بعد طوفان نوح العظيم عليه الصلاه والسلام بدا العهد الثاني للبشريه ومن بعد الطوفان
بقرون بدا عصر الملوك والحكام وتعاقب على هذه الارض الاف من الحكام والملوك الذين
سعوا الى توسيع ملكهم ومد سلطانهم فامتد حكم اغلبهم ضمن حدود بلادهم وبعضهم حكم
دولا وممالك واخرون دانت لهم امبراطوريات وسلطانات ومنهم من كان مؤمنا وفيهم من كان كافرا ومنهم من افسد فيها وتجبر ومنهم من عدل وكان قدوه في الصلاه والاصلاح ولكن اربعه منهم فقط هم الذين حكموا الارض كلها شرقها وغربها
فقد ملك الارض اربعه اثنان مؤمنان واثنان كافران فالمؤمنان ذو القرنين عليه السلام الذي هزم ياجوج وماجوج وسليمان عليه السلام الذي اتاه الله عز وجل ملكا لا ينبغي لاحد من بعده ولا من قبله
والكافران النمرود ابن كنعان الذي تحدى الله عز وجل فسلط الله عز وجل عليه واحدا من اضعف خلقه وجنده فاهلكه ببعوضه وبختنصر الملك
الذي سلطه الله عز وجل على بني اسرائيل.
== فاليكم قصه كل ملك من هؤلاء الملوك الاربعة
الملك الثاني هو :
ذو القرنين الملك الثاني للارض الذي هزم
يأجوج ومأجوج من اعظم القصص التي ذكرت في القران الكريم قصه ذي القرنين في سوره الكهف وهو ملك صالح عابد لله تعالى جاب الارض ينشر الايمان ويدعو الى توحيد الله عز وجل وينصر المظلوم ويقيم العدل ويقمع الكفر واهله وهو الذي بنى السد على يأجوج ومأجوج ليدفع به الاذى الذي كان ياتي منهم وسمي بهذا الاسم لانه ملك فارس والروم
وقيل لانه بلغ قرني الشمس شرقا وغربا وملك ما بينهما من الارض فعن ابن عباس رضي الله
عنهما قال قال رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ملك الارض اربعه مؤمنان وكافران
فالمؤمنان ذو القرنين وسليمان عليه السلام والكافران النمرود وبختنصر وسيملكها خامس من اهل بيتي والسبب ذكر قصه ذي القرنين في القران الكريم قيل فيه ان المشركين في مكه ارسلوا رسولا منهم الى احبار اليهود في المدينه ليسالوهم عن حال النبي محمد صلى الله عليه وسلم فقالت اليهود اسالوه عن ثلاثه اشياء ان اجابكم فهو نبي مرسل والا فهو رجل متقول على الله تبارك وتعالى واصنعوا معه ما بدا لكم
سالوه عن فتيه ذهبوا في الدهر الاول ما كان من امرهم وسالوه عن رجل طواف طاف مشارق الارض ومغاربها ما كان نباه وسالوه عن الروح ما هو فجاء الجواب من الله تعالى
فنزل عليه جبريل عليه السلام الكهف فاخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بخبر
اهل الكهف واخبره عن الرجل الطواف فنزل قول الله تعالى
ويسالونك عن ذي القرنين قل سأتلو عليكم منه ذكرى ولكن هل كان ذو القرنين عليه
السلام نبيا ام عبدا صالحا انتشرت الكثير من الاقاويل حول حقيقه ذي القرنين عليه
السلام فمنهم من قال انه كان نبيا واخرون يدعون انه كان ملكا من الملائكه وذكر في
بعض هذه الروايات انه الاسكندر المقدوني وهذه كلها لا وجود لها من الصحه وانما كان
ذو القرنين عليه السلام عبدا صالحا وكان ذو القرنين يعيش في زمن نبي الله ابراهيم
عليه الصلاه والسلام وقد امن ذو القرنين مع ابراهيم عليه السلام وطاف معه حول
الكعبه حين بناها وكان ذو القرنين يتمنى ان يصبح كل الناس على الايمان والتوحيد ومن اجل ذلك جهز جيشا كبيرا ليخرج به ليدعو الناس الى عباده الله وتوحيده فاكرمه الله عز وجل وهيأ له كل الاسباب التي تعينه على تبليغ هذه الدعوه المباركه فطاف ذو القرنين مشارق الارض ومغاربها وقد اتاه الله عز وجل كل ما يحتاج اليه وهيأ له كل
