لاأذكر متى بدأ ذلك الألم اللعين بقضم كتفي اليسرى، كل ماأتذكره هو وجهك، يلوح على قسماته طيف ابتسامة، تهمس لي بوداع قصير لايتجاوز عدد إصبعين في كفي، كفي التي كنت تحتضنها وتشدها مغدقا عليها لمسات الصبر حتى موعد عودتك، لاأذكر على وجه التحديد في أي ساعة بدأ ينهشني الوجع، أقصد وجع كتفي، مددت يدي لأوقف الألم، فتحسست أناملي رمشا وشفتين، يبدو أنهم سقطوا هنا منذ خمسة ايام خلت، حين وضعت رأسك على كتفي وطبعت عليه قبلة ساخنة ،لابد أنك كنت تهمس لي بشيء لحظة الوداع مثل أحبك ،سأعود قريبا ، يومين، ثلاث ، أو هكذا ظننت أنا، كان كتفي يحتضن رأسك كوسادة طفل ناعمة.
في الحقيقة مر يوم، ويوم آخر ثم آخر وآخر، ولم أشتق إليك،
لم يترك غيابك فجوة في قلبي ورأسي ، لاشيء تغير، أتناول فطوري كالمعتاد، أمج من سيجارتي وانفث غيمات الدخان بعيدا فتتشكل منها ذكريات لكتف ورأس ،
تبجحت ساخرة أترنم بصوت ضحكتي الموشومة بالإنتصار، وأخيرا انتصرت على قلبي،
لم يحدث غيابك فرقا، لم يزداد وزني، ولم اتناول الحلوى بشراهة المكتئب المشتاق، بلى هكذا وبكل بساطة، أنا لم أضمحل بعد فراقك، لم تسقط خصلات من شعري أثر وجع الغياب، لم أهجر أحمر شفاهي يعاني من الوحدة، أنا كما أنا، لاشيء تغير .
لم يحدث غيابك فرقا.
سوى أن كتفي اليسرى تتمزق وجعا ، ربما هي تشنجات طارئة أصابت عضلة الكتف ، فأنا لاأصدق الخرافات، أيعقل أن كتفي تشتكي وجعا يقال عنه الإشتياق ؟!!!
حيث وضعت رأسك ومسحت عليه بشفتيك، إنها ترهات، فغيابك لم يحدث فرقا ، سأضع على كتفي مرهما ، وأدلكه كي يزول الألم الذي يقطعني بسكين عمياء، على شرط أن لايمحو المرهم الرمش وآثار الشفتين، فمن دونهم سأشعر بالبرد، لا، لا أقصد بأنني أحتفظ بآثارك شوقا إليك، لكن الأسطورة تقول:
(احتفظ ببعض من أشياء من تحب كي لاتفرق بينكما الأيام) وكما تعلم فأنا لاأملك لك صورة أو قميصا أو حتى عقب سيكار، سأدخر الرمش وبقايا آثار الشفتين، تيمنا بالأسطورة لا
أكثر ، بلى، لم يحدث غيابك فرقا سوى إن قلبي فارغ وهوة سحيقة تعتصر رئتي، ووجع مبهم يأكل كتفي، لا، لم أشتاق إليك، لكن، هل قلت لي أنك ستغيب يومين ؟!
اذا” مابال ساعة الجدار متوقفة، والشمس لم تدن من نافذتي منذ دهور خلت !!