القيمة الثالثة عشر :
سيدنا الشيخ وهو يصلي قرأ سورة هود ولما وصل إلى قوله تعالى علي لسان نوح عليه السلام ” يابنى اركب معنا ” بكى بكاء شديدا ، وأبكى المصلين إلى نهاية آيات القصة .
والحقيقة ان البكاء في الآية مكتسب من بكاء سيدنا نوح الواضح في نطق الآية الكريمة ..
وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَابُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ﴾:
-“ونادى نوح ابنه”: وفي هذه اللحظة الرهيبة الحاسمة يبصر نوح ، فإذا أحد أبنائه في معزل عنهم وليس معهم، وتستيقظ في كيانه الأبوة الملهوفة، ويروح يهتف بالولد الشارد
{ وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ } سورة هود الآية(42).و
قال الإمام الطبري أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بقوله: (وهي تجري بهم) ، والفلك تجري بنوح ومن معه فيها ، (في موج كالجبال ونادى نوح ابنه) ، وكان اسمه ( يام ) ، (وكان في معزل) ، عنه ، لم يركب معه الفلك: (يا بني اركب معنا) ، الفلك ، (ولا تكن مع الكافرين).
قال الإمام الزمخشري صاحب تفسير الكشاف: فإن قلت.
بم اتصل قوله-تبارك وتعالى- وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ؟قلت: اتصل بمحذوف دل عليه( اركبوا فيها باسم الله ) ، كأنه قيل: فركبوا فيها وهم يقولون: باسم الله، وهي تجرى بهم.
أى تجرى بهم وهم فيها في موج كالجبال، يريد موج الطوفان، شبه كل موجة بالجبل في تراكمها وارتفاعها.
وقوله- سبحانه -: { وَنادى نُوحٌ ابْنَهُ وَكانَ فِي مَعْزِلٍ: يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا وَلا تَكُنْ مَعَ الْكافِرِينَ }
تصوير لتلك اللحظة الرهيبة الحاسمة التي أبصر فيها نوح- عليه السلام- ابنه الكافر وهو منعزل عنه وعن جماعة المؤمنين.
والمعزل: مكان العزلة، أى: الانفراد.
أى: وقبل أن يشتد الطوفان وترتفع أمواجه، رأى نوح ابنه (كنعان) ، وقيل : ( يام ) وكان هذا الابن في مكان منعزل، فقال له نوح بعاطفة الأبوة الناصحة الملهوفة يا بنى اركب معنا في السفينة، ولا تكن مع القوم الكافرين الذين سيلفهم الطوفان بين أمواجه عما قريب.
ولكن هذه النصيحة الغالية من الأب الحزين على مصير ابنه، لم تجد أذنا واعية من هذا الابن العاق المغرور، بل رد على أبيه: قالَ سَآوِي إِلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْماءِ
أحد العلماء قال الغُنة في إدغام الباء بالميم تحكي ارتعاشة صوت الوالد المشفق في النداء الأخير ..
تخيل أن صانع السفينة الوحيدة للنجاة وقائدها ينجح في أنه يقنع ناس غريبة للركوب فيها لينجو من الغرق ولا يستطيع اقناع ابنه وانقاذه ..
الفائدة المرجوة من ذكر هذة القصة :
سيدنا نوح صنع الوسيلة الوحيدة للنجاة فاستخدمها الكثير ولم يستخدمها ابنه ..
الفكرة أنك من الممكن أن توفر لأولادك الوسيلة التى توصلهم لبر الامان وتحفظهم وتصونهم لكن للأسف ليس بأيدك أن تهديهم لها ..
مهما عملت لأولادك ووفرت الوسائل فهداية ربنا أهم من كل شئ ..
- فاللهم اهدى أبنائنا واحفظهم بحفظك الذي تحفظ به عبادك الصالحين ، ولا تصيبنا فيهم بمكروه ، اللهم ، هيئ لهم بطانة صالحة تعينهم على المعروف وتنهاهم عن المنكر وجنبهم بطانة السوء … آمين آمين…