اسباب النصر والتمكين وكان من رحمة الله جل وعلا بأهل الارض ان ذا القرنين ملك الارض بعد النمرود الذي افسد فيها كثيرا فجاء ذو القرنين عليه السلام فملأ الارض رحمة وعدلا وقسطا وسرد القرنين عليه السلام بجيشه حتى وصل الى مغرب الشمس وهو
اقصى مكان في الارض من ناحيه المغرب فلما وصل الى هذا المكان نظر ذو القرنين الى الشمس فرأها وكأنها في المحيط الذي امام عينه ووجد في هذا المكان قوما كافرين فدخل
عليهم ومكنه الله عز وجل منهم ثم خيره بين تعذيب اهل هذه الارض او العفو عنهم ونشر
العدل بينهم فكان ذو القرنين عليه السلام في قمة الرحمه والعدل فقال اما من ظلم واستمر على شركه وكفره بالله جل وعلا فسوف نعذبه ثم اذا مات على كفره فان الله سيعذبه عذابا شديدا واما من امن واتبعنا على الايمان والتوحيد فسيكافئه الله عز وجل باعظم الجزاء في الجنه وفوق ذلك سنقول له في هذه الدنيا من امرنا يسرا ونكرمه غايه الاكرام وبعدما وصل ذو القرنين الى مغرب الشمس بدا رحلته الثانيه الطويله الى مشرق الشمس وكان في طريقه الطويل لا يمر بقوم الا نصره الله عز وجل عليهم هذا
يدعوهم الى الايمان والتوحيد فمن اطاعه منهم اكرمه ومن اصر على الكفر اذله
واستخدمه في خدمه جيش المؤمنين وظل هكذا حتى وصل الى المكان الذي تشرق منه الشمس
فراى امة عجيبة ما راى في حياته كلها امة اعجب منهم لقد راى قوما حفاه عراه ليس لهم
بناء ولا بيوت يستظلون فيها من حر الشمس وبرد الريح وليس لهم اشجار ولا جدران
وكانوا قد حفروا لانفسهم سراديب تحت الارض ليدخل فيها حتى تحميهم من حر الشمس فلما
جاءهم ذو القرنين اخذ يعلمهم كيف يبنون بيوتا تحميهم من حر الشمس وتقيهم من برد
الريح ودعاهم ذو القرنين الى الله جل وعلا ثم ودعهم ذو القرنين وانطلق في رحلته
الثالثه فسلك طريقا ثالثا بين المشرق والمغرب الى جهه الشمال حيث الجبال
الشاهقه المرتفعه ووصل ذو القرنين الى منطقه بين جبلين كبيرين عند بلاد الترك
فوجده هناك قوما متخلفين لا يكادون يعرفون لغه غير لغتهم وكانت لغتهم غريبه وصعبه
حتى ان ذا القرنين عليه السلام لم يستطع ان يفهمهم الا بواسطه ترجمان وبعدما تحدث
معهم ذو القرنين عليه السلام علم انهم يعيشون مأساه حقيقيه وكانوا لصوصا يعيشون
على السلب والنهب والسرقه فاذا دخل الليل خرجوا من وراء الجبلين الى هؤلاء القوم
فاكلوا زروعهم وثمارهم وسرقوا مواشيهم واغنامهم حتى اصبح هؤلاء الناس جوعا لا
يجدون طعاما ولا شرابا بسبب ما يفعله ياجوج وماجوج فلما علم ذو القرنين من
الترجمان قصه هؤلاء القوم ان يقف الى جانبهم وان يساعدهم شرط ان
يؤمنوا بالله جل وعلا فامنوا بالله عز وجل وحده ووحدوه وبدأوا يعرضون على ذي القرنين
عرضا مغريه قال الله تعالى (قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا )( قال ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما ) ان الله عز وجل اتاني خيرا مما اتاكم ومنحني من مظاهر التمكين والقوه ما جعلني زاهدا في اموالكم
وهنا بدا ذو القرنين عليه السلام يفكر في افضل طريقه يستطيع من خلالها ان يسد
