الإخبارية – مسقط – وكالات
يأتي توجه السلطان قابوس والرئيس شين جينبينج رئيس جمهورية الصين الشعبية، بإقامة شراكة استراتيجية بين البلدين، وذلك بمناسبة مرور أربعين عاما على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين السلطنة وجمهورية الصين الشعبية في مثل ذلك اليوم من عام 1978.
ومما لا شك فيه أن الانتقال بالعلاقات العمانية الصينية إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، هو نقلة كبيرة، لا نبالغ أن نصفها بأنها نوعية، في العلاقات الطيبة والمتنامية والمتسعة بين السلطنة وجمهورية الصين الشعبية، والتي سارت بخطى وثيقة ومطردة لتحقيق كل ما يمكن من المصالح المشتركة والمتبادلة بين الدولتين والشعبين الصديقين في مختلف المجالات، ودون هزات، أو أزمات، أو خلافات ما أو على أي مستوى على امتداد الأربعين عاما الماضية.
وليس من المصادفة في شيء أن يشير البيان المشترك للبلدين إلى تعزز الثقة السياسية المتبادلة باستمرار، وترسخ الصداقة التاريخية باطراد، وإلى الإنجازات المثمرة للتعاون بين البلدين والآفاق الواسعة له أيضا. وإلى التقييم عاليا، من جانب السلطان قابوس والرئيس الصيني، لتطور العلاقات الثنائية، وإلى الرغبة المشتركة في مواصلة رفع مستواها، ومن ثم قرار الزعيمين إقامة الشراكة الاستراتيجية بين البلدين الصديقين .
وإذا كانت العلاقات بين السلطنة وجمهورية الصين الشعبية تتسم بأنها علاقات تاريخية، ممتدة ومتواصلة منذ قرون، ولا تزال آثارها قائمة حتى اليوم ، فإن الدولتين الصديقتين استطاعتا منذ أواخر سبعينات القرن الماضي إرساء علاقاتهما على مبادئ واضحة ومحددة وموضع احترام والتزام دوما وفي كل الظروف، وهو ما أفسح المجال واسعا أمام التقاء وجهات النظر بين السلطنة وجمهورية الصين الشعبية حول العديد من القضايا والتطورات، في المنطقة والعالم، وخاصة التقاء الدولتين على العمل والحرص على تحقيق السلام وحل المشكلات، خاصة في المنطقة، عبر الحوار والطرق السلمية .
وفي الوقت الذي تضمن فيه البيان المشترك أولويات التعاون بين الدولتين الصديقتين والإطار الذي تتم فيه أيضا، والمجالات العديدة التي ترغب الدولتان الصديقتان في العمل المشترك فيها بشكل أو بآخر ، فإنه من الأهمية بمكان التأكيد على أن الشراكة الاستراتيجية بين السلطنة وجمهورية الصين الشعبية، تقدم في الواقع نموذجا ناضجا وواسع الأفق ومسؤولا أيضا، لما يمكن أن تكون عليه، وتؤول إليه العلاقات بين الدول عندما تستند إلى أسس وركائز واضحة وثقة متبادلة ورغبة صادقة في تحقيق المصالح المشتركة والمتبادلة، وهو ما أكدت عليه العلاقات العمانية الصينية على مدى الأربعين عاما الماضية، وتؤكد عليه اليوم وغدا أيضا في ظل الشراكة الاستراتيجية بينهما، وهي شراكة لا تهتم فقط بالعلاقات والمصالح الثنائية، ولكنها تهتم كذلك بمصالح وأمن واستقرار دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية وبعلاقاتها المتنامية مع جمهورية الصين الشعبية .
جدير بالذكر إن المستوى الجديد للعلاقات العمانية الصينية، جعل من السلطنة شريك التعاون في بناء مبادرة « الحزام والطريق » الصينيين والتي تدعمها السلطنة، وهو ما يفتح آفاقا واسعة للعديد من مجالات التعاون لتحقيق المزيد من الازدهار للشعبين العماني والصيني، وفي النهاية فإن هذا التطور الحيوي يعبر عن ديناميكية الدبلوماسية العمانية والتقدير العالمي الرفيع لجلالة السلطان المعظم ولسياساته ومواقفه الحكيمة، ولدور السلطنة من أجل السلام في المنطقة.