يحدث أن تتخذ قرارا وأنت في العشرين لتصحو وأنت في الأربعين وقد أتلفت سنواتك بسبب ذلك القرار الخاطئ.
ستجد بأنك تزوجت من شريك لايشبهك في شيء سوى أنه من جنسك البشري فحسب..
تفصل بينكما مئات السنوات الضوئية ويجمعكما سرير واحد..
يتحدث هو باللغة السومرية في حين أنك تتكلم بلغة جبال الألب..
بسبب قرار خاطئ اتخذته وأنت في الثانية والعشرين تدور الآن كالثور كل نهار في عمل كنت تنعت معتنقيه بالفاشلين أيام شبابك..
حينها كنت تتصور بأنك ستتزوج نصفك الآخر الذي بالتأكيد ستعثر عليه من بين الثمانية مليار آدمي على سطح هذا الكوكب ..
وإنك ستدخل الجامعة التي ترغب قطعا..وستحصل على جائزة نوبل ، وستكتشف عنصر السلبخنيشفراسيوم الذي لم يكتشفه أحد قبلك..
ثقتك بالأيام وبأنها ستعطيك ماتستحق تشبه ثقتك بأن الأسد لن يلتهمك لأنك نباتي كما قال احمد خالد توفيق..
ماهي نسبة صحة القرارت التي يجب أن تأخذها وانت طريا غضا أخضرا معدوم الخبرة كضفدع حديث الولادة لتجلد نفسك وأنت في الخمسين وتصاب باكتئاب مزمن لأنك أحمق لم تفعل ماكان يستوجب عليك فعله!
كم نسبة أن تكون الشخص الذي لايخطئ من بين الكائنات البشرية على هذا الكوكب التافه المعلق مع ملايين النجوم وثلاثمئة مليون كوكبا في مجرة درب التبانة السابحة في كون مكون من ترليوني مجرة أخرى على أقل تقدير حسب ماأخبرتنا به وكالة ناسا وأعلم انك الآن مصدوم بالرقم قطعا.!!
من قال أننا يجب أن لانخطئ!
فالحياة ستكون رحلة مملة جدا إن كنا نعلم كل شيء سلفا..
ثم أن الخيار الخاطئ يكون خاطئا حين تكون هنالك خيارات أخرى مطروحة حينها. ..
يقول البير كامو
(تعرفون اسمي ولاتعرفون قصتي،تعرفون ماذا فعلت ولاتعرفون الظروف التي مررت بها ،فتوقفوا عن الحكم علي وانشغلوا بأنفسكم)
في الحقيقة التي لاتوجد اساسا، لأن الحقائق نسبية،وكل ماوقعت عينيك عليه هو عبارة عن وهم بصري وليس حقيقة مطلقة بدءا من قمرنا الفضي الجميل الذي هو عبارة عن أخاديد وصخور وحفر لكوكب بشع إلى وجهك الجميل ذو الجلد اللامع الطري الذي يغطي جمجمة مرعبة لهيكل عظمي مخيف ، أقول لك بانك لم تتلف حياتك بتلك القرارات التي تعتقد اليوم بأنها كانت قاتلة وقصمت ظهرك بحماقة اتخاذك لها..
لقد اتخذت طريقا في الماضي كان حينها مناسبا لك حسب ظرفك وخبرتك وماهو متاح لديك..
وقد يكون مااخترته وقتها هو كل ماتحتاجه فعلا لتشعر بالرضا والسعادة..
تتغير خياراتنا حين تتغير افكارنا..
إن فكرة أن يكون هنالك إنسانا بإمكانه وضع كل شيء في نصابه الصحيح في عمر الصبا كفكرة إمكانية السفر إلى كوكب نبتون سيرا على الأقدام!
أعتقد أن تيمون قد اختصر حكمة الحياة حين قال لصديقه بومبا
(لما تديك الحياة ظهرها اديها ظهرك،ارمي الماضي اللي يغيظ ،انساه والمستقبل اديه كل التركيز،هاكونا ماتاتا)
حين يكون الماضي هو المشكلة أرمه وراء ظهرك وانشغل بالمستقبل..
هاكونا ماتاتا بالعربية تعني لاتخف لاتقلق…
هاكونا ماتاتا يارفاق ..
فهي لاتعدو كونها رحلة دنيوية تافهة.