تعتبر المواد الحافظة الكيميائية من المواد المضافة إلى الغذاء وذلك بهدف المحافظة على صفات الجودة في الغذاء حيث تلعب هذه المواد دورا هاماً في منع حدوث الفساد والتغيرات غير المرغوبة في المادة الغذائية وذلك نتيجة لقدرتها على التأثير على الأحياء الدقيقة عن طريق القضاء عليها أو تثبيط نموها.
ويمكن تعريف المادة الحافظة على أنها أي مادة كيميائية تضاف إلى الغذاء وتؤدي إلى منع فسادها أو تأخيره وبالتالي المحافظة على صفات الجودة فيها لفترة زمنية أطول.
وكما هو معروف فإن أي مادة مضافة إلى الغذاء يجب أن تخضع لمجموعة من المعايير والشروط التي تنظم مجال استخدام هذه المواد المضافة إلى الغذاء.
الشروط الواجب توافرها في المواد الحافظة:
- عدم سميتها ضمن التراكيز المناسبة والمصرح بها .
- أن تكون فعالة ضمن التراكيز المنخفضة.
- أن لا تتفكك أثناء المعاملة الحرارية للمادة الغذائية التي تحتويها .
- أن تملك قدرة مضادة للأحياء الدقيقة المسببة للفساد وذلك عن طريق القضاء عليها أو تثبيط نموها.
- أن لا تحدث تغيرات غير مرغوبة في المادة الغذائية المعاملة وذلك من حيث اللون أو الطعم أو الرائحة.
- أن لا تعمل على إخفاء فساد المادة الغذائية لأن ذلك يعتبر غش.
- أن لا يكون لها فعل تراكمي في الجسم وأن لا تسبب ظهور بعض الأمراض الخطيرة مثل السرطانات.
- أن يكون استخدامها اقتصادياً.
الهدف من استخدام المواد الحافظة :
- منع حدوث الفساد في الغذاء عن طريق منع نمو الكائنات الحية الدقيقة الممرضة وبالتالي إطالة فترة الحفظ.
- المحافظة على القيمة الغذائية للمادة الغذائية المعاملة.
- المحافظة على جودة الغذاء وعلى مواصفاته الحسية.
آلية تأثير المواد الحافظة على الأحياء الدقيقة:
==========+==================
قبل أن نقوم باستعراض أهم المواد الكيميائية المستخدمة في مجال حفظ الغذاء يتوجب علينا أن نشير إلى الآلية التي تؤثر فيها هذه المواد على نشاط الأحياء الدقيقة المسببة للفساد، حيث نلاحظ أن هذه المواد تؤدي عملها عن طريق سلوكها لمسارين أساسين هما:
- المسار الأول: التداخل مع الآلية الوراثية للكائن الحي الدقيق وذلك عن طريق تخريب DNA، أو التأثير على سير عمل الأنزيمات، أو عن طريق منع تشكيل غلاف الخلية.
- المسار الثاني: يشمل هذا المسار مجموعة من الوظائف التي تقوم بها هذه المواد الحافظة مثل التأثير على حموضة الوسط وجعلها غير ملائمة للنمو الميكروبي أو عن طريق كونها تعمل كمضادات للأكسدة، أو كمثبتات لمنع الفساد.
أهم المواد الكيميائية المستخدمة في مجال حفظ الغذاء :
1) حمض السوربيك وأملاحه:
يعتبر حمض السوربيك حمض دهني غير مشبع يحتوي على ست ذرات كربون.
CH3-CH=CH-CH=CH-COOH
تم اكتشافه لأول مرة عام 1859 من قبل HOFMANN الذي انتجه من نوع من التوت Rowan berry oil ، حيث تم اكتشاف تأثيره المثبط تجاه الأحياء الدقيقة من قبل E.MULLER في ألمانيا عام 1939 ، ومنذ منصف الخمسينات من القرن الماضي وحمض السوربيك ينتج صناعيا حيث يم استخدامه في حفظ الأغذية على مستوى العالم.
يتراوح الوزن الجزيئي لحمض السوربيك 112.13 وهو عبارة عن بلورات بيضاء لها رائحة خفيفة مميزة وطعم حامضي وتنصهر هذه البلورات على درجة حرارة 132 -135م، ويذوب في 100 جرام ماء على درجة حرارة الغرفة بنسبة 0.15 بينما تبلغ انحلاليته في 100 جرام كحول إيثيلي خالي من الماء 13 جرام وتتراوح درجة الذوبان في الدهون والزيوت بين 0.5 – 1 جرام / 100 جرام.
يتم استخدام حمض السوربيك على شكل أملاح الصوديوم أو البوتاسيوم أو الكالسيوم وتتواجد هذه المواد على هيئات مختلفة مساحيق، حبيبات، محاليل وغيرها .
سوربات الصوديم ذات الوزن الجزيئي 150.22 عبارة عن مسحوق أبيض حساس للأكسدة ودرجة ذوبانه 32 جرام / 100 جرام ماء ويتم تداوله في صورة محلول مائي قابل للحفظ لمدة أسابيع، وفي المقابل تتواجد سوربات البوتاسيوم على هيئة مسحوق أو حبيبات بيضاء حيث تعتبر من أكثر أملاح حمض السوربيك ذوبانا حيث تبلغ نسبة ذوبانه في الماء 138 جرام/100جرام ماء، أما بالنسبة لسوربات الكالسيوم فهي تأخذ شكل مسحوق أبيض عديم الرائحة والطعم وتبلغ درجة ذوبانه في الماء حوالي 1.2 جرام/100جرام ماء.
يتم إنتاج حمض السوربيك في الوقت الحالي فقط من الكيتين والكروتونالدهيد حيث يتكون استر بلوميري كمركب وسطي.
