يروق لي ما ذهب إليه الأئمة الأعلام أبو حنيفة والحسن البصري وسفيان الثوري وعمر بن عبدالعزيز وطاووس بن كيسان وابن تيمية ، في جواز إخراج زكاة الفطر نقوداً، فإن لم يُصادف مسلكهم بعض الأزمنة، فقد وجد اجتهادهم المُصادقة مع هذا الزمن الذي نحيا فجائعه الاقتصادية، وما يسترعيه من حيثية امتلاك الفقراء والمساكين بصيصاً من المال….
زكاة الفطر عيناً لا نقداً، هي المصوغ المعمول به إبان العصر النبوي وما تلاه من عصر الخلفاء الراشدين…
فهل يُعد من أفتى بعدَهم بجواز القيمة نقداً مخالفاً للإجماع ؟
الجواب قولاً واحداً ( لا ) لماذا ؟
فإخراج الزكاة نقوداً وإن لم يكن من عمل المُتقدمين، ففيه مندوحة وسعة لاجتهاد التابعين والمُتأَخرين….
وقد استوفى العالية أسماءهم كل شروط الاعتبارية الاجتهادية فقهاً وحديثاً وقياساً واستنباطاً… وهم من ضمير الأمة في السلف والخلف، المشهود لهم بسعة العلم دراية ورواية… فأما أبوحنيفة رحمه الله فهو إمام الفقهاء الأربعة ، وسفيان الثوري أمير المؤمنين في الحديث ، وعمر بن عبد العزيز أعدل أهل الأرض في زمانه، وطاووس بن كيسان جهبذ العلماء في عصر الأمويين، والحسن البصري وهو من هو سيد التابعين.. وما ابن تيمية منهم ببعيد…
وبالقياس على حاضرنا، تبدو حاجة الفقير للقيمة النقدية أجدى، ليس تعطيلاً لحديث النبي صلى الله عليه وسلم بتخريج الزكاة حبوباً، وإنما مراعاة لفقه الواقع، وقد بات الفقير أحوج لمال يجابه به نوازل مرضه باقتناء الدواء، والإنفاق على من يعول مأكلاً وملبساً وتعليماً ومستجدات عصرية أخرى لم تكن في الأزمنة الغابرة….
الأخذ بأقوال المُجتهدين حُجة، ورد اجتهادهم بدعة، لصحيح حديث رسول الله الذي رواه أبو داوود وغيره ( إنّ اللهَ يبعث على رأس كل مائة عامٍ من يجدد للأمة أمر دينها ) ….
وسيظل باب الاجتهاد الفقهي مفتوحاً مطلوقاً، لطالما توفرت أركان الاجتهاد بتوافر أهله المُعتبرين الربانيين،،،