سفينة ( التيتانيك ) و فيلمها المشهور بنفس الإسم ، كان عليها تقريبا 2230 شخصا تم إنقاذ 706 شخص فقط، هذا يعني أن 1500 شخصا لقوا حتفهم .
في أحداث الفيلم مات تقريبا أغلب الناس بسبب الغرق، بينما مات بطل الفيلم بعد ساعات، بسبب برودة الماء وليس الغرق .
أغلب من شاهد هذا الفيلم لم يشعر بأي نوع من التعاطف تجاه المئات الذين ظهروا في الفيلم يغرقون، بالرغم من أن أغلبهم نساء وأطفال، وكانت أمنية كل شخص شاهد هذا الفيلم، هو أن يعيش البطل والبطلة وأن ينجوا من الغرق !
لكن هل سألت نفسك لماذا شعرت بالتعاطف مع البطل (لص و مدمن خمر ولاعب قمار ورسام فاجر ) ولم تتعاطف مع المئات من النساء والأطفال وكبار السن الذين ظهروا وهم يغرقون في الفيلم ؟
الجواب
استطاع المخرج أن يسلط الضوء على البطل والبطلة فقط، وكأنهما الوحيدان على متن السفينة، وجعلك تحبهما وتتعاطف معهما بالرغم من كل عيوبهما، وتتناسى في نفس الوقت الأطفال والنساء الذين غرقوا من حوله وكأن لا وجود لهم !
الخلاصة :
هكذا يتلاعب بنا الإعلام كل يوم، يسلط الضوء على ما يريد وفق رؤيته السياسية أو المذهبية أو الجهوية أو المنفعة المادية، وليس من زاوية الحق، سواء كان له أم عليه ، الإعلام بكل وسائله يمارس هذا العبث القذر .
هذا الإعلام الذي يغير الحق إلي باطل ، والباطل الي حق مفروض ومقبول اجتماعيا أو نفسيا أو ثقافيا .
هذا الإعلام الظالم للشعوب الكادحة المطالبة بالحرية في سبيل قضية شريفة وعادلة كما في غzة المناضلة وفلسطين المباركة وغيرها من بلاد العالم .
هذا الإعلام الذي يخفي الحقيقة ولا يظهر منها إلا بعض الرتوش البسيطة لتجميل الصورة القبيحة ويقولون تلك هي الواقعية المطلوبة ، بل هي الواقعية المزيفة .
أما الواقعية الحقيقة فهى في قوله تعالى: { إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ } [الرعد:11]
فإن معنى الآية هو : أن الله لا يغير حال قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وذلك شامل لتغيير حالتهم الدنيوية من خير إلى شر، أو من شر إلى خير، فبسبب معاصيهم يتغير حالهم من سعادة لشقاء، والعكس كذلك، وعلى هذا يدور أغلب كلام المفسرين.
ومن أسباب التغيير الذي يغير الله به أحوال البشر تفريطهم في قيامهم بالواجب عليهم ، وهو قيامهم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، أما إذا تركوا ذلك فيصدق فيهم قول تعالي { لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ } [المائدة: 78 – 79] والله أعلم…