أجلس وحيدة ،أرتشف قهوتي، تتصاعد أدخنة سيجارتي،أتأملها ، هذه أنا،جميلة ،متفوقة في دراستها ،كثر خطابي ، رفضي لهم ، لم أجد فيهم قناعاتي بمن أمنحه شرف لقب زوجي ، شريك حياتي،أتفنن في إلصاق أي عيب ليكون سببا منطقيا لرفضي إياهم ،أمام أبي وأمي،حتى يئسا مني،لم يتعبا نفسيهما في مناقشة لاتجدي معي ،أختي الصغيرة ،بنات خالاتي ،بنات عمي كلهن تزوجن ، أنجبن أطفالا ،يعملن ،يرتقين في وظائفهن ، يتحدثن عن أزواجهن بفيض من مشاعر حب ،حتى بعد شكايتهن من بعض تصرفاتهم ، تخطيت الأربعين ،زخف الشيب على مقدمة وجانبي شعر رأسي،لم أهتم حتى بصباغته، لم يعد أحد يتقدم ليطلب يدي للزواج خاصة العزاب، لكن يتقدم لي رجال مطلقون، مترملون،لديهم أطفال ،أعمارهم تتجاوز الخمسين ، استكملت حياتي على موقفي الرافض،لا أحتاج الرجل في شيء،مرتبي كبير ،منصبي جعلني أترأس رجالا من مختلف الأعمار ، أعيش بحرية تامة ،بلاقيود،حتى حنيني أن يكون لي أطفال استبعدته لأتفرغ لعملي ودراساتي ، أفقت، أقراني وصلن إلي ماوصلت إليه من شهادات ، مركز وظيفي كبير ،لكن لديهن أزواجهن ،أحداث متجددة متنوعة زواج ابن أو بنت،سفر أحدهم للخارج للدراسة ،حمل ،ولادة صرن جدات ،أما أنا فلقد فعلت هذا بنفسي،اخترت العيش وحيدة بعد وفاة أمي وأبي،انشغال إخواتي ،أخواتي ،قريباتي بحياتهم الأسرية ،تجسد دخان السجائر ،حدثني ،ماذا فعلت بنفسك؟ ، أطفأت السيجارة طاردة إياه ، لأغرق في دموعي.