الإخبارية – سامية الفقى
اتخذت مهنة المسحراتي بعدا فنيا فى العصر الحيث على يد الشاعر فؤاد حداد والموسيقار سيد مكاوي ، وفي عام 1964 انطلق مسحراتي الإذاعة ، ومع انتشار التلفزيون أبدع “مكاوي” في مزج فن التسحير بالوعظ والإنشاد في حب الوطن.
حيث كان ولا يزال “المسحراتي” من أهم مكونات الثقافة الرمضانية والشخصيات التاريخية التي أحبها المصريون، فكان شهر رمضان مرتبطا بنداء المسحراتي منذ الليلة الأولى، ولكن الآن ومع تطور المجتمع، تراجعت الحاجة إليه؛ لكثرة وتنوع وسائل “التسحير”، ولم يعد المسلمون اليوم في حاجة للمسحراتي لإيقاظهم للسحور فحسب، ولكن ﻻستنهاض الهمم، والتحلي بروح وأخلاق رمضان، وتأليف القلوب، ومواجهة التحديات، واستعادة مجد اﻻجداد.
“اصح يا نايم وحد الدايم .. رمضان كريم”.. كانت تلك الجملة التى يتميز بها أشهر شخصية فى رمضان، وهو “المسحراتى” ، حيث يقوم بإيقاظ المسلمين في ليل شهر رمضان لتناول وجبة السحور.
والبداية فى مهمة المسحراتى يرجع الى عهد الرسول صلى الله عليه الصلاة والسلام ، فقد كان بلال بن رباح أول مؤذن في الإسلام، وابن أم كلثوم ، يقومان بمهمة إيقاظ المسلمين للسحور.، فبلال كان يؤذّن اﻵذان الأول فيتناولوا السحور، وابن أم كلثوم يؤذن بعد ذلك اﻵذان الثاني فيمتنعوا عن تناول الطعام.
كما يعتبر أول من أيقظ المسلمين على الطّبلة هم المصريون، أما أهل بعض البلاد العربية كاليمن والمغرب فقد كانوا يدقون الأبواب بالنبابيت، وأهل الشام كانوا يطوفون على البيوت ويعزفون على العيدان والطنابير وينشدون أناشيد خاصة برمضان.
ويمثل المسحراتي صورة لا يكتمل شهر رمضان بدونها، فهو يرتبط ارتباطا وثيقا بالتقاليد الشعبية الرمضانية، فقبل الإمساك بساعتين يبدأ المسحراتي جولته الليلية في القرى والمدن والأحياء الشعبية موقظا أهاليها.
ويقول المؤرخون إن “عتبة بن اسحاق” والي مصر عام 238هـ ، هو أول من قام بمهنة “المسحراتى” بشكلها الموجود حتى عصرنا هذا، حيث لاحظ أن الناس لا ينتبهون الي وقت السحور، ولا يوجد من يقوم بهذه المهمة آنذاك، فتطوع هو بنفسه لهذه المهمة؛ فكان يطوف شوارع القاهرة ليلا لإيقاظ أهلها وقت السحور، وكان يطوف علي قدميه سيرا من مدينة العسكر بالفسطاط إلى جامع عمرو بن العاص وكان ينادي في طريقه للسحور “عباد الله تسحروا فإن في السحور بركة”.
وفي عصر الدولة الفاطمية أصدر الحاكم بأمر الله الفاطمي أمرا لجنوده بأن يمروا علي البيوت ويدقوا علي الأبواب بهدف إيقاظ النائمين للسحور، ومع مرور الوقت تم تخصيص رجل للقيام بمهمة المسحراتي كان ينادي: “يا أهل الله قوموا تسحروا”، ويدق علي أبواب المنازل بعصا كان يحملها في يده، واستخدم بعضهم كلمة “وحدوه”، او عبارة “يا فلان؛ يقصد صاحب المنزل: وحدوا الله.. فإذا رد صاحب المنزل قائلا.. “ﻻ إله إﻻ الله”، فهم المسحراتي، انه استيقظ للسحور، فينادي على غيره، وهكذا.
وتطورت بعد ذلك ظاهرة “التسحير” علي يد أهل مصر، حيث ابتكروا الطبلة ليحملها المسحراتي ليدق عليها بدلا من استخدام العصا، هذه الطبلة كانت تسمي “بازة” وهي صغيرة الحجم يدق عليها المسحراتي دقات منتظمة، ثم تطورت مظاهر المهنة فاستعان المسحراتي بالطبلة الكبيرة التي يدق عليها أثناء تجوله بالأحياء وهو يشدو بأشعار شعبية وزجل خاص بهذه المناسبة، تم تطور الأمر الي عدة أشخاص معهم طبل بلدي وصاجات برئاسة المسحراتي، ويقومون بغناء أغان خفيفة حيث شارك المسحراتي الشعراء في تأليف الأغاني التي ينادون بها كل ليلة.