يملك حمض السورييك وأملاحه فعالية واسعة الطيف ضد الفطور والخمائر وفعالية أقل تجاه البكتريا، وفي المقابل تثبط سوربات البوتاسيوم نمو أنواع البكتريا المنتجة لأنزيم الكاتلاز لكنها غير فعالة ضد البكتريا التي لا تمتلك هذا الأنزيم وبكتريا حمض اللبن والكلوستريديا والسبب في كون حمض السوربيك غير فعال ضد الكلوستريديا هو نتيجة لاستخدام درجة حموضة PH=7 وهي درجة الحموضة المثلى لها ونتيجة لعوامل التأين فإن حمض السوربيك يعتبر تقريباً غير فعال في هذا المجال من درجة الحموضة، ولقد أثبت حديثاً أن استخدام حمض السوربيك مع تراكيز صغيرة من النتريت أو ملح الطعام أو الفوسفات مع خفض درجة الحموضة لحد ما يمكن أن يؤدي إلى تثبيط الكلوستريديا ومنع تكوين السموم، كما أن حمض السوربيك غير فعالة ضد عدد من البكتريا اللاهوائية.
هذا ويرجع تأثير حمض السوربيك وأملاحه المضاد للأحياء الدقيقة إلى تثبيط عدد من الأنزيمات في الخلية الميكروبية وخصوصا الأنزيمات التي تدخل في التمثيل الغذائي للكربوهيدرات مثل الاينولاز ولاكتات ديهيدروجيناز، كما يعمل على تثبيط عدد من الأنزيمات في دورة حمض الستريك.
مجالات الاستخدام:
يمتاز حمض السوربيك مقارنة بغيره من المواد الحافظة بان له معامل توزيع مناسب بين الزيت والماء الامر الذي أدى الى استخدامه في حفظ منتجات الدهون حيث يبقى جزء كبير نسبيا من حمض السوربيك والسوربات في معلق زيت – ماء.
لذا يتم استخدام هذا الحمض في حفظ المرجرين بتركيز 0.05-0.1 % حيث يتم وضع حمض السوربيك في الوسط الدهني أو سوربات البوتاسيوم في الوسط المائي وذلك ضمن تراكيز محددة، كما يتم استخدام حمض السوربيك في حفظ المايونيز حيث أن استخدام خليط من سوريات البوتاسيوم وبنزوات الصوديوم يمنع الفساد الناتج عن نمو بكتريا حمض اللبن (اللاكتيك).
كما يعتبر حمض السوربيك من أهم المواد الحافظة المستخدمة في حفظ الأجبان وذلك نتيجة لفعاليته العالية على درجات الحموضة العالية وخاصة ضد الفطريات، وتختلف طرق إضافة حمض السوربيك للجبن وذلك تبعاً لنوع الجبن المنتج والغرض من الحفظ والتي يمكن أن نوجزها ضمن النقاط التالية :
- في صورة حمض السوربيك أو سوريات البوتاسيوم للجبن الطازج أو الجبن المطبوخ.
- في صورة سوريات البوتاسيوم للمحلول الملحي.
- في صورة حمض سوربيك جاف لمعاملة سطح الجبن.
- في صورة محلول سوريات المائي لغمر أو رش أو غسل الجبن.
- في صورة معلق سوريات الكالسيوم لمعاملة الجبن الجاف أثناء التسوية.
- في صورة مادة مانعة لنمو الفطريات في العبوات أو كأحد مكونات مواد التغليف باستخدام حمض السوربيك – سوريات البوتاسيوم أو سوريات الكالسيوم كمادة فعالة.
أما بالنسبة لمنتجات اللحوم فيمكن استخدام حمض السوربيك من أجل منع نمو الفطريات غير المرغوب، كما يتم استخدام محلول سوربات البوتاسيوم بتركيز 10 – 20 % لمعاملة السجق الجاف، والأمر الأكثر أهمية في استخدام حمض السوربيك مع منتجات اللحوم هو منع نشاط الكلوستريديا حيث أن خليط من السوريات وكميات صغيرة من النتريت أو الفوسفات في منتجات لحوم لها درجة حموضة 6 تكون قادرة على تثبيط الكلوستريديا وبالتالي منع تكوين السموم الناتجة عنها.
كما ذكرنا سابقاً تعتبر السوربات قليلة الفعالية ضد بكتريا حمض اللبن وهذه ميزة يمكن الاستفادة منها عن طريق استخدام السوربات في حفظ المخللات حيث يتم إضافتها بتركيز 0.5- 0.25% على شكل سوريات البوتاسيوم إلى محلول التخليل حيث يكون تأثير هذه الإضافة معدوم أو قليل على بكتريا حمض اللبن في حين يكون تأثير السوربات كبيراً على الأحياء الدقيقة الأخرى غير المرغوبة مثل الخمائر السطحية والفطريات الأمر الذي يؤدي إلى زيادة نسبة الخضروات المخللة بنحو 20 % مقارنة بالمنتجات غير المحتوية على السوربات، كما يتم إضافة سوربات البوتاسيوم بتركيز 0.1 – 0.2 % إلى المحاليل المعبأ فيها الخيار والزيتون والتي تحتوي على الخل وذلك بهدف منع نمو الخمائر السطحية والفطريات.
كما يتم استخدام حمض السوربيك في حفظ الكثير من المنتجات الغذائية، حيث يتم الإضافة سوربات البوتاسيوم بنسبة 0.1 – 0.13 % إلى عجائن الفاكهة لمنع التخمر والحد من نشاط الفطريات، ويستخدم حمض السوربيك بتركيز 0.02% في حفظ المشروبات الغازية وذلك كعامل حفظ إضافي ضد الفساد بالخميرة، ويجب أن لا ننسى أهمية حمض السوربيك في حفظ الشيكولاته والحلويات المحشوة وذلك بسبب فعاليته في درجات الحموضة العالية ضد الخمائر المتحملة للضغط الأسموزي المرتفع ويستخدم عادة بتراكيز تتراوح بين 0.05 – 0.2 %.
ملاحظات عامة:
- يعتبر حمض السوربيك مادة آمنه حيث يسمح في كل بلاد العالم باستخدامه في حفظ الأغذية ويتراوح الحد الأعلى المسموح به من 0.1 – 0.2 %.
- لا تستخدم أسترات حمض السوربيك مع الكحولات البسيطة والتي لها بعض التأثير الحافظ في حفظ الأغذية بسبب رائحتها النفاذة غير المرغوبة.
