بعث النبي صلى الله عليه وسلم لينشر القيم والأخلاق في دنيا الناس وفي ذلك نجد قوله صلى الله عليه وسلم : (( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق )) فتمم مكارم الأخلاق بقوله وفعله وحاله صلى الله عليه وسلم وكان من بين الصفات السيئة التي نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم صفة الغضب وذلك لما فيه من المضار التي تصيب الفرد والمجتمع والتي من بينها أنه جمرة في جوف ابن آدم يوشك أن يهلكه كما أنه مدخل من مداخل الشيطان يستطيع من خلاله القضاء على ابن آدم في الدنيا والآخرة ؛ لذا كان مذمومًا إلا إذا كان في الحق والعدل والغيرة على محارم الله ـ عز وجل ـ وفي ذلك تقول السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها : (( ما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه في شيء يؤتى إليه حتى تنتهك حرمة من حرمات الله فينتقم لله ))ومن هذا نعلم أنه صلى الله عليه وسلم لم يغضب من أجل طعامه أو شرابه أو غير ذلك من شهوات الدنيا الفانية وإنما كان يغضب من أجل إعلاء كلمة الحق والغيرة على حدود وفرائض الله عز وجل ـ ولخطورة الغضب على الفرد والمجتمع وضع الإسلام لعلاجه منهجًا تربويًا ألخصه في النقاط التالية :
ـ أن يذكر مَن يصاب بهذا الداء الله ـ عز وجل ـ ومدى قدرته وعظمته فيرتدع عما هو فيه ويتحول من الغضب إلى الحلم ومن الانتقام إلى العفو فعن أبي مسعود البدري قال : كنت أضرب غلامًا لي بالسوط ، فسمعت صوتًا من خلفي يقول : (( اعلم أبا مسعود )) فلم أفهم الصوت من الغضب فلما دنا مني إذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا هو يقول : (( اعلم أبا مسعود أن الله أقدر عليك منك على هذا الغلام )) فقلت يا رسول الله : هو حر لوجه الله تعالى ، فقال صلى الله عليه وسلم : (( أما لو لم تفعل للفحتك النار ))
ـ ومن ذلك أيضًا : أن يستعيذ بالله عز وجل من الشيطان فقد استبَّ رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم وأحدهما يسب صاحبه مُغْضَبًا قد احْمرَّ وجهه فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد لو قال : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ))
ـ ومن ذلك أيضًا أن يهرع إلى الوضوء والطهارة فقد قال صلى الله عليه وسلم : (( إن الغضب من الشيطان وإن الشيطان خلق من النار وإنما تُطْفَأُ النار بالماء ، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ )) .
ـ ومن ذلك أيضًا أن يتحول عن الحالة التي كان عليها بمعنى أنه إن كان قائمًا جلس وإن كان جالسًا اضطجع فقد قال صلى الله عليه وسلم : (( إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلسْ فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع )) وعليه أن يعلم أن شدة المرء وقوتة ليست في قهره لغيره وإنما في ضبطه لنفسه فقد قال صلى الله عليه وسلم : (( ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ))
ـ أخيرًا على المسلم أن يتحلى بالحلم والصفح متذكرًا أجور أهل العفو والصفح والإحسان .