تمر مصر حاليا بأسوأ أزمة اقتصادية في تاريخها. خصوصا بسبب تراجع عائدات قناة السويس وهجمات الحوثيين على السفن فى البحر الأحمر وخليج عدن على واقع الحرب في قطاع غزة.
رفعت الحكومة المصرية في الشهر الحالي أسعار الوقود بنسب تراوحت ما بين 12 الى 33% وهذه الزيادة اثارت استياء شعبيا بسبب انعكاساته على أسعار المواد الغذائية وزيادة تكلفة النقل قد يدفع التضخم على مستويات اعلى.
كان يجب على الحكومة خفض أسعار الوقود أو على الأقل الإبقاء عليها وليس زيادتها خاصة في ظل تراجعها عالميا , لآن ذلك كان سيساهم في تثبيت الأسعار وكبح جماع التضخم مما يعطى الاريحية للبنك المركزي في خفض الفائدة كما كان متوقعا . والأخطر ان زيادة أسعار المحروقات أدى الى رفع معدلات التضخم هو ان الجنيه سيضعف أكثر وقد يصل الدولار الواحد الى 58 جنيها نهاية 2025.
وكانت مصر تبنت عام 2016 برنامجا اصلاحيا مع صندوق النقد الدؤلي حصلت بموجبه على قرض بقيمة 12 مليار دولار ألقى بظلاله أيضا على حياة المصريين آنذاك اذ بلغ معدل الفقر 29.27 % في عام 2020 بعدما وصل في عام 2019 الى 32,5% بحسب تقرير أصدره الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء الحكومي حول الدخل والانفاق في عام 2020 ومنذاك لم يصدر الجهاز تقارير مماثلة.
ان القرارات الاقتصادية الأخيرة أدت الى تأكل كبير في مستويات معيشة المواطنين مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية والأدوية ووسائل النقل والخدمات.
على الصعيد الاجتماعي أدى التضخم وارتفاع الأسعار غير المسبوقين الى تراجع وتدهور في مستوى معيشة المصريين الى خطوط فقر جديدة، وتكمن المشكلة الجديدة في ان التدهور يطال فئات أوسع من الطبقات الوسطى التي ينبغي أن تشكل القلب النابض لأي اقتصاد واعد ومزدهر او مقبل على الازدهار.
ومن المؤشرات على ذلك أن اعدادا متزايدة من العائلات المنتمية الى هذه الطبقة المتوسطة لم تعد قادره على تحمل دفع أقساط المدارس الخاصة لأبنائها، ومن المؤكد ان مثل هذا التراجع ينعكس سلبيا على خزينة الدولة لان الضرائب المتحصلة من الفئات الوسطى والمحدودة الدخل تشكل ثلث إيرادات الخزينة أو أكثر في البلدان النامية.
أما في البلدان الصناعية فـإن الطبقة الوسطى تساهم بأكثر من ذلك وفى تشغيل أكثر من ثلثي قوة العمل وعليه فإن وصفها بالعمود الفقري لأي اقتصاد صناعي مزدهر يأتي في محله وفى خلفية التدهور يقول المحلل السياسي د. عمار على حسن – في مقابلة مع القناة الأولى في التلفزة الالمانية ان الطبقة الوسطى تنهار وان الفقر أخذ بالازدياد وأن من يعيشون تحت خط الفقر يقارب ثلثي سكان مصر
ويرى د. عمار على حسن – ان الازمة الحالية تكمن في أن الكثير من الأموال المقترضة من المنظمات الدولية والدول الخليجية لا يتم انفاقها منذ سنوات في مشاريع إنتاجية محلية تخفف من الاعتماد على الاستيراد بل على مشاريع بنية تحتية ينطوي تنفيذها على كثير من التباهي كما ان إنجازها يتطلب المزيد من المليارات التي لم تكن في الحسبان بفعل زيادة الأسعار العالمية وتكاليف الاقتراض.
المحامى – مدير أحد البنوك الوطنية بالمحلة الكبرى سابقا