- بما أن حمض السوربيك هو حمض دهني غير مشبع فإنه يتم إستقلابه بالطريقة نفسها التي تستقلب فيها الأحماض الدهنية الأخرى، هذا ويعطي كل جرام من الحمض 6.6 كيلو كالوري/ جرام ولقد أثبتت التجارب الحيوية أن 50% من هذه الطاقة تستخدم في الجسم حيث يتم تحول حمض السوربيك مثل الأحماض الدهنية في الجسم عن طريق الأكسدة في الوضع بتا.
- من أجل أن يكون حمض السوربيك فعالاً يجب أن يدخل من خلال جدار الخلية وهذا ما يميز الجزء غير المتأين الذي يمتاز بقدرته على دخول الخلية حيث نلاحظ على درجة حموضة PH 3.15 أنه يمكن لحوالي 40 % من حمض السوربيك المتواجد الدخول إلى داخل الخلية في حين عند نقطة التعادل يبقى 99 % من حمض السوربيك في البيئة، ونتيجة لذلك فإنه يمكن لحمض السوربيك حفظ الأغذية منخفضة الحموضة.
- بعض الأحياء الدقيقة لها القدرة على إدخال حمض السوربيك في التمثيل الغذائي بها إذا تواجد الحمض ضمن تركيز أقل من المؤثرة أو عندما يكون الحمل الميكروبي كبير، مما يوضح لنا عدم صلاحية استخدام حمض السوربيك في حفظ الأغذية ذات الحمل الميكروبي الكبير.
- تعتبر فعالية حمض السوربيك ضد الأكسدة الأنزيمية ضعيف مما يستوجب إضافة كميات صغيرة من ثاني أكسيد الكبريت إلى جانب السوربات لمنع حدوث هذا النوع من الفساد.
- قد يسبب إضافة حمض السوربيك أثناء تصنيع الخبز إلى تأخير التخمر بسبب تأثيره على الخمائر وللتغلب على هذه المشكلة يمكن إضافة كميات أكبر من الخميرة أو ترك العجينة مدة أطول لتتخمر، كما يمكن التغلب على هذه المشكلة عن طريق إضافة مشتق حمض السوربيك (سوربيل بالميتات) ومن المعروف أن هذا المشتق ليس له أي تأثير على الخميرة كما أنه ليس له تأثير على الأحياء الدقيقة الأخرى ولكنه ينشق أثناء عملية الخبيز محررا حمض السوربيك الذي يحافظ بدوره على الخبز من الفساد بالفطريات.
(2) حمض البنزويك:
لقد عرف التأثير الحافظ لحمض البنزويك لأول مرة بواسطة العالم . H. FELECK في عام 1875 الذي حاول إيجاد بديل لحمض الساليسيليك، وهذا العالم هو الذي ربط بين فاعلية كل من الحامضين وفاعلية الفينولات ولم يكن إنتاج حمض البنزويك بكميات كبيرة متاحا بشكل صناعي، لذا فإن استخدامه في حفظ الأغذية بدأ فقط مع بداية القرن الماضي حيث أصبح من أكثر المواد الحافظة استخداماً على مستوى العالم بأسره.
يستخدم حمض البنزويك في صورته الطبيعية ومن المعروف أن هذا الحمض يوجد بشكل طبيعي في بعض الأغذية كالتوت البري، كما يمكن استخدامه على صورة أملاح الصوديوم أو البوتاسيوم أو الكالسيوم، أما البنزوات على هيئة بارا هيدروكسي بنزوات الصوديوم فهي أكثر فعالية من أملاحه سابقة الذكر، كذلك تعد أسترات البارا هيدروكسي بنزوات (ميتيل – بروبيل – بيتيل) أكثر تأثيرا من الباراهيروكسي بنزوات.
يتراوح الوزن الجزيئي لحمض البنزوات 121.11 وهو عبارة عن بلورات إبرية أو ورقية بيضاء اللون لامعة، تنصهر على درجة حرارة 122 م، وتتراوح درجة انحلاليته في الماء 0.34 جرام / 100 جرام ماء، بينما ينحل 1-2 جرام من حمض البنزويك في 100 جرام زيت، وفي المقابل يتراوح الوزن الجزيئي لبنزوات الصوديوم 144.11 وتتراوح انحلاليتها 63 جرام/ 100 جرام ماء .
تعتمد فاعلية حمض البنزويك ضد الأحياء الدقيقة على عدة تفاعلات مع التركيب الأنزيمي للخلية الميكروبية، حيث يعمل حمض البنزويك على تثبيط الأنزيمات التي تتحكم في تمثيل حمض الخليك وفي إضافة حمض الفسفور عن طريق الأكسدة، كما يقوم حمض البنزويك بالتدخل في دورة حمض الستريك وذلك في أماكن متعددة وخصوصاً في أنزيمات الهيدروجينيز مثل α- Ketoglutaric and succinic acid dehydrogenases . كما أن حمض البنزويك يمنع تكاثر الخلية الخضرية قبل عملية التبوغ.
مجالات استخدامه :
يستخدم حمض البنزويك وأملاحه بشكل واسع في حفظ الأغذية الحامضية وذلك كون البنزوات تمارس فعاليتها ضد الأحياء الدقيقة بشكل أكبر على درجة حموضة مرتفعة في حين تنخفض هذه الفعالية بانخفاض الحموضة واقترابها من الاعتدال، وفي المقابل يمكن استخدام حمض البنزويك في حفظ المرجرين على الرغم من عدم كونه المادة الحافظة المثلى لأن درجة الحموضة للمارجرين تقع في آخر المجال الذي يعطي فيه حمض البنزويك أعلـى فاعليته، حيث يتراوح التركيز المستخدم بين 0.08 – 0.15 % ويوضع حمض البنزويك في الوسط الدهني أو بنزوات الصوديوم في الوسط المائي.
