أنّ “الإجرام الصّهيونيّ يستهدف الأمة كلها في دينها وعقيدتها ومقدّساتها وأنّ خذلان أهلنا في فلسطين والتقاعس عن مواجهة الجريمة الصّهيونيّة الجديدة ينذر بالخذلان في الدّنيا والخزي في الآخرة”.
أن هذه اللحظة كانت بداية المشروع الاستيطاني الصهيوني، الذي انتهى بدولة إسرائيل المُقامة على أنقاض فلسطين، لكن ما لا يعرفه الكثيرون أيضا أن اللحظة نفسها هي التي دشَّنت حكاية الصراع اليهودي الداخلي بين اليهود المتدينين وبين الصهيونية،
قبل النكبة، وقبل الهجرات اليهودية إلى فلسطين، وقبل وعد بلفور، وقبل حتى أن يعرف “بلفور” أنه سيُقدِّم وعدا لليهود بشيء ما في أرضٍ ما “
فإن كثيرا من اليهود المتدينين رفضوا الفكر الصهيوني منذ بدايته، بل وحاربوه واعتبروه ضارًّا بمصالحهم في العالم، وأدرك زعماؤهم أن الصهيونية حركة علمانية، ليس فقط لعلمانية مؤسسيها، وإنما لمعارضتها الصريحة لاعتقادهم في مملكة إسرائيل التي سيُقيمها لهم “الماشيح” المنتظر.
فالطابع الديني الذي وسمت به الصهيونية حركتها لم ينطلِ على اليهود المتدينين، إذ يُخبرنا أن اشتقاق “الصهيونية” (Zionism) إنما جاء استغلالا لمشاعر اليهود وحنينهم لجبل “صهيون” (Zion) المقدس لديهم، وهو ما تصادم مع قاعدة يهودية راسخة عندهم -أيضا- وهي أن أرض إسرائيل منحة من الإله لهم على يد الماشيح المنتظر، وأن كل محاولة بشرية لإقامة دولة يهودية
إنما هي كفر وشذوذ عن الطريقة التقليدية اليهودية المعروفة وخيانة لمعنى الوعد. حيّا الله أهلنا المرّابطين في ساحات الأقصى المجاهدين الثابتين وحيا الله المقاومين القابضين على الزناد المتيقظين لعدوان الصّهاينة وإنّ النّصر صبرُ ساعة وإنّ مع العسر يسرًا.
ألا يعني أن الكيان الصهيوني قد حسم أمره بشكل واضح و باتر و بدون ترك أي مساحة للمفسرين من الميول التفاوضية و الحلول السلمية المزعومة ؟؟ بمعنى آخر فإن الصهاينة يقولون تعالوا لنتفاوض لسنة أو لسنوات و عقود و عند التوصل لأي اتفاق تكون الإجابة نأسف شعبنا المزعوم يرفضه , رفض مقنع و مكر ودهاء صهيوني خبيث و نتن رائحته تزكم الأنوف ولكن يبدو أن هناك أنوفا لا تشم و بصائر لا تبصر في حال الاستمرار و التمسك بالحلول السلمية و التفاوضية .
الكيان الصهيوني يجيد تماما لعبة الاستغلال البشع و الانتهازي للوقت و فرض سياسات الأمر الواقع و التفاوض على ما هو واقع و مستحدث و تناسي الثوابت بحيث يصبح الواقع والمستحدث هو الثابت الذي يجب التفاوض حوله و أثناء ذلك يطرأ مستحدثات جديدة و هكذا تدور الدائرة و ندخل التيه بلا معالم و لا علامات طريق و نظل ندور في حلقات مفرغة تستنزف الوقت و الجهد في الوقت الذي يكسب فيها الكيان الصهيوني المزيد من الأرض و الإنجازات على أرض الواقع .
الحقائق أصبحت واضحة ومعلنة و الخيارات باتت مفروضة و لا جدال فيها فالعدو الصهيوني يضع مسبقا النهاية الحتمية و الرافضة لأي مشاريع تفاوضية بهذا القانون الجديد الذي تم إقراره الذي سيصبح مجبرا لأي حكومات صهيونية قادمة سواء كانت يمينية أو يسارية –لا فرق بين اليمين و اليسار الصهيوني – فلا اتفاق سوى الرجوع لهذه العصابة – التي تسمى شعب إسرائيل – التي تغتصب أرض فلسطين و جزء من الأراضي العربية مع الملاحظ تنامي التطرف و الميل نحو القتل لدى غالبية الصهاينة مع يعني أن أي اتفاق سيجد الرفض فالعقلية الصهيونية عنصرية توسعية و دموية لا يعنيها سوى القتل و الدمار و سلب المزيد من الأرض .