الطريق على ياجوج وماجوج فلا يستطيع بعد ذلك ان يخرجوا على هؤلاء القوم المساكين
وبعد تفكير عميق راى ذو القرنين ان افضل وسيله هي ان يردم الحاجز الذي بين الجبلين
وهذا بفضل الله عز وجل ورحمته وحكمته التي اتاها ذا القرنين عليه السلام وبالفعل
اصدر ذو القرنين امره لهؤلاء القوم بان يحفروا الارض التي بين الجبلين حتى يلقي
فيها اساسا متينا ليبني عليه ذلك السد فحفروا معه حتى وصلوا الى مكان عميق ثم
بدأ ذو القرنين في وضع الاساس في تلك الحفره فوضع فيها صخورا ورمالا ثم طلب من
القوم ان ياتوا اليه بقطع النحاس الكبيره وكانت هذه المنطقه غنيه بالحديد والنحاس
كما انها غنيه باشجارها وغاباتها ودوابها المختلفه التي تنقل كل هذا من الاماكن
البعيده ثم بان يوقدوا نارا تحت النحاس فلما ذاب النحاس صبه فوق الصخور التي في
هذه الصخره وبذلك اصبح الاساس قويا متينا ثم طلب منهم ذو القرنين بعد ذلك ان ياتوا
اليه بقطع الحديد الكبيره فلما جاؤوا بها اخذها ذو القرنين وبدا يضعها فوق بعضها
البعض وما زال يضعها فوق بعضها البعض حتى وصل الى حافه الجبلين ثم امرهم بايقاد
النار تحت ذلك الحديد ثم امر مجموعه اخرى بان ياتوا اليه بالنحاس فجاءوا بالنحاس
فامرهم بان يشعلوا تحته نارا فلما تم صهر الحديد في الممر وتم صهر النحاس في القدور
جاءت المرحله الاخيره وفي المرحله الاخيره من مراحل بناء السد امرهم ذو القرنين عليه
السلام بصب النحاس المصهور المذاب على الحديد المسحور المذاب فتخلل النحاس
الحديد واختلط معا وصار معدنا واحدا قويا متينه وترك الحديد مع النحاس حتى جمد فصار
سدا منيعا حقا ان ذا القرنين يملك قوه وفطنه وادراكا وحكمه وتمكينا وعلما وهذا
من تمكين الله عز وجل له وتعليمه اياه فلا طاقه لاحد ولا قدره على ان يفعل ذلك الا
ان يكون مؤيدا من الله عز وجل فلما اتم ذو القرنين بناء السد جاء ياجوج وماجوج على
عادتهم ليعبروا المضيق ويمارس الافساد ولكنهم فوجئوا بالسد المنيع المرتفع
امامهم حاولوا ان يظهروا ويتسلقوا عليه فلم يستطيعوا لانه مبني من الحديد والحديد
املس واذا لم يكن به مقابض ليمسك بها الشخص فلا يستطيع احد ان يتسلقه وحاولوا
ان يهدموه او يخترقوه فلم يستطيعوا لقوته ومتانته وقبل ذلك
كله بامر الله عز وجل الذي اجل خروجهم لحكمه يعلمها الله تبارك وتعالى ولما بلغ
ذو القرنين مشارق الارض ومغاربها ونشر التوحيد بين اهل الارض وساعده هؤلاء القوم
على بناء السد احس عليه السلام بان مهمته قد انتهت وان اجله قد اقترب فقد مرض مرضا شديدا عندما بلغ ارض بابل فارسل رساله الى امه كتب فيها يا اماه اصنعي طعاما واجمعي من قدرت عليه ولكن لا ياكل طعامك من اصيب بمصيبه
واعلمي ان الذي اذهب اليه خير من كل ما انا فيه فلما وصل كتابه صنعت الطعاما وجمعت الناس وقالت لا هذا من اصيب بمصيبه فلم ياكلوا فعلمت ما اراد فقالت ما يبلغك عني انك وعظتني فاتعظت وعزيتني فتعزيت فعليك السلام حيا وميتا وهكذا رحل ذو القرنين بعدما ملا الارض رحمه وعدلا ونشر التوحيد والايمان بين اهل الارض رحمه الله تعالى رحمة واسعة فاللهم لا تفتنا بعده ولا تحرمنا اجره واحشرنا واياه في زمره المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم اللهم في اعلى الفردوس من الجنه برحمتك يا ارحم الراحمين