كما يستخدم حمض البنزويك في حفظ المايونيز وذلك على هيئة خليط من بنزوات الصوديوم وسوربات البوتاسيوم الأمر الذي يؤدي إلى إعطاء قدرة أعلى ضد البكتريا المنتجة للحموضة، ويستخدم حمض البنزوات بتراكيز 0.8 – 1.2 % في حفظ صفار البيض السائل المملح وغير المملح، كما يستعمل حمض البنزوات في حفظ بيوض الأسماك وفي حفظ عصير الفاكهة والشرابات ورب البندورة والمخللات وذلك بنسبة أقل من 0.1%.
أما بالنسبة لاسترات حمض باراهيدروكسي بنزويك وبخاصة أسترات الميثيل والبروبيل ومشتقاتها الصودية فإن لها فائدة مضاعفة نظراً لانحلاليتها الجيدة وحساسيتها الضعيفة لدرجة الحموضة مما يسمح باستعمالها في أوساط قريبة من الاعتدال، حيث تمتاز هذه المركبات بفعاليتها الكبيرة ضد الخمائر والفطريات وبدرجة أقل ضد البكتريا وبخاصة سالبة الجرام، لكن في المقابل تمتاز هذه المركبات بفاعليتها الكبيرة تجاه البكتريا موجبة الجرام مقارنة بحمض البنزويك وحمض السوربيك وذلك نتيجة لوجود مجموعة الهيدروكسيل الفينولية.
ملاحظات عامة:
- يتم حالياً تقدير حمض البنزويك بالقياس الضوئي على الموجة 273.230 نانومتر.
- لكي يتمكن حمض البنزويك من إحداث التأثير المطلوب ضد الأحياء الدقيقة يجب أولاً أن يمر عبر جدار الخلية وهذا ما يميز الجزء غير المتأين من الحمض بسرعة مروره خلال الجدار وزيادة فعاليته وهذا ما يفسر اعتماد التأثير على درجة الحموضة PH حيث أن الجزء غير المتأين فقط من الحمض له التأثير المضاد 5 للأحياء الدقيقة، ونتيجة لارتفاع ثابت التأين لحمض البنزويك إلى 6.46 x 10 فإنه يمكن استخدامه فقط لحفظ المنتجات عالية الحموضة.
- كما ذكرنا سابقا يستخدم خليط من بنزوات الصوديوم وسوربات البوتاسيوم من أجل حفظ المايونيز، والهدف من هذه العملية هو التقليل من تأثير البنزوات على الصفات الحسية للمنتج .
- يشبه حمض البنزويك حمض السوربيك من ناحية عدم فعاليته ضد الأكسدة الأنزيمية الأمر الذي يحتم استخدامه على هيئة مخاليط من البنزوات وكميات قليلة من أكسيد الكبريت.
- يمكن أن يظهر طعم حمض البنزويك وأملاحه في الأغذية المحفوظة بواسطته وحتى عند التركيز اللازم للحفظ.
3) ثاني أكسيد الكبريت:
يعتبر ثاني أكسيد الكبريت من أكثر المركبات فعالية ضد الأحياء الدقيقة، كما يلعب دوراً هاماً ضد الأكسدة ويعتبر من أحد أفضل موانع الاسمرار اللاأنزيمي، ولقد بدأ استعمال ثاني أكسيد الكبريت في حفظ الأغذية منذ قرون طويلة، حيث كان قدماء المصريين والرومان يستعملونه عن طريق حرق الكبريت في تطهير أدواتهم المستعملة في صناعة النبيذ .
يتم تداول ثاني أكسيد الكبريت على هيئة سائل تحت ضغط في اسطوانات أو في صورة محلول، كما يتم تداوله في صورة أملاح الكبريتيت وذلك على نطاق واسع، ويتراوح الوزن الجزيئي لثاني أكسيد الكبريت 64.06 حيث يكون على درجة حرارة الغرفة وتحت الضغط العادي عديم اللون ذو رائحة نفاذة وغير قابل للاشتعال الأمر الذي يؤدي إلى سهولة تحويله لسائل، وهذا السائل يغلي على درجة حرارة 10 م، وتصل كثافة ثاني أكيد الكبريت في الحالة الغازية إلى حوالي ضعف كثافة الهواء، وتبلغ انحلاليته على الدرجة 10 م نحو 80 لتراً / لتر.
يؤدي وجود الماء في المادة الغذائية أو حولها إلى تكوين حمض مع ثاني أكسيد الكبريت إلى إطلاق شوارد الهيدروجين الفعالة ضد الأحياء الدقيقة.
يؤثر ثاني أكسيد الكبريت على الأحياء الدقيقة بطرق مختلفة أهمها :
- يؤثر في نمو الأبواغ البكتيرية ويمنعها من الإنتاش .
- يثبط المراحل الاستقلابية للسكر والتي تحتاج إلى وجود NAD.
- التداخل في إرجاع الروابط الكبريتية S-S في البروتين الأنزيمي مما يؤدي إلى إعاقة العمل الأنزيمي الأساسي.
- يتفاعل مع أطراف كربونيل السكريات مانعاً استخدامها كمصدر للطاقة.
ينتمي حمض الكبريتوز وأملاحه إلى المواد الحافظة الفعالة ضد الأحياء الدقيقة حيث تعتبر فعاليته ضد البكتريا أقوى بكثير من فعاليته ضد الخمائر والفطور ، حيث أن معظم البكتريا عند درجة حموضة PH 6 يتم تثبيطها باستخدام 50- 100 P.P.M من كبريتيت الصوديوم وذلك ضمن التجارب التي تمت ضمن البيئات المغذية، كما تعتبر بكتريا حمض اللبن حساسة جدا تجاه ثاني أكسيد الكبريت، ونظراً لفعالية ثاني أكسيد الكبريت العالية ضد البكتريا فإنه يستخدم عادة بشكل خليط مع مواد حافظة أخرى تؤثر على الفطريات مثل حمض السوربيك أو حمض البنزويك الأمر الذي يؤدي إلى زيادة الفعالية الحافظة لهذه المواد.
مجال استخدامه:
يستخدم ثاني أكسيد الكبريت في معظم منتجات الفاكهة كعامل حفظ مؤقت حيث يتم إضافته إلى المواد الخام أو نصف المصنعة ثم تتم إزالته بعد ذلك خلال عملية التصنيع بطرق مختلفة مثل الحرارة أو التفريغ حيث يحتوي المنتج النهائي على كميات صغيرة جدا من بقايا ثاني أكيد الكبريت.
