ودعنا شهر رمضان وانتهى موسم الدراما المتنوعة المصاحبة للشهر الكريم ..وتميز هذا العام بالإنتاج الوفير وبالتالي صعوبة التوقف عند ما تم بثه بالنقد والتحليل ..آملين ان يتاح لنا فرصة الاختيار فيما هو قادم من الأيام بإذن الله
واكتفي اليوم -ربما كمقدمة- بحديث سريع عن مسلسل الكبير قوي الذي يمتد إلى عدة سنوات (الموسم الثامن أحدثها) ويتميز بمتابعة جماهيرية من جميع الفئات .
**عندما ظهر الفنان الشاب أحمد مكي في حقل الدراما منذ سنوات..ببطولة سينمائية ناجحة في فيلم ” طير أنت” قدم أداءا مختلفا مليئا بالحيوية ..استبشرنا به جميعا..وتوقعنا إنطلاقا لموهبة شاملة قادرة على الأداء الصعب والممتع للجمهور والنقاد معا ..نافذة جديدة وإطار غير مسبوق في مسيرتنا الدرامية (نحن على الأقل) ..
**بعدها ابتكر فكرته ” المزاريطة” القرية الافتراضية في الصعيد التي تولى شئونها عمدة تعود جذوره إلى أب مصري -عمدة عريق مهاب الجانب ويأتي أخوه من أم اجنبية مثقفة..نهلا من حضارات قديمة وحديثة..في مهمة في تغيير أحوال القرية وساكنيها بنفس الأدوات التقليدية : جهاز إداري وأمنى بسيط..
يمارس العمدة مسئولياته من دوار هو ذاته منزلا مميزا باللون الأحمر..وأمامه تمثال لكبير المزاريطة الراحل ..ورسم سيناريو لحياة داخل وخارج المنزل ..باحثا عن الأماكن الصالحة لمهمة التغيير .. المقهى ..الحقل..الوحدة الصحية..إلخ..
**استعان بجهاز معاون ..رسم شخصياته بدقة..وحرص على اكتشاف مجموعة من الموهوبين..منهم من أصبحوا نجوما بعد ذلك..مثل بيومي فؤاد ..دنيا سمير غانم..محمد سلام..هشام إسماعيل وغيرهم..
خصص لكل منهم خصائص كارتونية مستعينا بقاعدة مستقرة في الدراما المصرية تعتمد على التقابل في الملامح والشخصية (امتداد لمدرسة رفيعة هانم والسبع أفندي ) وزاد عليها استخدام الابتكارات الطريفة ..الحاكمة للشخصية مثل تناول ابنه الصغير بالخطأ زجاجة محلول النضج المبكر ..كبر الطفل في أحد المواسم..وظل كذلك حتى الحلقات التي قدمت خلال رمضان “الحالي”
**أضاف لذلك الاختيار الأصعب..ابتكار شخصيات متعددة هم أخوة له من الأب : جوني راعي البقر..وحزلقوم الفنان رجل الأعمال..وهي الأدوار ااثلاثة التي قدمها مكي نفسه ورسم ملامحها جيدا..تؤكد ملامح الأخوة المشتركة والشخصية المنفردة الاهتمامات من ناحية أخرى..
**استقبل الجمهور “الكبير أوي” بالترحاب عبر المواسم والسنوات وتفاعل الجميع مع المقدمة “الراب” للمسلسل “يا ولد !!” وتابعوا باهتمام محاولات الإضافة والتجديد في الحلقات ..سواء داخل المزاريطة نفسها ..أو خارج الحدود ..
وتواصل الحصاد تحت سقف فريق متجانس محب للموضوع وسعيد بالتجربة ..التي لفتت أنظار العديد من الفنانين وشاركوا في أحداث المسلسل ..
وعلى سبيل المثال المهرجان السينمائي بالمزاريطة..الحافل بالمفاجآت..
**اتسع حجم الاقتباس للأفكار..فشاهدنا مسابقات رياضية وتليفزيونية قادمة من خارج الحدود..ومحاولات متنوعة لتجديد دماء العمل الدرامي ..ولكن الحفاظ على التقدم صعب مهما كانت النوايا الحسنة خاصة إذا كانت الإضافات تم إقحامها على العمل ..والجهد المضاعف لإدراجها في الفكرة الأساسية “مجريات الحياة في القرية التي تتطلع للتقدم” وعلى سبيل المثال : سرقة البنك لاسترجاع غطاء زجاجة مياه غازية ..للفوز بمسابقة للحصول على الدراجة..دفع فيها حزلقوم الملايين ثم سرقها المنافس واستغرق الأمر ثلاث حلقات..ناهيك عن زيارة العفريتة (شيماء سيف) للدوار أثناء الاحتفال بالهالوين ..بحجة انها تريد وثيقة الزواج العرفي من الجد الكبير..
**تحول الامر إلى ما يشبه المطبات الدرامية..وارتفع صوت المشاهدين يتساءلون عن جدوى هذه الإضافات التي لم تحقق الابتسامات المطلوبة والمتناسبة مع جهد كبير مبذول يقوده مكي بنفسه..ويهدد جودة الأداء والمكانة والاهتمام والمشاهدات العالية ويهدد بالطبع الخط البياني المتصاعد للمسلسل على مر السنين..والحل في يد مكي ليصل للحلول المناسبة..قبل رمضان القادم..وعليكم خير !
صالح إبراهيم