تواجه الأسر الأكثر فقرا حواجز مختلفة تشمل الافتقار إلى المهارات، ومحدودية خيارات كسب الرزق، والافتقار إلى الأمن الغذائي، واتباع سلوك غير صحي مع سوء عادات النظافة والصرف الصحي، ومحدودية وسائل الحصول على الدعم الحكومي، بجانب وجود معايير مقيدة للمرأة في المجتمع المحلي وداخل الأسرة، وبالإضافة إلى العقلية القدرية المعتمدة على التحويلات النقدية بشكل كبير.
ويتمثل أحد أهداف برنامج «باب أمل» في تزويد الأسر بعقلية واثقة وقادرة على الوعي بوضعها، وعلى الحصول على المعلومات، والوصول إلى الخدمات العامة وفوائد النمو الاقتصادي.
وعلى نفس القدر من الأهمية، تعزز تدخلات «باب أمل» الدمج الاجتماعي وتغيير السلوك على نحو إيجابي بالتركيز بشكل خاص على النساء لدعمهن في اكتساب المعرفة والمهارات ورأس المال والمشاركة في صنع القرار.
تخلص أن المهارات الحياتية جنبا إلى جنب مع التوجيه والإرشاد، والعمل على القدرات المعرفية والشخصية يساعد على تطوير المهارات النفسية الاجتماعية للتعامل مع تحديات الحياة اليومية وتزويد الأسر بعقلية واثقة تؤدي إلى نجاحها في الخروج من الفقر المدقع. وتقود الجوانب المختلفة لأنشطة التمكين هذه إلى الشعور بالقدرة الكامنة، مما يساعد النساء على محاربة القيود الاجتماعية، وتزويدهن بالثقة في حقهن في الاختيار، والقدرة على تقرير ما يردن لحياتهن.
كما عكفت الدولة المصرية على توفير بنية تشريعية من شأنها تيسير العمل المجتمعي وتوسيع نطاق تأثيره، فضلًا عن توحيد جهود الجمعيات الأهلية تحت مظلة واحدة، لتصبح بمثابة ركيزة أساسية في مسيرة التنمية الشاملة، ونموذج لتكامل جهود الدولة مع المجتمع المدني في مجال الحماية الاجتماعية، بما يضمن تشبيك الجهود والتوجيه الأمثل للموارد، وتنفيذ الأولويات الهادفة إلى الارتقاء بالمستوى المعيشي للمواطنين، خاصة في المجتمعات الريفية والمناطق النائية.
وانطلاقًا مما سبق، يسعى العدد الجديد من سلسلة “Policy Perspective” الصادر عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار إلى تسليط الضوء على الإمكانات المتاحة لتعزيز جهود الحماية الاجتماعية في مصر، وذلك عبر التطرق إلى خرائط الحماية الاجتماعية في مصر، وما تشهده من تحولات، وما يقف أمامها من تحديات وعقبات، ومناقشة الإصلاحات التشريعية التي تمت في هذا الملف، ومن ثمَّ استشراف إمكانات تعظيم تأثير الحماية الاجتماعية.
