كان كافور عبدا حبشيا، وكان خصيا أسود اللون، ولم يكن كافور علي سواده وسيماً بل كان دميماً قبيح الشكل مثقوب الشفة السفلي مشوه القدمين بطيئاً ثقيل القدم، فوقع في يد أحد تجار الزيوت فسخره في شؤون شتى.
وقاسي كافور الأمرين ولقي الكثير من العنت من سيده. حتي إذا خرج من تحت قبضة سيده ووقع في يد محمود بن وهب بن عباس الكاتب، فعرف كافور السبيل نحو القراءة والكتابة فنفض يديه من متاعب المعصرة وأدران الزيت فالسيد الجديد ابن عباس الكاتب هذا كان موصولاً بمحمد بن طغج مؤسس الدولة الإخشيدية في مصر.
حمل كافور يوما هدية من مولاه إلي ابن طغج، فأعجب به وعينه كمشرف على التعاليم الأميرية لأبنائه ورشحه كضابط في الجيش وعندما انتبه سيده لذكائه وموهبته وإخلاصه جعله حرا وأطلق سراحه.
فلما توفي الأخشيد ملك بعده ابنه أنوجور، وكانت الأمور في يد كافور، ثم مات أنوجور، فأقام كافور أخاه علياً بن الإخشيد، فتوفي علي ابن الإخشيد المذكور، وهو صغير، فاستقل كافور بالمملكة من هذا التاريخ وكان كافور يلقب بأبي المسك.
وصف بأنه حاكم عادل ومعتدل، قريبًا من قلوب الناس لكونه سخيًا كريمًا؛ وينظر بنفسه في قضاء حوائج الناس والفصل في مظالمهم. ويروون عن كافور وقت أن جلب إلي سوق النخاسة أنه مر ذات يوم بسوق من الأسواق بصحبة عبد مثله، وسارا معاً يتطلعان فقال له صاحبه:
أتمني لو اشتراني طباخ فأعيش عمري شبعان بما أصيب من مطبخه. ولكن أبا المسك قال: أتمني أن أملك هذه المدينة، وقد بلغ ما تمنى. وكان المتنبي يقصده ويمدحه، إلا أن كافورا لم يكن يعطه شيئا يذكر.. فتركه المتنبي وظل يهجوه في قصائد كثيرة
وكان يدعى لكافور على المنابر بمكة والحجاز جميعه، والديار المصرية، وبلاد الشام حتى توفي (357 هـ / 968 م).