من بلاغة وعظمة لغتنا العربية المعبرة عن هويتنا وبناء شخصيتنا ما نجده من الجذر اللغوي لكلمات “التنمية. والنمو. والإنماء. والانتماء” قد جاءت من الفعل الثلاثي المجرد “نمي”.
وهذا الفعل كما يقول علم اللغة الاجتماعي مرتبط ارتباطاً تاريخياً بنمو النبات “ولأن النبات لا يعطي ثمرة إلا بعد كونه ووجوده في تربة مناسبة ومناخ ملائم يغرس بذرته إنسان يتولاه بالرعاية والسقاية فيحصد ويجني منه أحلي الثمر ..
والإنسان مثل النبات. هنا تتولاه دولته القوية بنظامها السياسي العادل الرشيد الذي يعمل علي انضباط حياة الإنسان وبذلك تقوم حضارة الوطن كما يقول علماء الحضارات “تاريخ الحضارة البشرية هو تاريخ الانضباط”.
وجاء إعلان الأمم المتحدة عام 1986 الصادر تحت عنوان “إعلان الحق في التنمية” فذكر ما يجب أن تقوم به الدول لشعوبها هو “جميع حقوق الإنسان والجماعات الأساسية متلاحمة ومترابطة ويجب إعطاء الاهتمام علي قدم المساواة لإعمال وتقرير وحماية الحقوق المدنية. والسياسية. والاقتصادية. والاجتماعية. والثقافية”.
وأتي كتاب “مصر.. الانتماء والثقة السياسية” من تأليف عالم الاجتماع د. عبدالرءوف الضبع” الصادر عن سلسلة “كتاب الجمهورية” في يوليو 2016.
وهذا الكتاب من أهم الكتب في علم الاجتماع التي ناقشت بحرية أكاديمية وأمانة علمية علاقة انتماء الإنسان المصري وكيف تتكون ثقته السياسية وبناء وتوطيد هويته التي هي في المقابل دليل علي وجوده. ومن ثم تبرز سلوكيات الأفراد كمؤشرات للتعبير عن الهوية وبالتالي الانتماء كما يقول د. الضبع في كتابه صـ 26 ثم يبين صـ 54 أهم العوامل المؤثرة في قضية الانتماء الوطني طبقاً لدراسة عملية أجراها د. الضبع علي تطلعات الشباب المصري حسب هذا الترتيب:
1- أهم العوامل هو العامل الاقتصادي.
2- وطني يمنحني فرصة عمل مناسبة يزيد انتمائي للوطن.
3- حينما لا أحتاج للواسطة والمحسوبية يزيد انتمائي للوطن.
4- حينما أشعر أن موارد وطني تعود للشعب يزيد انتمائي للوطن.
5- حينما يقل الفساد الاقتصادي يزيد انتمائي للوطن.
6- حينما أجد الخدمات المطلوبة في وطني يزيد انتمائي للوطن.
7- حينما أجد المسكن المناسب في وطني يزيد انتمائي للوطن.
8- حينما تقل الفروق بين الأغنياء والفقراء يزيد انتمائي للوطن.
9- إذا لم أستفد من موارد بلادي أشعر بغربتي.
10- الفقر والحرمان يقللان من شأني أمام أسرتي.
11- حينما يشعر الفرد بعدالة توزيع الثروة يزيد الانتماء للوطن.
ما أجمل الوطن الذي يكون “محلا للسعادة” كما قال رفاعة الطهطاوي ونحن نضيف: وما أخلد الحاكم الذي يجعل الوطن محلاً لسعادة الناس !! .