لم يشعر بوالديه عندما تركاه يتيما في التاسعه من عمره ،قضى عاما كاملا يستقبل النصائح ممن حوله ،وكل من يعرف والديه، لم يجد من بينهم من ينصحه لوجه الله ،في العاشرة من عمره مات و ماتت منابع الإحساس فيه ،أمسك كتاب الحياة، بدأ يقلب صفحاته بعيدا عن العالم في قبر، قال لنفسه الوحدة أفضل من الغوغائية ، سأعيش هنا، أمهد طريقا للحياة وحدي .
كان كلما قرأ سطرا في صفحات الكتاب وجد في كل كلمة كومة من الشرور،أمسك بريشة اشتراها بعقله من واحات المحبة ليصلح بها كلمات الش ، لكن كلما أصلح كلمة في سطر زادت بقية الكلمات ألما وقسوة، يحاول إقناع نفسه ما ضرني شئ فأنا ميت ،صفحة تلو الأخري، جفت منابع الدموع ، الجروح لا تشفي،أستوطنت الآلام جنبات صدره ،آهات فاقت كلمات الكتاب وسطوره مكتومة لا يسمعها أحد في أعماق الليل حالك السواد ،من حين لآخر يتخيل ما هي الكلمات الأخيرة في صفحات الكتاب؟، هل يستطيع إصلاحها ،
مع سماعه النغمات الاخيرة في يوم طال فيه شقاؤه ،وقد شارف باب القبر أن يصل الي قطع أخر شعاع من ضوء الشمس ،يغلق ، ويغمض عيناه عن قراءة الصفحة الأخيرة التي يتخيل أنها في أعماق الليل الحالك، أم أن القمر يتحد مع الإنسانية يرسلان له بريق أمل.