أن الوضع الحالي يشير إلى أن الدولار إلى تراجع، لكن لا يمكن القول بأن الدولار سيختفي أو يتراجع أو أن يكون ضعيفاً في الـ 20 سنة المقبلة لان الأرقام المرتبطة باحتياطيات البنوك المركزية من الذهب والدولار والعملات الصعبة (اليورو تحديداً) تؤكد استحواذ الدولار على نسبة أكثر من 58 بالمئة.
أن تراجع حصة الدولار من 71 بالمئة في وقت سابق إلى 58 بالمئة يشكل بالطبع تحدياً كبيراً، مشدداً على أنه “إذا قررت كتل صناعية كبرى –
وليست فقط على صعيد المعاملات الثنائية على أهميتها بالطبع- أن تعتمد اليوان في المعاملات الرسمية فإن هذا الأمر يشكل تحدياً بالنسبة للولايات المتحدة.. على سبيل المثال إذا قررت أوبك بلس ذلك الأمر، وهو ما يشرح النفوذ الصيني المتزايد والمفهوم بأن الصين هي المصنع رقم واحد في العالم”.
“الأيام التي كان فيها الدولار عملة احتياطي معدودة، ونحن نعود إلى الأساسيات. كما تعلمون، كل ما هو جديد هو قديم منسيّ. كان للذهب قيمة خاصة في الماضي، والمستقبل له. إن البنوك المركزية ذكية بما يكفي لتتوقع المستقبل وتزيد احتياطاتها من الذهب الآن”.
ظل الدولار العملة الاحتياطية الأولى في العالم منذ الحرب العالمية الثانية، لكن مجموعة من الأسباب السياسية والاقتصادية بدأت ببطء في تقويض هيمنته.
ووفقاً لصندوق النقد الدولي، فإن ما يقرب من 60% من الاحتياطيات الدولية محتفظ بها في أصول مقيمة بالدولار، كما أن الدولار هو العملة الأكثر استخداماً في التجارة.
ومع العقوبات التي يقودها الغرب ضد روسيا والمتعلقة بغزوها لأوكرانيا تجعل الدول الأخرى حذرة من العواقب المحتملة لعبور واشنطن لولايات المتحدة هي المُصدر للعملة الاحتياطية الأولى في العالم، وهي أيضاً العملة المهيمنة في التجارة الدولية وأنظمة المدفوعات. وبالتالي، فإن لها سيطرة كبيرة على الاقتصاد العالمي وغالباً ما يتم المبالغة في تقديرها، حسبما أفاد مركز أبحاث “ويلسون” في مايو
تكتسب العملة الأميركية قوة مقابل معظم العملات حول العالم، مما يجعل الواردات أكثر تكلفة بالنسبة للدول الناشئة.
في الأرجنتين، ساهم الضغط السياسي وتراجع الصادرات في انخفاض احتياطيات الدولار الأميركي وضغط على البيزو الأرجنتيني، مما أدى بدوره إلى زيادة التضخم. أن “التغيير الهيكلي في سوق النفط الناجم عن ثورة النفط الصخري، يمكن أن يضر بشكل متناقض بالدولار الأميركي كعملة احتياطية عالمية، لأن مصدري النفط الذين يلعبون دوراً حاسماً في وضع الدولار الأميركي، سيحتاجون إلى إعادة توجيه أنفسهم نحو البلدان الأخرى وعملاتهم”.بلغ الدولار أعلى مستوى له منذ عام 2000، بارتفاع قدره 22% مقابل الين، و13% مقابل اليورو، و6% مقابل عملات الأسواق الصاعدة منذ بداية هذا العام. وتنطوي هذه الزيادة الحادة في قوة الدولار خلال شهور قلائل على انعكاسات اقتصادية كلية كبيرة بالنسبة لكل البلدان تقريبا، نظرا لهيمنة الدولار في مجالي التجارة الدولية والتمويل.
وبينما تراجع نصيب الولايات المتحدة من الصادرات السلعية العالمية من 12% إلى 8% منذ عام 2000، فإن نصيب الدولار من الصادرات العالمية ظل ثابتا حول نسبة 40%. وبالنسبة لكثير من البلدان التي تكافح لتخفيض التضخم، أدى تراجع عملاتها مقابل الدولار إلى زيادة ما تواجهه من صعوبة في تحقيق هذا الهدف. وتشير التقديرات إلى أن كل ارتفاع في سعر الدولار بنسبة 10% ينتقل تأثيره* إلى التضخم على هيئة ارتفاع بنسبة 1%، في المتوسط.
