عندما يهاجمك الظلم، وتشعر بثقل الحياة، تجد نفسك محاصرًا في عواصف لا هوادة فيها، مسلوب الإرادة، تقف، قوسك في يد مرتعشة، وسهمك ضعيف، تحدق في هدف بعيد المنال، يتأرجح بين الأمل والألم.
ولكن في لحظة يقين، تتجلى الحقيقة التي غابت عنك: لست أنت من يصيب، ولا أنت من يملك القوة، بل هي يد الله الممتدة في الخفاء، تأخذ سهمك وتوجهه نحو مبتغاه الذي لا مفر منه.
"وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى"
هي شهادة على عجز البشر عن تفسير المعجزات، وسر القوة الكامنة في من يجعل من المستحيل ممكنا.
إنها الآية التي تنقلنا من ضيق الأسباب إلى سعة المسبب، ومن ضعف الإنسان إلى قوة الرحمن، فتملأ القلوب اطمئنانا وتشعل اليقين في الأرواح، كما يقطع البرق السماء بقوة، يحطم الظلام ويبعث في الأرض نورا، هكذا هو سهمك حين تسلمه لله، تسعى بيدك، لكنك تعلم أن الرمية ليست ملكك، وأن الإصابة ليست من صنعك.
إنها لوحة يرسمها الإيمان، وألوانها التوكل والصبر، وإطارها رضا العبد بحكم الله.
عندما ترمي، أطلق سهمك من قلب مفعم باليقين، فالقلب المطمئن لا تهزمه الجبال ولا تهزه العواصف.
أنت لا تحتاج أكثر من نية صافية، ودعاء يعلو، وتوكل يحلق بك فوق المدى.
فالسهم الذي يحمل توقيع الله لا يضل، حتى وإن ضاقت أمامك السبل، وابتعدت عنك الأسباب.
اجعل هذه الآية نبراسا يضيء طريقك، حين تواجه معركة الحيرة، وتشتد عليك كفوف الغموض، تذكر أنك مجرد أداة في يد الخالق.
كل حركة منك مقدرة، وكل خطوة مسيرة بأمره، أنت لست وحيدا، فالله معك، يرفع عنك عبء التصويب، ويرمي عنك سهم الفرج، ليصل إلى هدف لم تكن لتحلم به.
“وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى.”
هي اليقين الذي يكسو القلوب برداء السلام، واليقين الذي يجعل من الهزيمة نصرا، ومن المحال حقيقة.
فلا تيأس، وارمِ سهمك، ودع لله أن يكمل ما عجزت عنه يداك.
@إشارة