هل ذهبت امريكا حقا لمضيق باب المندب لحماية الملاحة ام عزل مصر عن اسيا؟!
يوم ١٩ مارس ٢٠٠٣ يوم غير مسار التاريخ والمنطقة العربية للأبد
في هذه الليلة خرج الرئيس الامريكي حينها جورج بوش الابن في خطابه الشهير يعلن انه حان الوقت لتحرير العراق من النظام الديكتاتوري لصدام حسين
وحان الوقت لإزالة خطر صدام الدي يهدد العالم بامتلاكه سلاح نووي
وحان الوقت ليعيش العراقيين في حرية ورخاء وديمقراطية
مر اكثر من ٢٠ عاما لم يرى فيهم العراقيين الا الخراب والارهاب والتشريد والتقسيم
من نووي العراق الى ضربات الناتو لسوريا وليبيا في ٢٠١٣ لتحريرهم من الديكتاتورية
تتحرك الولايات المتحدة بالأكاذيب
تعلن شيء وتجيد الترويج له ولكن الهدف الحقيقي شيء آخر
هل ذهبت للعراق لتخليص العالم من نووي العراق وتحقيق حرية العراقيين؟
هل ضربت سوريا وليبيا ومن قبلهم افغانستان وفيتنام من اجل حرية شعوب هذه الدول؟
من لا يقرأ التاريخ محكوم عليه ان يعيش مخدوعا في الاوهام
هل ذهبت امريكا لجنوب البحر الاحمر لحماية الملاحة؟! أو حتى حماية سفن إسرائيل؟!
من يصدق هذا الكلام إما أبله او جاهل بالتاريخ والجغرافيا والواقع
لكي تفهم حجم الكارثة التي تخطط لها أمريكا والسبب الحقيقي لهذا التحرك العسكري غير المسبوق وسبب رفض مصر الانضمام للتحالف الذي انشأته لتلك المهمة
يجب اولا ان تدرك مجموعة حقائق لترى الصورة الاوسع
الحقيقة الأولى ان ترى الحوثيين على حقيقتهم كمليشيا وظيفية يتحركون بريموت كنترول من ايران
عندما كانت الامور متوترة بين السعودية وايران كانوا يقصفون المملكة كل يوم ووصل فجرهم لاستهداف مكة المكرمة اكثر من مرة فهم لا دين لهم ولا انتماء الا خدمة من يشغلهم ويمدهم بالمال والسلاح ليحافظوا على مكتسباتهم في حكم غرب اليمن
الحقيقة الثانية ان نظام حكم ايران هو ايضا نظام وظيفي يلعب الدور المرسوم لتحقيق مصالح الاجندة الغربية
من ينسى لقطات عودة الخميني الى ايران على طائرة خاصة فرنسية بصحبة رجال الاستخبارات الامريكية والفرنسية والبريطانية
من ينسى دور ايران الوظيفي من الثمانينيات في استنزاف العراق وتسليمه منهكا للغزو الامريكي
من ينسى دورها في التسعينيات في مصادرة المقاومة اللبنانية من خلال حزب الله لضرب الدولة اللبنانية والسورية
من ينسى دورها في الالفينيات في ابتزاز الخليج والضغط عليه لجعله لقمة في يد امريكا فيضعوا قواعدهم العسكرية بداخله ويضمنوا استمرار تدفع النفط بالاسعار التي يحددوها ويبيعوا لهم بمليارات الاسلحة لتشغيل المصانع الامريكية خوفا من البعبع الايراني
من ينسي دورها القذر من ٢٠١١ في تفكيك العراق وسوريا واليمن
وتحقيق ما فشلت فيه اسرائيل من هدم الجيوش الوطنية لهذه الدول
اسرائيل وإيران وجهان لعملة واحدة لنفس الصانع ونفس الهدف
تدمير الدول العربية وما الخلاف العلني بينهم سوى توزيع ادوار ليعطي كل منهم ذريعة للآخر لتقسيم المقسم من القوى العربية
وبعد الانتهاء من العراق وسوريا ولبنان واليمن وليبيا والسودان
حان وقت الجائزة الكبرى
لم يتبقى في المنطقة جيش قوى سوى الجيش المصري
لم يتبقى دولة اقتصادها واعد وتملك كل المقومات لتكون دولة كبرى الا مصر
وحان وقت كسرها
وبنفس محاور السيناريو
المحور الاول ادعاء التحرك لسبب يهدد العالم والحقيقة هو تدمير تلك الدولة
والمحور الثاني ان يعطي كل طرف من اطراف المؤامرة الذريعة للاخر للتحرك على طريقة مقالب الحرامية الشهيرة في الافلام المصرية
تؤمر ايران الحوثي باطلاق صواريخ على السفن بزعم معاقبة اسرائيل فتخاف كل السفن من العبور
فتقوم امريكا بضرب الحوثي بزعم حماية الملاحة الدولية
فيرد الحوثي باستهداف كل من في المضيق فترد امريكا ويرد الحوثي وينفجر جنوب البحر الاحمر لسنوات ويتم غلق الملاحة كليا فيه!
غلق قناة السويس وغلق البحر الاحمر ليس فقط خطورة في تقليل ايراد قناة السويس ولكن الكارثة الحقيقية الاكبر هو عزل مصر عن اسيا
ضرب حركة التجارة المصرية نفسها في مقتل مع اسيا والصين
ضرب الموانئ المصرية سواء العين السخنة والسويس وبورسعيد
ارتفاع ضخم في كل واردتنا نتيجة انها سوف تأتي من طريق رأس الرحاء الصالح وهو ما سيأخذ مدة اكثر من شهر اطول في الشحن
ضرب الصادرات المصرية لان تكلفة شحنها المرتفع سوق يقلل تنافسيتها مع المنتجات البديلة
ضرب لحجم الاستثمار الاجنبي المتوجه لمصر
خنق اقتصادي لم يسبق وتعرضت له الدولة المصرية في تاريخها الحديث
ليس هذا فحسب بل هناك بنك اهداف اخر من تفجير جنوب البحر الاحمر بخلاف مصر منه تفجير طريق الحرير الصيني اللي رئته هي قناة السويس اعطاء قبلة الحياة لمشاريع الممرات التجارية البديلة صحيح احنا بنقول انه مفيش ممر بري ينافس قناة مائية ولكن اذا كانت القناة المائية معطلة هناك اصبح هناك جدوى للممر البديل حتى لو كان اكثر كلفه واطول وقت لكنه اصبح البديل المتاح الوحيد كالممر الهندي الصهيوخليجي الامريكي!
للاسف المشهد صعب ولا يستطيع احد التنبؤ بالقادم لكن يجب ان نرى اسؤا الاحتمالات لنكون مستعدين ومنتبهين لكن الاكيد ان ما تتعرض له الدولة المصرية من ضغوط غير مسبوق
ويلزمه اقصى درجات الوعي والانتباه والاصطفاف
مصر غير مطلوب ان يستمر مشروع نهضتها وموانئها وقوة جيشها
الهدف هو تركيع مصر ولكن غاب عن هؤلاء ان مصر غير قابلة للكسر
وان مصر قد تهزم في جولة لكنها تربح على النفس الطويل…