القيمة الخامسة والعشرون
جولة في بيوت الشعر للمتنبي
بيت الشعر الذي قتل المتنبي
الخيل والليل والبيداء تعرفني
والسيف والرمح و القرطاس و القلم .
الذى كان يفسر دوما على أنه اعتزاز وفخر بنفسه ،
فبعد أن قال القصيدة لم يتحصل له إلا عدم الاهتمام واللامبالاة من ( سيف الدولة ) له ، فهاجر إلى مصر ، و مدح حاكمها ( كافور الاخشيدي ) ولكنه لم يلقى منه أي ردة فعل أي أنه تجاهله ، فقام المتنبي بهجوه (ذمه) وقرر العودة إلى الى الكوفة.
و هو في طريق العودة الكوفة تعرض له الحُكام الذين هجاهم لينتقموا منه بسبب هجوه لهم فكان أمامه خياران الأول : أن يهرب و ينجو بنفسه .
الثاني : أن يقاتل فإما أن ينجو و هذا شبه مستحيل أو يموت.
فقرر الهرب فقال له مرافقه : أتهرب يا سيدي وأنت القائل :
الخيل والليل والبيداء تعرفني
والسيف والرمح و القرطاس و القلم
فهزمت المتنبي كلماته وذهب للقتال، وقُتل في تلكَ الموقعة على طريق بغداد.
نعم قد يكون ادعاء البطولة والشجاعة المزيفة سبب من أسباب الدمار للإنسان أو فشله أو قتله ، وخاصة في زمن الفتن والدسائس.
فلو كان المتنبي سكت ، لكانت له السلامة ، ولكن لم يمسك لسانه ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أمسك عليك لسانك و ليسعك بيتك وأبك علي خطيئتك ) .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت ) .
وقال الله تعالى ( وقولوا للناس حسنا ) .
وقال تعالي ( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) .
فحٓري وأولي بكل إنسان أن يحسن الكلام في المواقف ، و يتخير أجمل الكلمات وأحسن العبارات ، فالكلمات مفتاح القلوب ، ومراعاة شعور الناس من أجمل الصفات …فاللهم ارزقنا جميل الأقوال وأحسن الأفعال .
وإليكم أشهر ما قاله من أبيات شعريةً في مجالات الحياة :
هل تعلم أن المتنبي هوا القائل:
مصائب قوم عند قوم فوائد…
وهو القائل:
على قدر أهل العزم تأتي العزائم…
وهو القائل:
وكل ذي فوق التراب تراب…
وهو القائل:
ماكل مايتمناه المرء يدركه تجري الرياح بما لا تشتهي السفن…
ثوهو القائل:
لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى حتى يراق على جوانبه الدم…
وهو القائل:
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته وإن أكرمت اللئيم تمردا…
وهو القائل:
ذو العقل يشقى في النعيم بعقله وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم…
وهو القائل:
فلا مجد في الدنيا لمن قل ماله ولا مال في الدنيا لمن قل مجده…
وهو القائل:
ومن العداوة ماينالك نفعه ومن الصداقة مايضر ويؤلم…
وهو القائل:
وإذا أتتك مذمتي من ناقص فهي الشهادة لي بأني كامل.
وهو القائل عن نفسه:
لا بقومي شرفت بل شرفوا بي وبنفسي فخرت لا بأجدادي…
والقائل:
أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي و أسمعت كلماتي من به صمم..
فالخيل والليل والبيداء تعرفني والرمح والقرطاس والقلم
ومعظم هذه الأشعار سارت مسرى الأمثال على ألسنة الناس.وتحدث بها القاصي والداني والعالم و الجاهل والصغير والكبير .
فالشعر ديوان العرب ، وذاكرة الأمة ، وسجل التاريخ