كما تعمل أملاح الكبريتيت على تثبيط البكتريا التي تتكاثر على اللحم الطازج والمصنع وفي نفس الوقت يحافظ ثاني أكسيد الكبريت على لون الحم لحد ما.
ويمكن استخدام ثاني أكسيد الكبريت بتراكيز مرتفعة لحفظ الجوز (أقل من 1 جرام /كغ) والفواكه المجففة (أقل من 2 جرام/كغ)، كما يتم استخدام ثاني أكسيد الكبريت في حفظ العديد من الأغذية وبتركيز مختلفة والتي يمكن أن نوجزها فيما يلي :
- النبيذ بنسبة أقل من 350 ملغ/كغ.
- عجينة الخردل بنسبة أقل من 500 ملغ/كغ.
- السيدر بنسبة أفل من 200 ملغ/كغ.
- السكر المبلور بنسبة تتراوح بين 10 – 100 ملج / كجم.
ولقد استخدم محلول ثاني أكسيد الكبريت منذ زمن بعيد في الماء كمحلول مطهر للأجهزة والبراميل والأدوات الأخرى المستخدمة في صناعة النبيذ وذلك بتركيز يتراوح بين 1 – 2 %.
ملاحظات عامة:
- لا يسمح باستخدام ثاني أكسيد الكبريت في معالجة اللحوم في معظم البلدان لأنه يستطيع تثبيت لون اللحم مانعاً بذلك تشكيل الميتميوجلوبين وبالتالي يؤدي إلى إخفاء مظاهر التحلل والفساد.
- من أهم عيوب ثاني أكسيد الكبريت أنه يهاجم المعادن المستخدمة في أغلفة الحفظ.
- يجب عدم استعمال ثاني أكسيد الكبريت في الأغذية الغنية بفيتامين B1 حيث يعمل على تخريب هذا الفيتامين وذلك عن طريق فتح الرابطة بين كل من البيراميدين والثيازول في الجزيء.
- من المعروف أن الخمائر المنماة في بيئات خالية من ثاني أكسيد الكبريت تكون حساسة أكثر من تلك المنماة في وسط يحوي على ثاني أكسيد الكبريت.
- يمكن استخدام ثاني أكسيد الكبريت في حفظ الأغذية بهدف التقليل من الهدم الذي يحدث لفيتامين C .
- يمتاز ثاني أكسيد الكبريت برائحته النفاذة القوية والتي يمكن ملاحظتها في الأغذية المعاملة به، لذا يفضل استخدامه في حفظ الأغذية المعدة لإعادة التصنيع.
4) حمض البروبيونيك:
يعد حمض البروبيونيك أحد الأحماض أحادية الكربوكسيل الأليفاتية ولقد عرف تأثيره لحافظ منذ عام 1913 حيث تبين أن للحموض الدهنية المشبعة الحاوية على 1 – 14 ذرة كربون فعالية ضد الفطور وذلك ضمن مجال من PH يتراوح بين 2- 8 ·
يستخدم حمض البروبيونيك على شكل أملاح الكالسيوم أو الصوديوم، ويعرف باسم الميكوبان وهو الاسم التجاري له، ويمتاز هذا الحمض برائحته القوية المخرشة مما حتم استخدامه على شكل أملاح كما سبق وذكرنا .
يعد الملح الصوديومي لهذا الحمض أكثر ذوباناً من الملح الكالسيومي له، حيث ينحل بمعدل 150 جرام / 100 مل ماء وذلك على درجة حرارة 100 م، وفي المقابل ينحل ملح الكالسيوم في الماء بمعدل 55.6 جرام / 100 مل ماء وذلك على نفس درجة الحرارة، كما تمتاز بروبيونات الصوديوم بقابليتها للانحلال في الكحول وعلى العكس من ذلك فإن ملح الكالسيوم لهذا الحمض لا يذوب في الكحول.
ومن الجدير ذكره هنا في هذا المجال أن حمض البروبيونيك وأملاحه يعد حسب منظمة FDA من الإضافات السليمة (Grass)، حيث يعتبر أحد المركبات الطبيعية الناتجة عن استقلاب الأحماض الدهنية.
يعود التأثير المثبط لهذا الحمض إلى كونه يحطم الغشاء الخلوي للخلية الميكروبية، كما تقوم أملاح هذا الحمض على تثبيط نمو الفطريات بالإضافة إلى عدد من البكتريا، حيث تعتبر البروبيونات أشد فعالية ضد الفطور مقارنة مع بنزوات الصوديوم، لكنها غير فعالة ضد الخمائر، كما أنها تمتلك فعالية ضعيفة ضد البكتريا باستثناء قدرتها على تثبيط نمو البكتريا المسببة للفساد الخيطي للخبز ، وتتراوح درجة الحموضة المثلى لعمل هذا الحمض وأملاحه بنحو PH= 5 .
مجال استخدامه:
كما ذكرنا سابقاً فإن حمض البروبيونيك وأملاحه يعتبران من الإضافات السليمة وذلك حسب منظمة FDA وبالتالي لا توجد حدود عليا لاستعمالها، مع وجود بعض الاستثناءات والتي تتمثل في استخدامه في الخبز حيث تتراوح حدود استعمالات بروبيونات الصوديوم والكالسيوم 0.32% في حفظ الطحين المعد لصناعة الخبز الأبيض و 0.38% في منتجات الطحين الكامل، كما تشمل هذه الاستثناءات استخداماته في حفظ الأجبان حيث تتراوح حدود استخداماته بحدود 0.3 %.
ومن المجالات العديدة التي يستخدم فيها حمض البروبيونيك استخدامه في معاملة الورق المستخدم في تغليف الزبدة والأسماك واللحوم المدخنة، كما يتراوح التركيز المستخدم منه من أجل حفظ الخبز من الفساد الخيطي بحدود 0.5 – 0.6 %، كما يعتبر حمض البروبيونيك من أهم العوامل التي تؤدي إلى تأخير تعفن الأجبان وبخاصة جبنة الشيدر حيث يمكن إطالة فترة حفظ هذا النوع من الجبن عن طريق تغطيسها في محلول يحتوي على 8% من حمض البروبيونيك.
