هذا المقال ذو طابع خاص ..إنه حوار ووقفة مع النفس تعودت عليها مع مطلع كل عام جديد من مشوار الحياة ..بدأتها وأنا في سن الاربعين على ضفاف بحيرة في جدة وكان ضيفي يومها مالك الحزين!
اعتبر ما احتوى عليه المقال من أحداث ودروس امانة يهمني إيصالها للأصدقاء عسى أن يجدوا فيها خيرا ..
التهنئة واجبة وكل عام والجميع بألف خير.
جاء الموعد المحدد والمناسب لوقفة مع النفس ..يحيط بها الشموع والتهاني والأمنيات من الأصدقاء والأحباب..بذكرى ميلاد وبوادر آمال في عام جديد..جلسنا نستعرض كشف الحساب..عن لحظات وسنوات مرت..منذ القدوم إلى الدنيا ..في شكل علامة استفهام تسأل كيف جاءت..ومضت بأحلام وآمال..نجاحات وإخفاق..عواصف وأنواء..حب وسكينة ووفاء..تعارف..لقاء..رابطة حب ودفء..ثم رحيل مفاجىء تكتشف منه ..الحصاد قبض الريح..
**كشف الحساب الذي هو الظل الحقيقي الذي انصهر فيه الغمر ..مزيج من البشرى والصدمة ..ليس أكثر ..مهما اختلفت المسميات..أو تشكلت النتائج..وكساء الأيام..إنها الحقيقة التي تلازمنا منذ الميلاد ..تصل الحياة بين ترحيب وأشواق..أو حزن وأنواء..تكاد تصل إلى رفض اللقاء ..وأبسطها ما يسعد الوالدين من قادم مرغوب فيه..وآخر وصل في غير الوقت المناسب..لكن يتلاقى الاثنان معا..ويشقان غمار الحياة..تحت شعار التطلع ..البحث عن موقع قدم في عالم مزدحم تتكدس فيه الاحباطات والنجاحات ..بعضها يأتي واضحا كالشمس والآخر كقوس قزح متعدد الألوان والاتجاهات ..مختلف البذور والثمار..
**إنها الرحلة المشتركة للجميع ..تتجدد منذ وطأت قدم الطفولة حتى الحصاد وتلقي خطاب الإحالة للمعاش ..وبين هذا وذاك كل يحصل على النصيب المحدد ..من الرزق والأمل والفرحة والأحزان والاختبارات ..ناهيك عن الاكتشافات المتتالية ..لما يمكن ان يفعله ويأتي به سوء التقدير ..أو المغامرة وإغوائها بفعل النفس الأمارة بالسوء ..
**نعم..لاشك أن كل يحصل على ما كتب له ..ولكنه يتحمل المسئولية كاملة..عما وصلت إليه رحلة الأيام..لأنه بالتأكيد لم يحسن الاختيار أو الظن بما حوله من دروس وإشارات وسلوكيات للكائنات..هي متاحة للاستفادة والوصول لطريق الرشاد لكنها تحتاج إلى البصر والبصيرة..والاستخدام الرشيد لمعطيات النجاح داخل القلوب البيضاء والعقول الواعية ..التي حماها الله سبحانه وتعالى من ممارسة الظلم والقهر والجحود و لم يحجب عنها الحدس الرشيد.
**في يوم الوقفة مع النفس ..الذي لا يدري أحدا هل يكون الخاتمة أم مازال في العمر بقية يمكن فيها التطهر من الأدران والاعتراف بالنواقص واستدراك التوبة من الذنوب ؟؟
**بالطبع قد يطول الأمر..وتتراكم الأخطاء ..مسببة العجز وربما تصل لاغتيال الآمال والأمنيات..وفي كل الأحوال ..فإن الاعتراف بالذنب فضيلة ..يساندها شجاعة الاعتذار واستثمار ما بقي من الوقت ..وبذل الجهد في المسح بيد حانية صادقة ..عما تسببت فيه من آلام ومعاناة للغير ..ولو بحسن نية..
**ذلك وحده الطريق إلى قضاء ما تبقى لك من عمر في سعادة هانئة واطمئنان نفسي..يساعد على الادراك المباشر للمسار السليم والرضا بالبشرى والتسليم بالصدمة..
**تذكر أن باب السماء مفتوح للدعاء ..وأن الخلاص يتحقق بالمساهمة الإيجابية في البناء والإيثار والمودة والتنافس في فعل الخير..قدر الإمكان كما نصحنا الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ..إذا قامت على أحدكم القيامة وفي يده فسيلة فليغرسها ..نعم الدرس والتوجيه ..نعم ..الطريق للخير واضح..والبداية ممكنة لاستدراك الخطأ..بالعزيمة والصدق والدعاء..وجهاد النفس وصولا لليقين..لأن رحمة الله سبحانه وتعالى واسعة ..وهو العزيز الغفور الرحيم..
شاب في الحادية والثمانين
صالح إبراهيم