وتكون هذه الضغوط بالغة الحدة في الأسواق الصاعدة، انعكاسا لاعتمادها الأكبر على الواردات ونصيبها الأكبر من الواردات التي تسدَّد فواتيرها بالدولار مقارنة بالوضع في الاقتصادات المتقدمة. واعتبارا من الآن، تمثل أساسيات الاقتصاد عاملا رئيسيا في ارتفاع سعر الدولار، أي الارتفاع السريع في أسعار الفائدة الدولارية وتحقيق الولايات المتحدة معدلات تبادل تجاري أفضل – وهي مقياس لأسعار صادرات أي بلد مقابل وارداته – بسبب أزمة الطاقة.
وفي سياق مكافحة الارتفاع التاريخي في معدل التضخم، شرع الاحتياطي الفيدرالي في عملية تشديد عاجلة لمسار أسعار الفائدة الأساسية.
وإذ يواجه البنك المركزي الأوروبي امتداد التضخم على نطاق واسع، فقد أشار إلى مسار أقل حدة لأسعار الفائدة الأساسية، بدافع القلق من أن تؤدي أزمة الطاقة إلى هبوط اقتصادي. وفي الوقت ذاته، سمح التضخم المنخفض في اليابان والصين للبنك المركزي في البلدين بمقاومة الاتجاه العالمي نحو التشديد.
يتعين على البلدان المحافظة على احتياطياتها الأجنبية الحيوية للتعامل مع التدفقات الخارجة والاضطرابات التي قد تزداد سوءا في المستقبل. فالبلدان التي تستطيع إعادة العمل بخطوط تبادل العملات مع البنوك المركزية في الاقتصادات المتقدمة يتعين عليها القيام بذلك. وينبغي للبلدان ذات السياسات الاقتصادية السليمة والتي تحتاج إلى معالجة مواطن ضعف معتدلة .
أن تستفيد بشكل استباقي من الخطوط الوقائية التي يتيحها الصندوق لتلبية احتياجات السيولة في المستقبل. أما البلدان ذات الديون الكبيرة المقومة بالعملات الأجنبية، فعليها الحد من عدم اتساق العملات الأجنبية باستخدام إدارة تدفقات رأس المال أو السياسات الاحترازية الكلية، بالإضافة إلى عمليات إدارة الدين بغية تمهيد أنماط السداد.
وبالإضافة إلى أساسيات الاقتصاد، ففي ظل ضيق الأوضاع في الأسواق المالية، تشهد بعض البلدان دلائل على اضطرابات في السوق مثل ارتفاع علاوات التحوط لمخاطر العملات وعلاوات التمويل بالعملة المحلية. ومن شأن الاضطرابات الحادة في أسواق العملات الضحلة أن تتسبب في تغيرات كبيرة في هذه العلاوات، مما قد ينشئ حالة من عدم الاستقرار الاقتصادي الكلي والمالي. وفي مثل هذه الحالات، قد يكون من الملائم القيام بعمليات تدخل مؤقتة في سوق الصرف الأجنبي. ومن الممكن أن يساعد هذا أيضا في منع تضخم التطورات المالية المعاكسة إذا سجل سعر العملة انخفاضا كبيرا فزاد من مخاطر عدم الاستقرار المالي، مثل تعثر سداد ديون الشركات، بسبب عدم اتساق العملات.
وأخيرا، فإن التدخل المؤقت يمكن أيضا أن يدعم السياسة النقدية في الظروف النادرة التي يمكن أن يؤدي فيها انخفاض سعر الصرف بدرجة كبيرة إلى انفلات التوقعات التضخمية عن الركيزة المستهدفة، ولا تتمكن السياسة النقدية وحدها من استعادة استقرار الأسعار.
إن العديد من العوامل تدفع نحو تراجع هيمنة الدولار “جزئيا” في الوقت الراهن، لكن الأمر يحتاج لسنوات، خاصة في ظل توجه العديد من الدول لإجراء تعاملاتها بالعملات المحلية. إن أي تخلف للولايات المتحدة عن سداد ديونها يؤدي إلى تغيير التصنيف السيادي لديونها، وبالتالي يؤدي حتما إلى عدة سيناريوهات:
السيناريو الأول يتمثل في هروب المستثمر الأجنبي من حيازة الدولار الأمريكي كعملة ادخار واستثمار. السيناريو الثاني يتمثل في ارتفاع كلفة الاستدانة لاحقا، وبالتالي في مزيد من العجز في الموازنات، ومزيد من طباعة الدولار، خاصة في حال قررت الولايات المتحدة المحافظة على تواجدها الخارجي، وعلى نفوذها السياسي والعسكري وبالتالي عدم خفض الموازنات.
السيناريو الثالث، هو “هروب الرساميل الأجنبية خوفا من انهيارات كبيرة محتملة في عدة قطاعات، وليس في القطاع المصرفي فقط”.
إن رفع نسبة الفائدة من قبل الفيدرالي الأمريكي يؤدي إلى رفع قيمة سداد الديون الأمريكية تجاه الخارج، وبالتالي خروج الدولار من السوق الأمريكي، بما يؤدي إلى تراجع قيمته التي تحدد على أساس العرض والطلب.
01277691834