(5) حمض الخل:
يعتبر حمض الخل من أهم المواد المستخدمة في حفظ المخللات حيث عرف منذ قديم الزمان وهو عبارة عن ناتج تخمر يتشكل أثناء إنتاج الخل، ويوجد في الوقت الحالي العديد من المركبات التي تحرر حمض الخل والتي من أهمها خلات الصوديوم والبوتاسيوم والكالسيوم وحمض أحادي كلور الخل وثنائي خلات الصوديوم، وتمتاز هذه المركبات بقدرتها الجيدة على الحفظ بالإضافة كونها عوامل مخلبية وعوامل نكهة.
ويعود التأثير المضاد لهذه المركبات ضد الأحياء الدقيقة إلى وجود شوارد الهيدروجين بتراكيز معينة بالإضافة إلى الفعل السمي الذي تمتاز به الجزيئة غير المتشردة لحمض الخل، حيث تؤثر هذه المركبات في البكتريا والخمائر بشكل أكبر من تأثيرها على الفطور، وفي المقابل أثبتت التجارب على أن حمض الخل أكثر سمية تجاه الفطور والخمائر بالمقارنة مع حمض كلور الماء وحمض اللبن على الرغم من وجود تراكيز الهيدروجين نفسها في الوسط.
ويعد حمض الخل وخلات الصوديوم والكالسيوم وثنائي خلات الصوديوم والكالسيوم من الإضافات السليمة وذلك تبعا لتشريعات منظمة FDA والتي اعتبرت هذه المركبات GRASS.
مجال استخدامه :
القضاء على بكتريا Pseudomonas aeruginosa وهي بكتريا عصوية سالبة الجرام تتحرك بواسطة هدب قطبي وحيد يمتلك غالباً حبيبات ملونة هوائية إجبارياً تنمو على سطح المنتجات الغذائية مثل الحليب الطازج والمبستر وتسبب فساد بعض أنواع الأغذية وإعطاء الطعم السيئ كفساد اللحوم والأسماك كما تمتلك هذه البكتريا القدرة على إحداث المرض وتسبب التقيح، وبالتالي يمكن القضاء عليها باستخدام حمض الخل بتركيز 2% خلال 15 دقيقة.
القضاء على بكتريا Salmonella typhi وهي البكتريا المسببة لمرض الحمى التيفية حيث تتواجد هذه البكتريا بشكل كبير في المنتجات الغذائية المختلفة كاللحوم والحليب والبيض مسببة فسادها، ومن المعروف أن هذه البكتريا هوائية – لا هوائية اختيارياً وهي قادرة على تخمير الغلوكوز مع إنتاج الغاز والحمض، ويمكن القضاء على هذه البكتريا باستخدام حمض الخل بتركيز 3 % خلال 15 دقيقة.
يعد حمض الخل من اهم وأفضل المواد الحافظة المستخدمة من أجل القضاء على بكتريا Staphylococcus aureus ومن المعروف أن هذا النوع يعتبر من الأنواع الممرضة للإنسان حيث يسبب هذا النوع مرض الجمرة الخبيثة الذي يؤدي إلى حدوث تقيحات مختلفة وأورام، وينتشر هذا النوع في الأغذية الرطبة والتي من أهما الحلويات الحاوية على القشدة والحليب، ويمكن القضاء على هذا النوع من البكتريا الممرضة باستخدام حمض الخل بتركيز 9% خلال 15 دقيقة.
كما يمكن استعمال ثنائي خلات الصوديوم بهدف تثبيط نمو الفطور على الأجبان والخبز، أما بالنسبة لحمض أحادي كلور الخل فيستخدم في حفظ العصير والنبيذ.
(6) القلويات :
من أهم الأمثلة عليها هيدروكسيد الصوديوم والكالسيوم والبوتاسيوم والتي تعد من أهم المواد القلوية المستخدمة من أجل تثبيط الأحياء الدقيقة المسببة للفساد، ويعود التأثير المثبط لهذه المركبات ضد الأحياء الدقيقة إلى وجود شوارد الهيدروكسيل.
تؤثر هذه المركبات القلوية بشكل كبير على البكتريا سالبة الجرام وغير المتبوغة بينما يقل التأثير المثبط لهذه المركبات تجاه البكتريا موجبة الجرام وتعتبر البكتريا المتبوغة من أكثر أنواع البكتريا مقاومة لتأثير هذه المركبات.
يؤدي وجود بعض الأملاح والمركبات التي تمنع وتعيق تفكك الصودا إلى إضعاف القدرة القاتلة لهذه المركبات القلوية.
تلعب درجة الحرارة دوراً هاماً في آلية تأثير هذه المركبات القلوية على الأحياء الدقيقة، حيث تزداد فعاليتها تجاه الأحياء الدقيقة بشكل طردي مع ارتفاع درجة الحرارة عن 40 م ، وذلك نتيجة إلى زيادة نفوذية الجدار الخلوي .
تستخدم المركبات القلوية بشكل عام من أجل تنظيف الأجهزة والأرضيات. حيث يتم غسيل الزجاجات باستخدام محلول قلوي بتركيز 3% لمدة 5 دقائق وذلك على درجة حرارة 55 م، كما يتم استخدام فوسفات الصوديوم من أجل غسيل الزجاجات والأجهزة في معامل الألبان.
(7) كلوريد الصوديوم (ملح الطعام) :
يعد ملح الطعام من أهم المواد المستخدمة في عملية حفظ الأغذية، حيث استخدم منذ وقت طويل في حفظ منتجات اللحوم، وبالإضافة إلى التأثير الحافظ لملح الطعام فإنه يلعب دوراً هاماً في طعم ونكهة المنتجات الغذائية.
يعود التأثير الحافظ لملح الطعام إلى العديد من الخواص التي يتميز بها والتي يمكن أن نوجزها في النقاط التالية:
- يمتلك المقدرة على تشكيل شوارد الكلور التي تمتاز بسميتها العالية.
