الاخبارية وكالات
واصلت الدبابات الإسرائيلية يوم الجمعة التوغل في المدينة الرئيسية بجنوب قطاع غزة التي نزح إليها مئات الآلاف هربا من القصف الإسرائيلي.
وأفاد أفراد من داخل مستشفى ناصر في خان يونس، الذي يتواجد به نازحون فضلا عن المرضى، بأنهم سمعوا أصوات قصف مدفعي من الدبابات التي تتقدم إلى غرب المدينة، في حين تحدث سكان عن وقوع معارك عنيفة بالأسلحة النارية في الجنوب.
وقالت وزارة الصحة في غزة إن 142 فلسطينيا قتلوا وأصيب 278 خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية.
ويتهم مسؤولون إسرائيليون مقاتلي حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) باتخاذ مستشفى ناصر مقرا لعملياتهم، وهو ما تنفيه أطقم المستشفى.
وأدى القصف والتوغل البري الذي بدأته إسرائيل بعد الهجوم الذي شنته حماس في السابع من أكتوبر تشرين الأول على بلدات وقرى في غلاف غزة إلى إفراغ أكثر من 60 بالمئة من القطاع الساحلي من ناحية الشمال من السكان لحد كبير.
ووفقا للأمم المتحدة فقد اضطر نحو 85 بالمئة من سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة إلى البحث عن مأوى في جنوبه الذي أصبح الآن محور تركيز العملية الإسرائيلية التي تهدف للقضاء على حماس.
وتقلصت بشدة قدرة الأفراد على متابعة أحدث التهديدات أو الإبلاغ عن الهجمات أو الاطمئنان على أقاربهم أو حتى التواصل مع خدمات الإنقاذ بسبب الانقطاع شبه الكامل للاتصالات الذي دخل الآن يومه الثامن فيما يمثل أطول فترة انقطاع منذ بداية الحرب.
وقال مسؤولون في قطاع الصحة إن 12 شخصا قتلوا في ضربات إسرائيلية على مبنى سكني بالقرب من مستشفى الشفاء المتوقف عن العمل لحد كبير في مدينة غزة بشمال القطاع.
ونفذت القوات الإسرائيلية انسحابات محدودة من شمال غزة هذا الشهر وقالت إن العمليات هناك اكتملت بشكل كبير.
لكن أفرادا في حي تل الهوى بجنوب مدينة غزة قالوا إن الدبابات الإسرائيلية توغلت في الحي مما أجبر السكان الذين لجأوا إلى بعض المدارس هناك على مغادرتها والنزوح جنوبا.
وقالت حركة الجهاد الإسلامي إن مسلحيها خاضوا مواجهات مع القوات الإسرائيلية في مخيمي البريج والمغازي للاجئين في وسط غزة وفي خان يونس، فيما ذكر الجناح العسكري لحماس أن مقاتليه اشتبكوا مع القوات الإسرائيلية في عدة مناطق في أنحاء غزة خلال الليل وصباح يوم الجمعة.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه يواصل عملياته في وسط وشمال غزة وصادر أسلحة وقتل “عدة إرهابيين مسلحين”.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الخميس إن القوات الإسرائيلية دمرت “16 أو 17” من بين 24 وحدة قتالية منظمة لحماس، لكنه أشار إلى أن تطهير الأراضي من المسلحين سيحتاج إلى “أشهر عديدة أخرى”.
* نتنياهو يعارض السيادة الفلسطينية
وأطلقت إسرائيل الهجوم على غزة ردا على هجوم حماس الذي تقول إنه أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز 253 رهينة لا يزال نصفهم تقريبا في غزة.
وكرر نتنياهو أيضا معارضته للدعوة التي تدعمها الولايات المتحدة حليف إسرائيل الرئيسي والعديد من القوى في الشرق الأوسط وخارجه لإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
وقال نتنياهو في مؤتمر صحفي في تل أبيب “يجب أن يكون لإسرائيل سيطرة أمنية على كامل الأراضي غرب نهر الأردن. هذا شرط ضروري…”.
ورد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر في مؤتمر صحفي بأن إنشاء دولة فلسطينية هو السبيل الوحيد لتوفير الأمن الدائم لإسرائيل، إلى جانب إعادة الإعمار والحوكمة والأمن لغزة.
ولم تحقق واشنطن نجاحا يذكر في إقناع إسرائيل بتخفيف محنة السكان المدنيين الذين حرموا منذ أكتوبر تشرين الأول من معظم الإمدادات الإنسانية المنتظمة التي كانوا يعتمدون عليها، ناهيك عن الرعاية الطبية الكافية لأكثر من 62 ألف جريح. كما تسببت الضربات الإسرائيلية في سقوط ما يقرب من 25 ألف قتيل.
واضطر الطبيب هاني بسيسو قبل شهر إلى بتر ساق ابنة أخيه عهد بسيسو (18 عاما) بدون تخدير بعد أن أصيبت في قصف إسرائيلي طال منزلها بمدينة غزة.
وباستخدام مقص صغير وبعض الشاش الذي كان في حقيبته الطبية، أزال الطبيب، الذي لم يستطع الوصول إلى المستشفى، الجزء السفلي من ساق الفتاة اليمنى في عملية أجريت على طاولة طعام.
ويبعد المنزل عن مجمع الشفاء الطبي في غزة بحوالي 1.8 كيلومتر فقط بما يستغرق ست دقائق بالسيارة أو 25 دقيقة سيرا على الأقدام، لكن بسيسو قال إن القصف الإسرائيلي المكثف في المنطقة جعل محاولة الوصول إلى هناك خطيرة للغاية.
وقال بسيسو في مقابلة مع رويترز هذا الأسبوع بالغرفة التي بتر فيها ساق الفتاة في ديسمبر كانون الأول “للأسف لم يكن لدي خيار آخر. كان خيار واحد من اثنين يا إما أسيب البنت تستشهد أو أحاول بما لدي من إمكانيات. طبعا الإمكانيات صفر”.
وأضاف بسيسو “هل أنا بقدر أوصلها للمستشفى؟ طبعا لا لأنه كنا محاصرين لخمسة عشر يوما والدبابات كانت على باب الدار. أخذنا القرار. القرار إنه أنا لازم أحاول أعمل أي اشي للبنت لإنقاذها. القرار الأول إنه أبتر الرجل لأنه نزيف عندي”.
ولم يرد الجيش الإسرائيلي بشكل محدد على أسئلة عن الحادث الذي وقع في منزل عهد، لكنه قال إن حركة حماس تستخدم المستشفيات غطاء، وهو ادعاء تنفيه الحركة.
ووفقا لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، بُترت سيقان أكثر من ألف طفل في غزة حتى نهاية نوفمبر تشرين الثاني.