للأقلام أنواع وأهداف ومحركات، منها المعارض حد العداء والمؤيد حد الاستلاب، وما بينهما تتفاوت درجات الأقلام المعبرة عن أحوال الناس وآلامهم وآمالهم.
ومأزق القلم المعبر أنه إذا هادن – وهذا ليس من طبعه – كره نفسه، وإن كتب ما يمليه عليه ضميره والحق، اتهم بمعاداته لنفسه ولمن حوله.
وتأتى مشكلة أخرى تصادفه هل ما يكتبه يخدم القيم والمبادىء ويساند الحق والعدل، أم أنه يهدم ويخرب ويدعو الناس إلى الخروج على القواعد والقوانين التى هى من الثوابت التى لا يجب الخروج عليها.
هل ينصح الناس أم يتركهم نهبا للتخبط والجهل والشائعات، حرفية الكتابة فى حد ذاتها موهبة يغذيها العقل بالعلم والمعرفة، والتجارب والخبرات وقراءة الواقع، واختيار ما يصلح للحال والظروف المحيطة وأن يخاطب الناس على قدر فهمهم وعلمهم وذوقهم، متخذا منهج الوسطية فى العرض مع وضع المصلحة العامة فى الاعتبار، دون مواربة ومهادنة أو استعلاء أو عداء.
على الذين يعرضون الفكرة أن يضعوا فى الاعتبار، أنهم يكتبون شهادة للتاريخ لأن الثوابت باقية حتى إن انتشر الخطأ وشاع وذاع صيته، بالمواقف محفورة فى أعماق التاريخ بما لها وعليها، والحق والعدل والقيم النبيلة مهما طال الزمن منتصرة ولو بعدين حين.
وموقف الأقلام والسلطة قديم فعلافتهما علاقة طردية، منها من هادن حد التطبيل ومنها من عارض حد العداء وبينهما كان المتزن العاقل، الذى يدعو إلى الإصلاح عن طريق النقد البناء، دون تهويل أو تهوين مع عرض طرق الحل والعلاج الأمثلة كثيرة، منذ فجر التاريخ حتى عصر الحالى، وآفة الأقلام، الخوف أو التوجيه أو المصلحة والغرض وخيانة المبادىء والمواثيق والعهود، فالسكوت خيانة والتجريح والتعريض دون سند خيانة والعرض باتزان قمة الأمانة.
فعلى الأقلام الحرة مراعاة، أمانة القلم وشرف الرسالة التى حملها الله لهم، لأن الله أقسم بالقلم وقسم الله يعنى كثيرا، فأرباب الأقلام وعادة ورسل الفن والفكر والثقافة والعدل والحق والقيم والمبادئ فعليهم أن يكونوا على قدر هذه الرسالة وألا يضيعوا الأمانة.