**تظل المتناقضات والمتقابلات في ظواهر الحياة.. كلما نجح الإنسان في حل لغز أو فك شفرة.. مثقلا بهاجس كيف يواجه القادم من التحديات لا يفرح طويلا بما حققه من نصر.. ربما سيطر عليه حب الاستطلاع أو الطمع كي تتكدس في خزائن ما توصل إليه.. بالطبع إلا ذلك الجزء الخاص بالآخرين باعتباره يدرك انه حيوان اجتماعي لا يستطيع العيش وحيدا.. وان حصل ذلك عند نهاية المطاف وقبل الرحيل شكا ومن كل الحق من الوحدة والوهن والعجز وغياب الونسة.. بعد ان رحل الأبناء إلي بيوتهم وتفرغوا للاهتمام بأسرهم الصغيرة الناشئة.. وهذا حقهم لأنه إشارة البدء لتواصل الأجيال وتجديد الدماء في الأعمار والبناء وتحقيق الأحلام.
**وتبقي الأمثال والمأثورات الشعبية شاهدا محايدا علي ما حدث فيها محفزا للتغيير أو داعيا للاستسلام.. فهو مثلا يتساءل كثيرا.. عند الحيرة.. من يضع الجرس في رقبة القط.. رغم انه يعرف القط حيوانا أليفا.. وونيسا في ليالي الشتاء الباردة.. يستكين عند الأقدام هادئا.. أمام المدفأة.. ويحذر مثالا آخر من الامساك بذيل الأسد حتي لا ينتفض ويزأر عليه.. مقدمة لافتراس من يقترب منه.. وهو يعلم بأن الأسد وعائلته لا يهاجمون أحدا.. إلا في حالة الجوع فقط ويفضلون النعاس أمام الكهف وحولهم تتمدد الأنثي والأشبال يتواثبون أمام الأم.. طمعا في التدليل.
ويعرف أيضا.. بل ويري.. كيف يستطيع المدرب رجلا أو امرأة في سيرك اجبار الأسد على القفز في حلقة النيران المشتعلة أو الانصياع لأوامر أخري.. مثل الجلوس علي مقعد.. أو صعود السلالم مما يسعد المتفرجين الصغار.
وتحذر الأمثال وحكايات الجدات أيضا من مكر الثعالب.. وغدر الضباع.. ومفاجآت النمور.. ودموع التماسيح الكاذبة ولكن الانسان.. كطبيعته في الحياة والنسيان ومتاح لديه مجلدات ودراسات عن عالم الحيوان كلفت أصحابها الكثير من الوقت والخطر.. ورغم ذلك يسقط في بئر أكثر عمقا.. علي أرض الواقع عندما يسمح البعض لأنفسهم باستعارة الجانب السلبي من سلوكيات الحيوان ويحاولون من خلالها الانتشار داخل حلقات المجتمع ومناحي الحياة.. يختارونها طريقا يرونه سهلا لتحقيق الآمال والأحلام.
**وبالمقابل يتجاوز البعض مقدرته المتجددة علي ترويض الوحوش والعيش معهم.. قريبا من الأقفاص الحديدية والمناطق المفربكة.. ولا يستثمر هذه الطاقات الايجابية بداخله.. في ضبط النفس والتخلي عن اشعال الحروب والأزمات.. رغم علمه بما نبه إليه عالم السكان القديم مالتي.. عندما أشار إلي أن الحروب وسيلة لتخفيف التكدس وزحام السكان.. وتناسي ان لكل انسان دوره في الدنيا وملكته الطبيعية في الكفاح والإنجاز والبناء.. وانه إذا أحسن استثمار ما أكرمه به الله من طاقة وقدرات.. لعاش الجميع في جنة علي الأرض بشرط الحرص من وساوس النفس الأمارة بالسوء.. والقلوب العاجزة فى الحقد والدهاء.. والعقول التي تنازلت عن مهمتها.. ميزان للتصرفات السليمة والاختيارات الناجحة.. لتبحث عن وسائل التحذير والتعجيز وهدم القدرة والتي للأسف وضعها الانسان نفسه في طريق الآخرين ولكي يصل للنجاة تنير له الآيات والتعاليم والتوجيهات في كتاب الله.. القرآن الكريم.. تنير الطريق للأتقياء والمؤمنين.