خبت أضواء المسرح وظهرت فرقة نُوار، وغنت وسط حفاوة بالغة، من جمهور نصفه شغوف بها يبدو منتظما فى متابعته لها، ونصفه جديد قادم يستطلع موسيقى شيوخ الصنعة بأسلوب جديد. وفعلا تسلطنت الفرقة الرباعية، محمد ربيع ومصطفى زاهد وبيتر رومانى وعلاء عصام، أكثر من عشرين لحنا لسيد درويش والشيخ إمام، تعزفها دون ترتيب على أربع آلات فقط: العود والناى والرق والطبلة، موسيقى خالدة تشق أملا ورغبة وحلما ومتعة فى الصدور والأنفس، أكسبها غناء ربيع وزاهد أجنحة تحلق بالقديم كأنه يبعثها جديدة زاهية. مزيكا خليط من الفن المصفى والتحريض على حب الوطن، فالموسيقى فى أصلها أصوات مجردة: حزنا وسعادة، صخبا وهدوءا، تمردا واستسلاما، غضبا واسترخاء، نصرا وهزيمة، حبا وكرها، قربا وبعدا، شوقا ونسيانا، ولعا وهجرا، ترحالا ومكوثا، حياة وموتا.. أصوات تخاطب وجدان الإنسان، فيترجمها إلى ما يشاء من معان تخصه، ومع الكلمات تفيض أحاسيسه عن مكنون نفسه.