من منطلق خبرتي لعدة عقود في النقد المسرحي ،وتتبعي للمقالات النقدية عن العروض المسرحية ،أرصد في هذا المقال القصير بعضا من مثالبها ،و مواطن الخلل فيها ،وهي كالتالي:
-عدم معرفة الكاتب لنوعية القاريء للمقال النقدي ، أي لمن يتوجه ويستهدف بمقاله ،فرق كبير جدا بين الكتابة للأكاديميين مخاطبا إياهم في محاولة لاستعراض القدرات والمهارات والمعلومات ،أو تكتب للجمهور بصفة عامة كى ترتقي بذائقته .
-لغة المقال المتردية الهشة المكتظة بأخطاء اللغة العربية، الجمل الطويلة التي يتعدى عدد أسطرها أكثر من أربعة أسطر ،تتزاحم فيها الألفاظ المنحوتة ،الجمل الاعتراضية، مع خليط وأخلاط من المصطلحات الأجنبية الخاصة بعلوم المسرح يتم ترديدها كما هي ،دون الاهتمام بذكر معنى المصطلح وترجمته باللغة العربية، لجهلهم بمعناه والمراد به ،ظنا منهم أن تلك المفردات تؤكد على مكانة الكاتب وتمكنه من النقد الموضوعي، وعلى العكس تماما تلك الطريقة تؤكد على هشاشة ، وعشوائية ،وانطباعية الكتابة ،وعدم التفرقة بين موضوعات الإنشاء المدرسية ،بتستيف السطور ،ومقالة تفوت ولاحد يموت،وكله على ودنه.
-أكثر من خمسين بالمائة من مساحة المقال عن عروض سابقة أو ذكر لوقائع مسرحية تاريخية بعيدا عن العرض محل النقد.
- كتابة البين بين ،وفيها التماس الأعذار لأخطاء العرض بسبب الإمكانيات .
-طرح حلول لنقائض العرض ومناطق ضعفه، وليس هذا دور الناقد، إذ أن عليه التركيز في تناول العرض محل النقد . - عدم اتباع منهج سليم متوازن في تناول كافة مكونات العرض ،مع المرور عليها في عجالة،أو إغفال ذكرها أو تناولها .
- تضمن المقال لفقرات طوال مدحا لعبقرية بطل أو بطلة العرض،في انحياز واضح لشخصيات بعينها ،أو مغازلة الجهات المنتجة، وتلك كتابات تنسب للنقد ظلما تفتقد للنزاهة والحيادية ،وهكذا كثر الكاتبون في مولد وصاحبه غايب،
سيطرة أقلام هزيلة بعينها لشخصيات متضخمة بسبب انتمائهم لاصدارات رسمية لوزارة الثقافة ،أو مؤسسات صحفية ، مع تلاشي دور خريجي أقسام النقد ودورهم في الكتابة ، ورسالتهم في الارتقاء بالذائقة الفنية للجمهور ،وجودة العروض المقدمة .
ولما كان المسرح يمر بأحلك ظروفه ،حتى أنه على وشك الانهيار التام ،لانصراف الممثلون عنه من جهة لإرهاقهم بالبروفات ، وقلة عائده المادي ،وتفضيلهم للأعمال السينمائية والتليفزيونية،مما تسبب في رداءة العروض المسرحية القاتمة التي تقدمها مسارح وزارة الثقافة ،المسرح الحكومي ،المحتكر من فئة بعينها من المنتفعين ، والمسرح الخاص وإغراقه في التفاهة .