرية العرقية، دينية أو أي طبيعة أخرى والتي يمكن أن تكون مقصودة لتبريرهم.
ويمكن أن نستحضر مطللح الإرهاب إلى واقع الأمر في تاريخ فلسطين، ففي عام 1982م من 16إلى 18 سبتمبر قد وقعت مجزرة مخيمي صبرا وشاتيلا ، بعد أن سمحت قوات الجيش الإسرائيلي المسماة قوة الدفاع الإسرائيلي، التي كانت تحتل بيروت آنذاك تحت القيادة العامة لأرييل شارون بصفته وزير الدفاع، وبلغ عدد القتلى بضعة آلاف من بيته الأطفال والنساء والشيوخ والرجال من الشعب الفلسطيني، وهذا أبشع مجازر القرن العشرين، وهناك مجزرة أخرى التي ارتكبها الإسرائلي، مثل مجزرة قبية، 14 أكتوبر 1953م. ومجزرة دير ياسين في عام 1948م. ، مذبحة مخيم جنين في أبريل 2002م، ومن عام 2007م حتى الآن تم الحصار على قطاع غزة وتحكم إسرائيل بالكامل على الحدود البرية والبحرية ، وتحكم دخول مواد البناء والكثير من السلع الأساسية، من الأغذية والأدية، وتحكم على على امدادات الكهرباء والمياه، حتى يقال أن الغزة هي أكبر السجن في العالم، وهذه جريمة ضد الإنسانية.
وبعد أن رأينا الجرائم التى حدثت في تاريخ القضية الفلسطينية، بقي السؤال عندي يبدو أن الإجابة واضحة لدى الجميع، من الذي يمثل عملية الإرهاب في أرض فلسطين؟ أهم الشعب الفلسطينيين الذين يدافعون عن أرضهم ، أم هم الإسرائيليون الذين احتلوا أرض فلسطين؟
والعجب من ذلك أن الأمريكا والدول الأوروبية يسنكرون ما فعله روسيا في أوكراينا ووقفوا وراء أوكرانيا وساعدوهم بالمادة والاسلحة، ويطلق على جيش أوكرابيا أبطال الدولة لانهم ضحوا أنفسهم من أجل الوطن. إذا مايفرق بين شعب فلسطين وشعب أوكرانيا وكلاهما يدافعان عن وطنهم، فلماذا أطلق الإرهاب في الطرف و أطلق البطل في الطرف الأخر؟ أليست القضية واحدة؟
فلايبقى أمامنا إلا أن نقول أن هذه القضية قضية استعمارية، تهدف إلى سيطرة أرض فلسطين، والاستعمار نظام التخلف في التاريخ البشر، نظام انتشر فيه الظلم ، واستبداد الاخرين، فالمستهدف عند إسرائيل ليس مكافحة الإرهاب، بل المستهدف هو الاستيلاء على أرض فلسطين بالكامل، وطرد الشعب الفلسطيني من أرضهم ووطنهم.
وما الحل في هذه العزمة؟ وقد اجمتع كثيرا رؤساء الدول للبحث عن حل هذه العزمة، وطرحت أفكار من ضمنها تقسيم دوليتين مستقلتين، في عام 1948 اقترحت الأمم المتحدة إلى تقسييم فلسطين إلى دولتين مستقلتين، واحدة عربية فلسطينية والأخرى يهودية، فأعلنت الإسرائيل باستقلالها كدولة إسرائيل في عام 1947م ، إلا أن الدول العربية رفضت هذا الاقتراح، فحدث الحرب بين الإسرائيل مع الدول العربية المجاورة، وبعد هذا الحرب توسعت الدولة الإسرئيلية حتى سيطروا على 77 في المائة من أرض فلسطين، ومن حق دولة فلسطين والدول العربية أن ترفض هذا الاقتراح، خوفا من السياسية الاستعمارية عند إسرائيل. وفي فترة الأخيرة هناك اقتراح في تهجير فلسطينيين إلى أرض سيناء التي تقع في الشمال الشرقي من جمهورية مصر العربية، وهذه الفكرة شبه مستحيل، لا أهل فلسطين يرضى بهذا ولا أهل مصر، كأن هذه الفكرة هي المخططة عند إسرائيل من زمان!
فكان بالنسبة لي ان فكرة التقسيم إلى دولتين أقرب للتنفيذ، ولا إشكال في الإسلام أن يتعايش المسلمون مع اليهود في دولة واحدة فضلا عن دولتتين مستقلتين جنبا إلى جنب، طالما يحترمون الوثائق المتفقة بينهما، وهذا ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم في أول بنائه للمتجتمع الاسلامي في المدينة المنورة فكتب الوثيقة بين المسلمين واليهود، ومما كتب في الوثيقة : ” إن يهود بني عوف أمة مع المؤمنيين، لليهود دينهم وللمسلمين دينهم، إلا من ظلم وأثم فإنه لا يوتغ ( يهلك ) إلا نفنسه وأهل بيته” وأيضا : ” وإن على اليهود نفقتهم وعلى المسلمين نفقتهم وإن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة وإن بينهم النصح والنصيحة والبر دون الأثم ” هذه الوثقية تؤكد لنا أن التعايش السلمي بين المسلمين واليهود ليس مستحيلا بشرط أن كل واحد من الطرفين يحترم الوثيقة الإتفاقية، ولا يتتهكها، ولا بد من إجراء العقوبة اللازمة على المتعدي لهذه الوثيقة.
وبالإضافة، أن تقسيم دولتين من باب درء أعظم المسفدتين بارتكاب أخفهما، فإن الواقع أن إسرائيل قد تولى نسبة كبيرة على أرض فلسطين، وسيطوروا عليها وحصروها، إذا لم تستقل دولة فلسطنين فيمتد الحصار، وكل يوم ازداد عدد الضحايا من المدنيين، ولكن إذا تم تقسيم دولتين واستقل فلسطين وتولى 50 من مائة من أرض فلسطين فهذا يسد بابا على الإسرائيل للمداخلة على أمور الدولة، سياسية واقتصادية وثقافية، فالدولة تستطيع أن تخطط مستقبلها، ولا إشكال أن يتنازل في بعض الحقوق إلى أن يفرج الله تعالى هذه الأمة ويعيد غزتها مرة أخرى، ويفتح للمسلمين سبيلا.