خير اللهم اجعله خير..اهتمام علمي غير مسبوق بالصحافة وأحوالها..حالة من الزخم المدهشة واللافتة للنظر في توقيت بالغ الحساسية نظرا للظروف التي تمر بها والخطر الذي تتعرض له صناعة وحرفة الصحافة في مصر ..أخطار تهددها حتى في حقيقة وجودها وتضع مستقبلها ودورها وتاثيرها على المحك..
ليس مفاجأة القول بأن لا أحد راض عن الصحافة وأحوالها..كل أطراف العملية الاتصالية المرسل والمستقبل والقائم بالاتصال وبالتالي كان طبيعياً أن يكون رجع الصدى في غاية السوء وحالة الرضا في الحضيض ويخشى من تدهور الحالة والوصول إلى مرحلة اليأس من الشفاء ..
في ظل هذه الأجواء العاصفة تلمع بوارق تمنح بصيصا من نور نحو الامل في مستقبل أفضل..أمل قد ينتشل كل الأطراف ويحلق بها بعيدا في فضاءات رحبة لصحافة حقيقية قادرة على الفعل المؤثر في خدمة قضايا الوطن والارتقاء الحقيقي بالمجتمع ليكون المكانة اللائقة به بين الأمم المتحضرة..
في مدة زمنية لا تتجاوز الشهر أو الشهرين أمامنا ثلاث رسائل علمية في الجامعات المصرية قامت بعمليات تشريح مقطعية للصحافة وأحوالها وما يجب أن تكون عليه والأهم المطلوب للوصول إلى حالة الرضا عما يجرى على الساحة الإعلامية..
رسالتان للدكتوراة من جامعة المنصورة واحدة من كلية الآداب قدمها الكالزميل علي التركي “اقتصاديات إدارة المؤسسات الصحفية ذات المنصات المتعددة وعلاقتها بنماذج التمويل المستحدثة وحصل عليها بتقدير مرتبة الشرف الأولى.. والثانية من كلية التجارة للزميل حماد الرمحي عن التحول الرقمي في الصحافة والإعلام..
ورسالة ماجستير من كلية الإعلام جامعة القاهرة للزميلة شيماء المليجى نائب رئيس تحرير جريدة الجمهورية وعنوانها:اتجاهات الصحفيين بالمؤسسات الصحفية القومية تجاه الرقمنة وإعادة الهيكلة..وحصلت عليها بتقدير ممتاز..
من حسن الحظ ان الدارسين والباحثين الثلاثة أصحاب خبرة وتجربة صحفية متنوعة سواء في الصحافة القومية او الصحافة الحرة والمواقع الاليكترونية وهو ما يجعل لدراساتهم وصعا خاصا ورؤية اكثر عمقا وقربا للحقيقية وادراكا لمواطن الوجع والالم الصحفي..
وتبع كل هذا المؤتمر العام السادس لنقابة الصحفيين الذي اختتم أعماله منذ ايام تحت عنوان:”أوضاع الصحافة والصحفيين وتدخلات تشريعية واجبة”
مؤتمر مهم في دورة لها طبيعتها الخاصة فنقيب الصحفيين خالد البلشي جاء باختيار حر لاعضاء الجمعية العمومية ودون تدخلات تفرض شخصا ما نقيبا وكذا اعضاء المجلس وما يتمتعون به من روح حماسية ورغبة في الإصلاح بدءا من السكرتير العام الزميل جمال عبدالرحيم الى اخر عامل في النقابة وهو ما يفتح امالا عريضة لمواجهة حقيقية للتحديات والمشكلات.
سعدت بحضور مناقشة رسالة الماجستير للزميلة شيماء المليجى نائب رئيس تحرير جريدة الجمهورية وحصلت عليها بتقدير ممتاز بعد مناقشات علمية مستفيضة من أساتذة كبار في الاعلام قادها باقتدار الزميل العزيز ودفعتي في كلية اعلام القاهرة الأستاذ الدكتورعبدالجواد سعيد عميد كلية إعلام المنوفية سابقا مشرفا ومناقشا والدكتور سعيد الغريب استاذ الصحافة بأعلام القاهرة والدكتور محرز غالي استاذ الصحافة بإعلام القاهرة مشرفا..
