الاخبارية – وكالات
قصفت القوات الإسرائيلية، التي تقاتل للسيطرة على المدينة الرئيسية في جنوب غزة، مناطق قريبة من أكبر مستشفى لا يزال يعمل في القطاع يوم الخميس مما دفع المرضى والسكان للفرار من معركة يخشون أن تدمر المدينة.
وتدور أعنف معركة حتى الآن هذا العام في مدينة خان يونس التي تؤوي مئات آلاف الفارين من الشمال في بداية الحرب التي دخلت شهرها الرابع الآن.
وقالت منظمة أطباء بلا حدود التي يعمل أطباء منها في مستشفى ناصر بالمدينة إن المرضى والنازحين الذين لجأوا إلى المستشفى يفرون في حالة ذعر.
ووُضعت 16 جثة على الحصى الملطخة بالدماء خارج مشرحة في رفح بجنوب القطاع وكان معظمها في أكفان بيضاء وبعضها في أكياس بلاستيكية. وقضت ضربة ليلة الخميس على فرع من عائلة الزاملي بعدما دمرت منازلهم.
وكانت نصف الأكفان صغيرة الحجم لأنها تضم جثث أطفال. وقالت السلطات إن إجمالي 17 شخصا قتلوا.
وانتحب رجل خط الشيب شعره في حزن وهو يتشبث بإحدى الجثث ويضع وجهه على وجه الجثة. وجثت امرأة ترتدي حجابا ورديا وأمسكت بأحد الأكفان.
ودمر القصف المنزل بالكامل. ودفنت حقيبة مدرسية لفتاة صغيرة تحت الأنقاض. وانهمرت دموع محمود الزاملي (10 سنوات) ابن عم الفتاة الذي كان يعيش في المنزل المجاور واستطاع الفرار.
وقال محمود وهو يبكي “قصفوا الدار إللي جنبنا… حسبي الله ونعم الوكيل دمروا بيوتنا دمروا كل حاجة”.
وأضاف “ماتوا كلهم وأنا بظل عايش حسبي الله ونعم الوكيل”.
وبعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر على الحرب التي أسفرت عن مقتل أكثر من 24 ألف فلسطيني وتدمير جزء كبير من قطاع غزة، قالت إسرائيل إنها تخطط لتقليص عملياتها البرية إلى أخرى على نطاق محدود.
لكن يبدو أن إسرائيل مصممة قبل تقليص عملياتها على الاستيلاء على مدينة خان يونس بأكملها، التي تقول إنها قاعدة رئيسية لمقاتلي حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) الذين اقتحموا السياج الحدودي في السابع من أكتوبر تشرين الأول مما أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز 240 رهينة.
واحتفل الإسرائيليون بأول عيد ميلاد لكفير بيباس أصغر الرهائن الذي لم يكن ضمن عشرات النساء والأطفال الذين أطلق سراحهم خلال هدنة استمرت أسبوعا في أواخر نوفمبر تشرين الثاني.
وتقول حماس إن كفير وشقيقه آرييل (4 سنوات) ووالدتهما شيري قتلوا في ضربة جوية إسرائيلية، لكن على عكس ما حدث مع الرهائن الآخرين المقتولين، لم تنشر الحركة صورا تؤكد مقتلهم.
وقال الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوج بالمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس وهو يجلس بجوار صورة للطفل “مكانه غير معروف… أدعو الكون كله إلى العمل بلا توقف على تحرير كفير وكل الرهائن”.
* القتال يقترب من مستشفى رئيسي
قال سكان في خان يونس يوم الخميس إن القتال أصبح أقرب من أي وقت مضى إلى مستشفى ناصر، وهو أكبر مستشفى لا يزال يعمل في القطاع، مما أثار مخاوف من وقوعه تحت الحصار وإغلاقه مثل مستشفى الشفاء الرئيسي في الشمال الذي سيطرت عليه القوات الإسرائيلية في نوفمبر تشرين الثاني.
وقال أبو العبد البالغ من العمر 45 عاما والذي نزح عدة مرات مع عائلته المكونة من سبعة أفراد منذ مغادرته مدينة غزة في الشمال في وقت سابق من الحرب، “اللي بيصير في خان يونس جنون، الاحتلال بيقصف المدينة من كل الجهات، من البر والجو كمان”.
وقال عبر الهاتف من رفح الواقعة إلى الجنوب حيث كان يبحث عن الإمدادات ويبحث عن أماكن محتملة لنقل أسرته مرة أخرى “الوضع بيشبه كيف صار في مدينة غزة قبل ما يسيطروا على مستشفى الشفا”. وأضاف “في الأيام الثلاثة الماضية دمروا أحياء سكنية كاملة في وسط المدينة وأيضا في بلدة عبسان الشرقية”.
وخان يونس نفسها مقطوعة عن الاتصالات بسبب انقطاع خدمات الهاتف المحمول والإنترنت منذ أسبوع. ولا يستطيع سكان غزة التواصل مع الخارج إلا من خلال استخدام شبكات الهاتف المحمول المصرية أو الإسرائيلية التي تعمل بالقرب من السياج الحدودي.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه قتل 60 مقاتلا خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية، من بينهم 40 في خان يونس. ومن المستحيل التحقق من هذه الأرقام لكنها تعطي فكرة عن موقع القتال وشدته.
وتوقف بالفعل ثلثا مستشفيات غزة عن العمل تماما، بما في ذلك جميع المرافق الطبية في النصف الشمالي من القطاع، والباقي يعمل جزئيا فقط. ومن شأن خسارة مجمع ناصر الطبي أن تؤدي إلى تقلص حاد في الرعاية المحدودة للإصابات التي لا تزال متاحة لسكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة.
وكتبت منظمة أطباء بلا حدود على منصة إكس “بحسب جراح منظمة أطباء بلا حدود في مستشفى ناصر، قصفت القوات الإسرائيلية ليلة البارحة المنطقة القريبة من المستشفى قصفا شديدا ودون أمر إخلاء مسبق، مما دفع بمرضى والكثير من آلاف المدنيين النازحين الذين التجأوا للمستشفى إلى الفرار مذعورين”.
وفي مقطع فيديو تضمن لقطات لتصاعد أعمدة من الدخان فوق وسط خان يونس المزدحم، قال رئيس بعثة أطباء بلا حدود في فلسطين ليو كانز، الذي وصل إلى المستشفى، إن القتال أصبح “قريبا جدا”.
وقال “نسمع الكثير من القصف والأعيرة النارية حولنا… الجرحى الذين نعتني بهم، فقد الكثير منهم أرجلهم وفقدوا أذرعهم. هناك بالفعل جروح معقدة تتطلب الكثير من العمليات الجراحية. وليس لدينا القدرة على القيام بذلك الآن. يجب أن ينتهي هذا الوضع”.