في الآونة الأخيرة، كانت هناك دفعة عالمية لتحسين الشمول الاقتصادي للفئات الأشد فقرًا، بهدف تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وعلى وجه التحديد هدف القضاء على الفقر بحلول عام 2030. وتهدف “الشراكة من أجل الشمول الاقتصادي” إلى مساندة تحقيق هذا الهدف من خلال التشجيع على تبني برامج الشمول الاقتصادي التي تقودها الحكومات وتوسيع نطاقها عن طريق ثلاثةٍ من مجالات التركيز وهي: المشاركة القُطرية، وتسجيل الشواهد والدروس المستفادة، وبناء الشراكات. وقدمت “الشراكة من أجل الشمول الاقتصادي” منحًا بقيمة 4.2 ملايين دولار إلى 19 فريقًا قُطريًا تابعًا للبنك الدولي، مما زاد من الأثر الإنمائي لتمويل قيمته 1.7 مليار دولار قدمه البنك. بالإضافة إلى ذلك، تستغل “الشراكة من أجل الشمول الاقتصادي” شبكتها الواسعة من الشركاء لتقديم الدعم الفني عند الطلب، وتحويل الدروس المستفادة الخاصة بكل بلد إلى منافع عامة، وتشجيع توليد الشواهد والأدلة على الآثار الإيجابية للبرامج التي تقودها الحكومات. وفي سياق ما يجري من أزمات، ستواصل “الشراكة من أجل الشمول الاقتصادي” مساندة البلدان المتعاملة معها في بناء القدرة على الصمود عن طريق البرامج والاستراتيجيات التي تستهدف تحقيق الشمول الاقتصادي.
تلتزم “الشراكة من أجل الشمول الاقتصادي” بمواصلة مساندتها لاعتماد برامج الشمول الاقتصادي التي تقودها الحكومات وتوسيع نطاقها لتلبية الاحتياجات الملحة للحد من معدلات الفقر المدقع، وتعزيز التمكين الاقتصادي للمرأة، وبناء القدرة على الصمود أمام الصدمات وتغير المناخ. وفي المرحلة المقبلة، ستكثف “الشراكة من أجل الشمول الاقتصادي” جهودها لاستقبال ونشر المعلومات عن كيفية قيام الحكومات ببناء حلول مستدامة للأفراد المنتمين للفئات التي تعاني فقرًا مدقعًا.
وتشمل هذه الجهود معرفةَ كيفية تصميم البرامج لتتسق مع السياقات المحلية واستيعاب الاستراتيجيات التي يمكن للحكومات استخدامها لتوسيع مظلة هذه البرامج لمواجهة التحدي المتنامي والمتمثل في الأعداد المتزايدة من الأشخاص ممن يعيشون في فقرٍ مدقع.
وتشهد المنطقة العربية ارتفاعًا فى درجات الحرارة أسرع من المتوسط العالمى، حيث من المتوقع أن ترتفع درجات الحرارة فيها لتصل إلى 4 درجات مئوية بحلول نهاية القرن. وقد أصبحت موجات الجفاف أكثر تواترا وشدة، مما يهدد بانخفاض الإنتاج الزراعى بنسبة 20% بحلول عام 2080، كما يتوقع أن يؤدى تغير المناخ إلى خفض المياه المتجددة فى المنطقة بنسبة 20% بحلول عام 2030. ويشكل النزوح القسرى الناجم عن المناخ – سواء بسبب الجفاف أو لارتفاع منسوب سطح البحر- تهديدًا خاصًا، إذ يعيش حوالى 9٪ من سكان المنطقة العربية فى مناطق ساحلية ستكون أدنى من مستوى سطح البحر بحوالى خمسة أمتار. واليوم طورت جميع البلدان العربية خططا وطنية بموجب اتفاق باريس لتوسيع نطاق استثماراتها فى تعزيز قدراتها على التكيف مع تغير المناخ.
