في زوايا المساء المبلل بالمطر، وقف الزمن يتأمل أثر الشيب المتسلل إلى أطراف الروح
هناك وسط الغيوم التي تعانق الأرض بقبلاتها الباردة ظهرت هي كضوء متوهج في عتمة الانتظار أنثى بشعر ذهبي طويل، يرقص مع الريح كأغنية لم تكتمل.
كانت تقترب مثل وعدٍ مؤجل، تنثر الدفء وسط القطرات المتساقطة، وأصابعها تلامس الهواء وكأنها تكتب قصة أخرى على صفحة الغيم. نظر إليها، وفي عينيه بريقٌ لم يخفت بعد، رغم آثار الزمن المنقوشة على ملامحه. كأن المطر جاء ليغسل الحنين، ويعيد إليه لون الأمل الذي ظن أنه فقده منذ زمن.
نادته بصوت يشبه ارتعاشة المطر:
لماذا تخشى الشيب؟
إنه فصلٌ آخر من رواية العمر، مثل المطر حين يأتي بعد قيظ الانتظار.
ابتسم، وهو يشعر أن في حضورها احتفاءً بالعمر، لا هروبا منه. فقيمة الأيام إنها تحمل في طياتها ضوء الذكريات، ورائحة العشق العابر حدود الزمن
وهكذا، في تلك اللحظة بين المطر والشيب والشعر الذهبي، أدرك أن بعض الفصول لا تحتاج إلى نهاية
ضحكت، فتراقصت قطرات المطر فوق كتفيها، وسكن الحنين في عينيها. كان المشهد مكتملًا، وكأن الزمن قرر أن يمنحنا تلك اللحظة الخالدة حيث المطر يعزف والشيب يتأمل، والشعر الذهبي يضيء العتمة كما لو أنه نجمة نسيت طريقها إلى السماء.