المطلوب فلسطينيا الإعلان بشكل واضح و صريح و سريع التخلي عن الخيارات التفاوضية السلمية , مع التمسك بالثوابت الفلسطينية , و يجب أن يكون هذا الإعلان متزامنا مع إعلان آخر بإطلاق يد المقاومة الفلسطينية لتمضي قدما في المقاومة مع توفير الغطاء السياسي و الدعم بكافة أشكاله لها , يلي ذلك تجاوز كافة الخلافات و على طرفي الانقسام التقدم و قطع المسافة نحو مصالحة حقيقية تضمن توحيد الجهد و الفكر للمواجهة الأصعب و التحدي الأخطر و نذر التهديد بشن هجوم صهيوني جديد سواء كان عسكري أو سياسيي أو تآمري .
إن الإعلان عن التخلي عن المفاوضات يكشف ويفضح ويرفع الغطاء المزعوم عن الاتفاق الأمريكي – الصهيوني الذي يتضمن منح الكيان الصهيوني منظومات أمنية و عسكرية ودعم آخر لا محدود بحجة الحفاظ على المفاوضات من الانتكاسات أو الفشل من خلال محاولة إغراء الصهاينة لتجميد اغتصاب الأراضي الفلسطينية لفترة زمنية محدودة ,
مع أن الدعم الأمريكي مستمر سواء تواصلت المفاوضات أو توقفت و لكن يبدو أن وراء الأكمة ما ورائها من وراء الاتفاق الأخير تحت مبرر الحفاظ على المفاوضات و يبدو أن أمريكا لم تعد تكتفي بدور الراعي الرسمي للكيان الصهيوني و انتقلت لدور الشريك الفعلي على الأرض في كافة السياسات و الهجمات الصهيونية .
إن القوانين الصهيونية لن تتوقف طالما بقيت الحالة الفلسطينية و العربية و الإسلامية على ما هي عليه فبالأمس قانون يهودية الكيان الصهيوني و قانون الولاء و اليوم قانون الاستفتاء , و غدا قوانين أخرى ستكرس الوجود الصهيوني و تسلب فلسطين هويتها و معالمها الإسلامية و العربية , يجب أن نعي تماما أن الوقت يسير في غير صالحنا و لا معنى لإضاعته سوى منح الفرصة المجانية للعدو الصهيوني لتحقيق ما عجز عن تحقيقه من سنوات طويلة .
إن تاريخ اليهود مع الإسلام ملئ بالغدر والخيانة ، ومذبحة الحرم الإبراهيمي لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة ، ولكننا نحن المسلمين – أصابتنا آفة النسيان ومعها آفة الشجب والإنكار . فإذا رأينا من اليهود غدرا رفعنا عقيرتنا، وخرجنا في مظاهرات، وما هي إلا أيام قلائل حتى نعود إلي سيرتنا الأولى . بل وفينا سماعون لهم ، ومتشبهون بهم ، ومتعاونون معهم ، وهؤلاء يقولون ” الإسلام دين السلام ” . وواقعهم يشهد عليهم بأنهم قد جعلوا ” الإسلام دين الاستسلام ” مع أن الإسلام لم يهزم قط في معركة دخلها ، وإنما الذي هُزم هم المسلمون !!.
فقد كان اليهود وراء فساد الإلحاد ، وفساد الأخلاق ، وفساد التنصر والتكفير ، وفساد الأفكار ، وفساد القوميات والعصبيات ، وفساد الاقتصاد ، وفساد الأسر والبيوت ، وفساد الصحافة والإعلام . ولذلك أطلق القرآن وصفة لهم بالسعي في الأرض فسادا ،ولم يخص من الفساد نوعاً معيناً ، ونبه بإطلاقه على أنهم وراء كل فساد . وفى كتابه القيم بعنوان : ” قبل أن يهدم الأقصى ” أقام المؤلف الدليل على أن اليهود هم المصدر الأصلي لفساد العالم وخرابه !!! فقال : “وهذا الفساد والإفساد قد ترك بصماته السوداء على صفحات التاريخ توقيعا عن اليهود ، وشاهدا على حضورهم في كل مجال يمكن الإفساد فيه .
فإذا أردنا أن نصدق أن اليهود قد تخلصوا من صفة الغدر والخيانة ، أو صفة الفساد والإلحاد ، فإنه ينبغي علينا التصديق أن بإمكان الجمل أن يلج في رسم الخياط !! وكلاهما مستحيل ، وليس اليه سبيل أعداء الإسلام هم أعداء الإسلام في كل زمان ومكان