قد لا يحتاج المرء في موقف معين بان يثبت قوميته او ان يكون الدين هو الفيصل حتى يثبت انسانيته وهذا ما تجلى بالموقف التاريخي المشرف من قبل جنوب افريقيا ضد الكيان المغتصب والدعوى التي رفعها بالنيابة عن الضمير الإنساني العالمي بشكل عام والعربي والإسلامي بشكل خاص الى محكمة العدل الدولية بتهمة جريمة الإبادة الجماعية ضد أبناء الشعب الفلسطيني الأعزل وكان ذلك يوم 29 ديسمبر من العام المنصرم .
بالتأكيد يعد هذا الموقف مخجل ومخزي للدول العربية والإسلامية كافة ان تتقدم دولة لا تربطها بالواقع رابطة القومية او الدين الذين على الرغم من مواقفهم المتباينة بين الحين والأخر منذ السابع من أكتوبر , بل حتى انه لم يخطر ببالهم ان يطلعوا على القوانين والأعراف والاتفاقيات الدولية ليكون لهم موقف جدي حيال الموضوع .
وسيكتوي الكيان بالنار التي اشعل لهيبها في غزة حيث انه سبق ان وقع على تلك الاتفاقية في العام 1948 للحد من الانتهاكات التي تعرض لها يهود أوروبا واستجابة من المحكمة واستنادا للصلاحيات القانونية حددت جلستين للنظر في الدعوى , الأولى انعقدت تاريخ 11/1/2024 وقدمت جنوب افريقيا الأدلة الشفهية والتي هي على مرأى من العالم بينما سيقدم الكيان دفوعه اليوم الجمعة .
ويعود الفضل للضمير الإنساني لدولة جنوب افريقيا وقدرتها على المثول امام المحاكم الدولية هو الى ما زرعه الزعيم الكبير الراحل نيلسون مانديلا من بذور المقاومة والمطالبة بحق تقرير المصير في رحلة نضالها ضد الفصل العنصري الذي استمر لمدة 44 عام ابتداءا من العام 1948 لغاية 1994 أي انهم يدركون تماما بان القضية الفلسطينية ليست خاسرة وانما ما يقومون به هو الصواب بحد ذاته .
والانظار ستتجه بالتأكيد الى ما ستفسر عنه نتيجة المحاكمة حتى لو كان الامل ضئيلا في النتيجة ، لكن شرف المحاولة هو موقف قد سجل وسيخلده التاريخ حتما .