فى هذا الصدد يجب أن تتواكب جهود عون المناطق الأكثر عرضة للخطر، مثل البلدان التى لا تمتلك منافذ ساحلية والدول الجزرية، على التكيف مع تغير المناخ مع الجهود الرامية إلى إدماج تدابير الحد من مخاطر الكوارث فى الاستراتيجيات الوطنية. ومع توافر الإرادة السياسية ومجموعة واسعة من التدابير التكنولوجية، لا يزال بالإمكان الحد من الزيادة فى متوسط درجة الحرارة العالمية إلى درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية. وهذا يتطلب إجراءات جماعية عاجلة من قبل جميع دول العالم
على صعيد الجهود المصرية فى مواجهة تغيرات المناخ أطلقت وزيرة البيئة المصرية الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ 2050 فى حدث جانبى ضمن مشاركة مصر فى فعاليات مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ COP26 بجلاسجو، حيث تضمنت الاستراتيجية الجهود التى تم إعدادها من قبل والتى شملت الظروف الوطنية والترتيبات المؤسسية، ونبذة عن مناخ مصر والظواهر المناخية المتطرفة بها، والتركيبة السكانية، والموارد المائية، فضلا عن الحالة الاقتصادية والسياسية. كما راعت الاستراتيجية الظروف الوطنية لقطاعات كلا من الطاقة، والنقل، والصناعة، والمخلفات، والزراعة. كما استعرضت الاستراتيجية خطط مصر نحو التغير المناخى والتنمية المستدامة، و”رؤية مصر 2030″. التى تشمل أهداف التنمية المستدامة والأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للتنمية، حيث تمثل مظلة يتم فى إطارها توجيه جميع خطط التنمية فى مصر وفق أهداف التنمية المستدامة
وفى الآونة الأخيرة أطلقت مصر برنامج “نوفى” للتعامل مع التغيرات المناخية الذى يتضمن إطلاق المنصة الوطنية الاستثمارية للمشروعات الخضراء والعمل المناخى، كبرنامج وطنى يمثل نموذجا إقليميا فاعلا ومنهجا للتمويل الميسر للتعامل مع قضايا التكيف والتخفيف، وإعداد خارطة لمساهمة شركاء التنمية فى البرنامج. ويشتمل برنامج “نوفى” على مشروعات تخص قطاع الكهرباء والطاقة، قطاع الزراعة، قطاع الموارد المائية
من هنا، بهدف التعامل مع هذه القضية الملحة وفي سبيل تطوير أنظمة حماية إجتماعية شاملة مبنية على منهجيات الشمولية وأخرى مستهدفة لآليات توفير الخدمات للمواطنين، من الضروري إنتاج المعرفة العلمية اللازمة لاقتراح وتطوير حلول مجدية ماليًا فيما يتعلق بالإصلاحات السياساتية والبرنامجاتية، والإصلاحات القانونية، والإصلاحات المؤسساتية ومخططات التمويل، إضافة الى الإصلاحات الاجتماعية والسياسية. أما من ناحية تحسين نوعية خدمات الحماية الاجتماعية المقدمة فهو أمر معقد لأنه يتطلب التعامل مع العوامل السياسية-الاقتصادية وعوامل الحوكمة، ممّا يؤدي الى تنصّل الدول العربية من مسؤوليتها بهذا الشأن. كذلك، فإن هذا الموضوع بحاجة إلى إدراك مدى وعي المواطنين بمفهوم الحماية الاجتماعية باعتبارها أحد مبادئ حقوق الإنسان وواحدة من أساسيات العقد الإجتماعي الذي يربط الشعب بالدولة، إلى جانب مدى انتشار ثقافة القوانين بين السكان، ومدى إمكانية (أو عدم إمكانية) إدماج إصلاحات نظم الحماية الاجتماعية بمطالب الحراك الاجتماعي العربي.
وفي ضوء ما سبق، يعتبر إعداد البحوث حول هذا الموضوع بهدف استنباط توصيات براغماتية لسياسات الحماية الاجتماعية وتأييدها مهمّة صعبة. ويبدو أن الطريقة “التقليدية” لتأدية هذه المهمّة لا تؤدي الغرض، لأن الجهود المبذولة بعد الجائحة من قبل الجهات الاجتماعية الفاعلة المختلفة لم تنجح إلا في إحداث تحسينات طفيفة في نظم الحماية الاجتماعية السائدة، مما جعل هذه الجهات غير قادرة على مواجهة أزمة كبيرة كهذه. ومن هنا، من المهم جدًا تفحّص الفرص والتحديات التي تواجه عمليات إعداد البحوث لإيجاد نظم حماية إجتماعية أكثر شمولية وعدالة في الدول العربية