د.عبد الجواد لفت الأنظار الى أهمية الدراسة وما توصلت اليه من نتائج معتبرة كونها نابعة من ارض الواقع ومن داخل التفاعلات الحية للعملية الصحفية وهو ما يعطيها مذاقا خاصا حيث نجحت الباحثة شيماء في ان تضع يدها على الجرح ومصادر الألم وتمكنت من الكشف عن كثير من خبايا الازمة داخل المؤسسات الصحفية من واقع الأرقام والسجلات الرسمية دون مزايدة او افتعال..
الدكتور الغريب حيا الجهد الكبير من الباحثة وقدرتها على الحوار واستطلاع راي قرابة ثلاثمائة من كبار المسئولين والقيادات الصحفية في المؤسسات المختلفة وأشار الى الأمانة والصدق في التعامل مع المشكلات وتشخيصها والاعتراف باسبابها الحقيقية والطرق المناسبة للتعامل مع الحلول الناجعة..
ونبه د.الغريب الى أهمية إعطاء مساحات اكبر من الحرية لانعاش العملية الصحفية لمنحها القوة والقدرة على العيش والمنافسة الجادة في ظل التطورات الكبيرة والتحديات التكنولوجية والتحولات الرقمية المؤثرة سواء في صناعة الصحافة او اقتصادياتها..
د. محرز كان اشد حرصا على متابعة وتسجيل اخر التطورات ورصد التداعيات المختلفة الناجمة عن عن عملية التحول الرقمي وتأثير ذلك على الهياكل الإدارية والعملية وموقف المؤسسات المختلفة ودرجة استجابتها وكذلك مدى تفاعل البيئة الصحفية من صحفيين واداريين وغيرهم مع إعادة الهيكلة ونتائجها..
أوضحت شيماء انها سعت في الدراسة إلى رصد وتوصيف وتحليل اتجاهات الصحفيين والقيادات الصحفية نحو إعادة هيكلة ورقمنة وأساليب القيادة..وكشفت عن ان الصحفيين غير راضيين عن أسلوب مؤسساتهم في تطبيق التحول الرقمي فالمؤسسات تحتاج إلى إعادة هيكلة سياساتها للاستفادة من التحول الرقمي وتطبيقاته..
وأشارت الى عدد من الصعوبات في المؤسسات اذ احتلت الصعوبات المالية الذروة في العقبات التي تقف حائلًا أمامها لانجاز التتطوير..وكذلك عدم توفير البرامج الجديدة اللازمة للتطوير مثل (الواقع الافتراضي والذكاء الاصطناعي)الى جانب عدم وجود سياسات تحفيزية تدفع العاملين بالمؤسسة لتبني التقنيات الحديثة.
في توصيات الدراسة ونتائجها حذرت الباحثة من خطورة الاعتقاد بان العاملين بالمؤسسات الصحفية يُمثلون عبئا واعتبرت ان أصحاب هذا التوجه لديهم قصور فكر لان الصحفيين في المؤسسات قوة معرفية كبيرة جداً ولابد من تطوير المهنة بشكل كبير لتواكب التطورات في الأسواق الصحفية.
وعن عمليات الدمج لبعض الإصدارات الصحفية دعت شيماء الى أن يتم ذلك بشئ من الحكمة بحيث لايؤدي إلى صدامات داخلية بين فرق عمل الإصدارات.والتأكيد على أن دمج المؤسسات القومية الكبرى لن يكون ناجحاً كما يعتقد البعض ودعت الى انشاء شركة مساهمة محلية تمتلكها الصحف القومية وأن تقدم الدولة دعما لها بحيث تحافظ على استمرارية الصحف.وأكدت ان إعادة النظر في محتوى الصحافة المطبوعة هو السبيل لبقائها..
ترى الكرة الان في ملعب من ممن يريدون اصلاحا:هل المؤسسات نفسها ام الجهات المالكة وتتحكم في الإدارة ام جهات تمويل خارجية خاصة؟!
والله المستعان..
megahedkh@hotmail.com