الروم وصفوه بـ”الشيطان عاري الصدر” بعدما هاجم جيشهم منفردًا
بطل قصة هذه الليلة كان فارسًا و شاعرًا ثري المال وصاحب جاه وسيد في قومه تهابه الأعداء ترك ماله وثروته ليلحق بالنبي عليه الصلاة والسلام ويسلم فكان نصرًا للإسلام وهلاكًا على الأعداء من بطولاته إنه واجه جيشًا للروم وحده وفعل بهم الأفاعيل وأصاب فيهم مقتلةً عظيمة فأطلقوا عليه “الشيطان ذو الصدر العاري” ترك الدنيا ومتاعها ليعيش متعة الحق في دين الإسلام.
هذا الفارس هو ضرار بن الأزور وهو مالك بن أوس بن جذيمة بن ربيعة بن مالك بن ثعلبة بن أسد بن دودان بن أسد بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، الأسدي ويُكنى بـ «أبا الأزور»، ويقال أبو بلال.
أسلم “ضرار” بعد الفتح، وقد كان لهُ مالٌ كثيرٌ، قيل إن له ألف بعير برعيانها، فترك جميع ذلك، وأقبل على الإسلام بحماسة ووفاء، فقال له النبي محمد صلى الله عليه وسلم: ربح البيع، ودعا الله ألا تُغبن صفقته هذه، فقال النبي : «ما غُبِنتْ صفقتك يا ضرار».
وقيل إنه كان فارسًا شجاعًا، شاعرًا، ومن المحاربين الأشداء الأقوياء ومحبي المعارك، ويقول بعضهم إن ذكر اسمه كان كافيًا ليدُب الرعب في قلوب الأعداء، وله مكانة عند النبي حيث كان يثق به، فيرسله إلى بعض القبائل فيما يتصل بشؤونهم، وقد أرسله ذات مرة ليوقف هجوم بني أسد، فقد شارك كقائد في العديد من الغزوات، كحرب المرتدين، وفتوح الشام، وكان من الذين تعاهدوا على الثبات في وجه الروم، وذلك عندما وقف عكرمة بن أبي جهل يقول: من يبايع على الموت فكان ضرار أول من استجاب له وأخذ يشجع الناس على الصبر والثبات، روى عن النبي عليه السلام حديث اللقوح، قال: بعثني أهلي بلقوح إلى النبي فأمرني أن أحلبها فقال: دع داعي اللبن. قيل إن أخته هي خولة بنت الأزور.
قيل إنه لما قدم على الرسول كان له ألف بعير برعاتها فأخبره بما خلف وقال: يا رسول الله قد قلت شعرًا. فقال: نعم فقال :
خلعت القداح وعزف القي… ن والخمر أشربها والثمالا
وكري المحبر في غمرة… وجهدي على المسلمين القتالا
وقالت جميلة: شتتن… وطرحت أهلك شتى شمالا
فيا رب لا أغبنن صفقتي… فقد بعت أهلي ومالي بدالا
ذلك الصحابي الذي هجم على جيش الروم وحده أخذ يضرب فيهم يمنة ويسرة و لم يستطيعوا إيقافه، يخرج أبطال الروم وقادتهم إليه, يتهاوون واحدًا تلو الآخر وهو كالهرم الشامخ لا يتزحزح، حتى إذا أراد الرجوع تبعته كتيبة كاملة من جيش الروم بـ 30 مقاتلاً تحاول القضاء عليه، وهنا خلع درعه من صدره، ورمى الترس من يده وخلع قميصه فـزادت خفته وقوته، وانطلق إلى الكتيبة الرومية فقتل منهم عددًا كبيرًا وفر الباقون، فانتشرت أسطورة في جيش الروم عن “الشيطان عاري الصدر” إنه ضرار بن الأزور.
كان ذلك في معركة أجنادين التي وصل فيها ضرار (رضي الله عنه) إلى قائد الروم (وردان)، وعندما شاهده عرف من تلقاء نفسه أنه “الشيطان عاري الصدر”، ودارت مبارزة قوية بينهما، فاخترق رمح ضرار صدر (وردان) وأكمل سيفه المهمة وعاد براس (وردان) إلى المسلمين، عندئذ انطلقت من معسكر المسلمين صيحات الله أكبر.
وفي معركة مرج دهشور قابل ضرار أحد قادة الروم ، ويدعى بولص كان يريد الثأر لـ”وردان” وبدأت المعركة بينهما، فحين وقع سيف ضرار على رقبة بولص نادى على خالد بن الوليد، وقال له يا خالد أقتلني أنت، ولا تدعه يقتلني، فقال له خالد بل هو قاتلك وقاتل الروم.
وقد كان سببًا في تثبيت المسلمين في معركة اليمامة التي كانت من أحد أهم المعارك الفاصلة في تاريخ الإسلام فقد استشهد فيها الكثير من الصحابة، وهي من حروب الردة في عام 12 للهجرة بقيادة عكرمة بن أبي جهل، وقد قاتل هناك قتلاً شديدًا حتى أصيب في ساقيه الاثنتين ولكنه استكمل القتال على ركبتيه ولكنه تعافى بعد ذلك.
وفي معركة اليرموك، كان ضرار أول من بايع عكرمة بن أبي جهل، وذهب مع أربعمائة من المسلمين، استشهدوا جميعًا إلا ضرار، وقد ذهب ضرار مع كتيبة من المسلمين لمعرفة أخبار الروم ، فقاتل الروم ويقال قتل منهم أربعمائة ولكنه وقع أسيرًا، فبعث المسلمون كتيبة لتحريره ومن معه، وبالفعل حرروهم وعادوا معهم.
وشارك أيضًا في فتح دمشق مع خالد بن الوليد رضي الله عنه، ثم توفي ضرار بن الأزور في منطقة غور الأردن، ويرجح أنه مات في طاعون عمواس، ودُفن هناك وسميت المدينة باسمه.
من شعر ضرار بن الأزور:
وقال ضرار بن الأزور في يوم عقرباء:
ولو سئلت عنا جنوب لأخبرت عشية سالت عقرباء وملـهـم
وسال بفرع الواد حتى ترقرقت حجارته فيها من القوم بالـدم
عشية لا تغني الرماح مكانها و لا النبل إلا المشرفي المصمم
فإن تبتغي الكفار غير مليمة جنوبا فإني تابع الدين مسلم
أجاهد إن كان الجهاد غنيمة والله بالمرء المجاهد أعلــم
ومن شعر ضرار بن الأزور أيضًا في غزو الروم :
لك الحمد يا مولاي في كل ساعة مفرج أحزاني وهمي وكربتي
نلت ما أرجوه من كل راحة وجمعت شملي ثم أبرأت علتي
سأفني كلاب الروم في كل معرك وذلك والرحمن أكبر همتي
ويل كلب الروم إن ظفرت يدي به سوف أصليه الحسام بنقمتي
وأتركهم قتلى جميعًا على الثرى كما رمة في الأرض من عظم ضربتي .