- قدرته على خفض قابلية الأكسجين للانحلال في الأوساط السائلة.
- تدخله في عمل الأنزيمات المحللة للبروتين .
- يمتلك قدرة عالية على رفع حساسية الخلية الميكروبية تجاه غاز ثاني أكسيد الكربون.
- إحداث الجفاف الفيزيائي للوسط وذلك عن طريق قيامه بربط الماء وجعله غير قابل للاستخدام من قبل الأحياء الدقيقة .
- يعمل على رفع الضغط الأسموزي في الوسط مما يؤدي إلى انقباض البروتوبلاسما في الخلية وذلك تبعاً لنوع السلالات الميكروبية.
نلاحظ مما سبق الخصائص الرائعة التي يتميز بها ملح الطعام، وعلى الرغم من مجمل الخصائص السابقة فإن قدرة ملح الطعام على التأثير في الأحياء الدقيقة يختلف حسب السلالات الميكروبية، ولإيضاح هذا الأمر بشكل جيد يجب أن نعلم أن هناك عدد من الأحياء الدقيقة التي تتميز بقدرتها على تحمل الملوحة، كما أن بعضها محب للملوحة أي أنها تحتاج إلى وجود تركيز عال من الملح حتى تصل إلى مستوى نموها المثالي .
تعتبر الخمائر باستثناء الأنواع التابعة للجنس Torula أقل مقاومة للملح مقارنة مع البكتريا والفطور وبشكل عام يمكن تثبيط نمو الفطور بوجود تركيز من الملح يتراوح بين 20 – 25%، أما بالنسبة للبكتريا فتختلف التراكيز اللازمة من الملح لتثبيطها حسب الأنواع، فعلى سبيل المثال يتم تثبيط Staphylococcus بوجود تركيز من الملح بنحو 15 % كما يمكن القضاء عليها بشكل كامل عندما يصل تركيز الملح إلى 20%.
ويجب أن ننوه هنا على أن الملح قد يعمل في بعض الأحيان على تسريع نمو بعض أنواع البكتريا وذلك عند استخدامه بتراكيز منخفضة، حيث وجد أن وجود الملح بتركيز يتراوح بين 0.5 – 1% يزيد من مقاومة أبواغ بكتريا Cl. botulinum للمعاملة الحرارية في حين يزول هذا التأثير عند رفع تركيز الملح إلى 2 %.
كما وجد أن إضافة الملح إلى الغذاء قد يشجع نمو الأحياء الدقيقة المحبة للملوحة وكما ذكرنا سابقاً فإن هذه الأحياء تحتاج إلى وجود تراكيز عالية من الملح لتصل إلى مستوى النمو المثالي لها، كما أن وجود الكالسيوم والمغنسيوم في الملح يمكن أن يساعد على نمو بعض هذه الأحياء المحبة للملوحة.
8) النترات :
تم استخدام أملاح النترات منذ عدة قرون في تتبيل اللحوم وكمواد مضافة للأسماك والأجبان، حيث تستخدم عادة أملاح نترات الصوديوم أو البوتاسيوم في صورة نقية أو مع ملح الطعام ومواد أخرى وهو ما يعرف تجاريا باسم ملح البارود
يتراوح الوزن الجزيئي لنترات الصوديوم 84.99 ، بينما يتراوح الوزن الجزيئي لنترات البوتاسيوم 101.11، وهذه المركبات عبارة عن مساحيق بلورية بيضاء اللون تنصهر على درجة حرارة 311 م بالنسبة لنترات الصوديوم و 337 م بالنسبة لنترات البوتاسيوم، وتتراوح درجة الانحلالية لهذه المركبات 90 جرام نترات صوديوم وحوالي 37 جرام نترات بوتاسيوم في 100 جرام ماء، كما تعتبر هذه الأملاح قليلة الذوبان في الكحول.
تزداد فعالية هذه المركبات بشكل كبير على PH أقل من 6.5 إلا أنه من الممكن استخدامها في المواد الغذائية ذات PH المرتفع، حيث تعمل هذه المركبات على زيادة قيمة القدرة الكامنة للأكسدة والإرجاع للوسط الأمر الذي يؤدي إلى منع نمو الأحياء الدقيقة الهوائية.
ومن الجدير ذكره في هذا المجال أن النترات يمكن أن تتحول إلى النتريت من خلال التفاعلات الأنزيمية أو نتيجة لنشاط الأحياء الدقيقة وهذه التفاعلات يمكن أن تحدث ضمن الغذاء أو في الجهاز الهضمي للإنسان، حيث أن النتريت يؤدي إلى خفض القدرة الكامنة للأكسدة والإرجاع الأمر الذي يؤدي إلى منع نمو الأحياء الدقيقة اللاهوائية، ويعود التأثير المثبط للنتريت تجاه الأحياء الدقيقة إلى قدرته على التأثير في استقلاب الكبريت، كما أنه يؤثر في مجموعات الالفا أمين للأحماض الأمينية وذلك ضمن PH منخفض، بالإضافة إلى تأثيره مع الامينوفينولات كالتيروزين.
مجال الاستخدام :
يمكن استخدام نترات الصوديوم والبوتاسيوم مع منتجات الألبان حيث تضاف إلى اللبن السائل بتراكيز 0.01- 0.02% وذلك بهدف منع تكوين الإنتفاخات في شرائح الجبن الجاف المصنع منه، ويجب التنويه على ضرورة عدم زيادة التركيز المستخدم عن السابق لأن الزيادة قد تؤدي إلى حدوث تغيرات غير مرغوبة في المنتج النهائي حيث أنها قد تسبب حدوث تغير في لون الجبن الناتج.
ويرجع التأثير الحافظ للنترات في منتجات الألبان إلى تشكل النتريت كمركب وسيط ناتج عن هدم النترات، وهذا المركب الوسيط قادر على تثبيط التخمرات غير المرغوبة الناتجة عن نمو الكلوستريديا أو بكتريا القولون أو بكتريا حمض البيوتريك
ومن المهم هنا الإشارة إلى أن النتريت يختفي تماماً في الجبن النهائي المعد للاستهلاك.
كما يتم استخدام النترات ضمن منتجات اللحوم حيث تتحول النترات بواسطة الأحياء الدقيقة إلى نتريت التي يعزى إليها التأثير المضاد للأحياء الدقيقة بينما يعزى التأثير المرغوب على اللون والطعم المميز للحم المتبل إلى النترات.
ملاحظات عامة :
- يعتبر استخدام النترات من أجل منع الانتفاخ المتأخر في جبن الامنتال غير مرغوب كونها تعمل على تثبيط نشاط بكتريا حمض البروبيونيك المرغوب.
- تعد مركبات النتريت ذات فعالية كبيرة في حفظ الأسماك وذلك بتراكيز PPM200 وذلك ضمن درجات حرارة منخفضة، حيث وجد أن تسخين أسماك البحر بوجود النتريت يؤدي إلى إمكانية تشكيل مركبات النتروز أمين والتي يمكن أن تؤدي إلى الإصابة بالسرطان.
- عند تتبيل اللحوم بواسطة محلول التتبيل الذي يحتوي على النترات وملح الطعام والسكر يجب أن تتم هذه العملية على درجة حرارة تتراوح بين 6 – 8 م لأن درجات الحرارة الأعلى من ذلك تؤدي إلى نمو الأحياء الدقيقة غير المرغوبة والتي تؤدي إلى حدوث التحلل في المحلول .
9) ثاني أكسيد الكربون:
يعتبر غاز ثاني أكسيد الكربون من المواد الحافظة المستخدمة منذ القدم حيث كان المصدر الأساسي له التخمر الكحولي الناتج عن التنفس البطيء للحبوب المخزنة .
يستخدم ثاني أكسيد الكربون بشكل عام في صورة الغاز المسال كما يتم استخدامه في صورته الصلبة (الثلج الجاف) كمادة هامة في عملية التبريد وذات تأثير محدود في مجال حفظ الأغذية.
يتراوح الوزن الجزيئي لثاني أكسيد الكربون 44.21، وهو عبارة عن غاز عديم اللون وغير قابل للاشتعال وذو رائحة وطعم حمضي وذلك تحت ظروف درجة حرارة الغرفة والضغط العادي.
يعتمد التأثير المثبط لغاز ثاني أكسيد الكربون إلى استبعاده للأكسجين من الوسط حيث يحل غاز ثاني أكسيد الكربون محل الأكسجين الضروري للأحياء الدقيقة، كما أن وجوده بكميات كبيرة يمكن أن يغير من الحموضة على سطح الغذاء بحيث تصبح الظروف غير مناسبة لنمو بعض أنواع الأحياء الدقيقة .
يعد الضغط الجزئي لغاز ثاني أكسيد الكربون من العوامل الهامة التي تؤثر في فعاليته، فعلى سبيل المثال يتراوح الضغط الجزئي لغاز ثاني أكسيد الكربون اللازم لخفض نمو Pseudomonas fragi في الوسط اللاهوائي بنسبة 50% حوالي 0.5 ضغط جوي، بينما يتراوح الضغط اللازم للنوعBacillus cereus 1.3 ضغط جوي.
يؤثر ثاني أكسيد الكربون بشكل أساسي في الأحياء الدقيقة الهوائية بينما تقاوم الفطريات ثاني أكسيد الكربون إلى حد كبير، وفي المقابل يؤدي تواجد ثاني أكسيد الكربون بنسبة كبيرة في وسط التخزين إلى التقليل من السموم المنتجة بواسطة الفطريات، كما تعتبر الخمائر بشكل كبير قليلة الحساسية تجاه ثاني أكسيد الكربون، ومن المفارقة أن بعض الخمائر تحت تأثير ثاني أكسيد الكربون وضمن ظروف معينة يكون لها تمثيل غذائي إلى الحد الذي يسمح بفساد الغذاء فعلى سبيل المثال يمكن لبعض الخمائر تحت ضغط من ثاني أكسيد الكربون أن تخمر السكر إلى كحول دون أن يتزايد عددها .
تعتبر درجة الحرارة من أهم العوامل التي تؤثر على فعالية غاز ثاني أكسيد الكربون، حيث يكون التأثير المثبط لغاز الكربون أفضل في درجات الحرارة المنخفضة وذلك بسبب زيادة الانحلالية، الأمر الذي يؤكد أهمية الاستعمال المشترك للحفظ بالتبريد مع غاز ثاني أكسيد الكربون لزيادة الفعالية الحافظة.
مجال استخدامه :
يستخدم ثاني أكسيد الكربون كغاز واق خامل في العبوات المستخدمة في تغليف الأجبان وذلك بهدف الحماية من الأكسدة والفساد الميكروبي، حيث يثبط ثاني أكسيد الكربون نمو كل من الخمائر والفطريات والبكتريا المتحملة للبرودة في الجبن الطري ويجب أن يكون تركيز ثاني أكسيد الكربون في جو التخزين 100 %.
يمكن زيادة القدرة على الحفظ للحوم الطازجة المخزنة بالتبريد إذا كان تركيز ثاني أكسيد الكربون في جو التخزين يتراوح بين 15 – 40% ، وفي المقابل يجب الإشارة هنا على أن تخزين اللحوم في جو ترتفع فيه نسبة ثاني أكسيد الكربون يسبب تغير لون وطعم اللحوم المخزنة وبخاصة عند انخفاض نسبة الأكسجين عن حد معين.
كما يعتبر غاز ثاني أكسيد الكربون من أهم المواد الحافظة المستخدمة في المشروبات الغازية، حيث تعتبر المشروبات المحتوية على ثاني أكسيد الكربون ذات قدرة أفضل على مقاومة الفساد الميكروبي مقارنة مع المشروبات الخالية منه.
وأخيرا يجب الإشارة إلى الدور الذي يلعبه غاز ثاني أكسيد الكربون كمادة مضادة للأكسدة وذلك نتيجة كونه يحل مكان الأكسجين الذي يعتبر من أهم العوامل المسببة للأكسدة، لذا فإنه يستخدم في تعبئة منتجات الدهون والألبان وغيرها من المنتجات الحساسة للأكسدة